العدد 4505
السبت 13 فبراير 2021
banner
لوعة الغياب
السبت 13 فبراير 2021

العام الفائت 2020 هو عام كارثي بامتياز، هو عام الحزن، فقد أبى أن يرحل دون أن يأخذ معه خيرة من الرجال الشرفاء وأنقى الناس وأجملهم الذين تركوا بصماتهم جليّة على كل الأصعدة والميادين وكانت إسهاماتهم لا تخطئها العين، ورغم أنّ وطننا العزيز يزخر بكفاءات يصعب حصرها في هذه المساحة إلا أن بعضا من هؤلاء كانت منجزاتهم شاهدة على عظيم ما سطروه.

نتذكر من هؤلاء المهندس “محمد العمران” كواحد من الكفاءات البحرينية، وكان التحاقه بوزارة الإسكان في سنوات تأسيسها الأولى، غادرنا بصمت بعد سنوات من العطاء الذي لم يعرف الحدود في الميادين الخيرية والمجتمعية والإنسانية، رحل بعد مسيرة حافلة بالبذل وترك بصماته في مجال تخصصه المعماري بموازاة عمله الدؤوب في العمل الخيري والإنساني. كان إنسانا صاحب مناقبية عالية، متواضعا في مسلكه وتصرفاته وما أجمل أن يتحلى الإنسان بهذا، كما أنه كرس جل وقته حتى آخر رمق من حياته دون تعب أو ملل لخدمة المحتاجين من الأسر المتعففة، وفي ذات الوقت كان الزهد سمة متأصلة فيه لم يحد عنها، فرغم إصرار الكثيرين عليه بخوض المعترك النيابيّ لكنه كان يقابل كل تلك العروض بالرفض وكأنه يقول “اتركوني أمارس حياتي في ميداني الذي أحبّ، العمل الاجتماعي الإنسانيّ.. لا تحرجوني شكرا لكم”.

إنّ بعض الناس مهما تقادم غيابهم إلاّ أنهم يظلون كالأيقونة الخالدة في الذاكرة، ولعل أجمل ما يتركه الإنسان بعد غيابه هو الذكريات الجميلة في قلوب من أحبهم وعاشرهم، وما أروع أن تكون حياة الإنسان عابقة بالمحبة والأخوة، فالحياة رغم امتدادها إلاّ أنها تبقى قصيرة بحساب الزمن، لذا فلا أنبل من أن يملأها الإنسان بجلالئل الأعمال.

يبقى القول إنّ الموت قد يكون نهاية لمرحلة عابرة لكنه بكل تأكيد بداية لحياة أخرى هي الحياة الحقيقية. كانت لأحد الحكماء مقولة مفادها “اننا بالموت نتخلص من سجن الجسد، أما الروح فإنّها تحلق في عالمها الآخر العالم الرحب”، ما أعظم أن يصنع الإنسان بعد الموت ذكرا على فم الأيام.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية