يقترب تدفق العمالة الوافدة في مملكة البحرين إلى (26 %) وفق منظمة الهجرة العالمية التي أشارت في آخر إحصائياتها إلى تنامي أعداد هذه العمالة – خصوصا الآسيوية غير الماهرة - المتسارع بالنسبة لإجمالي عدد السكان، ووصولها إلى (51٫4 %) حسب إحصاءات سالفة بعد تنامي الحاجة لها في تحريك الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع التنمية والبُنى التحتية ومتطلبات الاقتصاد المختلفة، غير أنّه وعلى الرغم من آثارها الإيجابية وإسهاماتها الفعّالة في النهوض بالمشاريع وإشباعها حاجة سوق العمل البحريني آنذاك بالخبرات المؤهلة في مختلف المجالات، إلا أنّها باتت في الآونة الأخيرة مكمنَ خطر يُهدد تماسك أركان مجتمعاتنا ويُبقي من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية عبئاً ثقيلاً أدخل عليها أنماطاً مُستهجنة من أفكارها الهدّامة، وهاجساً مُؤرقاً أشبعها بأنواع مهترئة من سلوكياتها الشاذة التي ما برِحت آثارُها مجتمعة "تنخر" في مفاصل المجتمع بأكمله، حتى باتت – هذه العمالة - تُحارب المواطن في لقمة عيشه "جهاراً نهاراً" بعد انتشارها المريب في "تكتّلات" تحتشد وسط الأحياء السكنية المكتظة لتبيع الخضار والفاكهة والثياب وما شابه من ناحية، ومن ناحية أخرى تواجدها في مجموعات استحكمت قطاعات البناء والتشييد والمقاولات في القرى وأطراف الأحياء، فضلاً عن مزاحمتها المواطنين في أعمالهم عبر استخدام مركباتهم الخاصة كسيارات نقل وأجرة.
السيارة التي تعلو سقفها لافتة صفراء مضيئة وتظهر على جانبيها كلمة "تاكسي" و"للأجرة" من أجل التسهيل على الجمهور وتمييز هذه السيارة في زحام الشوارع والطرقات؛ تبدو واحدة من ضحايا تلك العمالة غير المرخصة التي يلتزم مالكها البحريني بتحمّل كامل المسؤولية أمام الجهات الرسمية بعد "ترخيصه" استخدامها كوسيلة مواصلات عامة لنقل فرد أو مجموعة صغيرة من الأفراد وإيصالهم إلى مقصد محدد يختارونه، هذا الترخيص الذي يتحمّل فيه سائق الأجرة البحريني تكاليف شراء اللوحات الخاصة من أجل قوت يومه؛ تُواجهه سوق سوداء في وضح النهار، أبطالها أولئك السوّاق الآسيويون بسياراتهم الخاصة أو المستأجرة في مسرح شاسع يظهر أكثر وضوحاً عند مداخل المجمعات التجارية وأمام الفنادق والشقق السكنية وفي مواقف المطار، وحتى عند الإشارات الضوئية ومحطات التّوقف المتكرر وفق ما أشار إليه سُوّاق أجرة بحرينيون قَضَوا سني عمرهم في هذه المهنة كمصدر دخل وحيد لهم دون تأمين فيها أو تقاعد بعدها! بعد أنْ أكدوا في ذات الوقت مناشداتهم المستمرة للجهات المعنية بضرورة التطبيق الحازم للقانون والقيام بحملات التفتيش الصارمة لهؤلاء الذين يعقبوا أعمالهم الصباحية بالعمل في سياراتهم الخاصة بالمساء وأيام الإجازات والعطل لنقل الركاب بأقلّ التكاليف دون أدنى ضوابط للسلامة المطلوبة أو الالتزام بالقوانين المرورية المتعارفة.
نافلة:
إذا ما صدرت التوجيهات عن هيئة البحرين للسياحة والمعارض التي دار الحديث عنها مؤخراً من لدن جمعية سوّاق سيارات النقل العام وتقضي بإلزام إدارات الفنادق المحلية طلب سوّاق سيارات الأجرة المعتمدين من قبل الإدارة العامة للمرور لخدمة زبائنها في التوصيـل والتنقل ذهاباً وإياباً، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الإدارة العامة للمرور في تعقّب ورصد السوّاق غير المرخصين في كل طرق وشوارع المملكة؛ تُتوج – بلا ريب - إنجازاً وطنياً فريداً بعد أنْ تظل محلّ اعتزاز المواطنين بنفاذ القانون الذي يحفظ لقمة العيش للكثير من العوائل، وبالأخصّ سُوّاق سيارات الأجرة الأهلية الذين يتأملون تشديد الرقابة وتكثيف الحملات ومواصلة التّصدي للعمالة الآسيوية غير المرخصة بنصوص القانون والعقوبات الرادعة.