العدد 4450
الأحد 20 ديسمبر 2020
banner
التعليم العالي ( 2 من 4)
الأحد 20 ديسمبر 2020

أعرف أن التعليم العالي خاصة الجامعي منه يحتاج إلى بعض المراجعات، ليس لعجز منظومة “ما” على إدارة مكنونات هذا القطاع، وليس لأن التحديات أكبر من الإمكانات، إنما لأن لوغاريتمية الوقت تحتاج منا دائمًا إلى فك شفرة المعادلات الصعبة كلما لاح في الأفق بصيص أمل، وكلما برز أمامنا وضوح التحدي.


جامعاتنا الخاصة تحديدًا، بتحديد أكثر تلك التي تجتاز تزكيات الجودة المؤسسية والبرامجية والمنهجية، هذه الجامعات تحتاج إلى المساندة من صناع القرار في تلك المنظومة، للمساهمة معها في الأخذ بيدها لجذب أعداد أكبر من الطلبة والطالبات، إلى تسويق الاعتمادية التي تحصل عليها من أجل جذب الطلاب من الدول الشقيقة المجاورة، بالكتابة إلى منظومات التعليم العالي في هذه الدول وتوضيح الموقف الحقيقي لجامعاتنا من الجودة والاعتمادية والاعتراف الأكاديمي من الهيئات الإقليمية والدولية المعتبرة، بضخ عدد متساوٍ من الطلبة وتوزيعها حسب إمكاناتها وقدراتها الأكاديمية حتى لا تتراجع أمام تحد التكلفة الباهظة ولا تعجز عن الاستمرار في المسيرة وتكون النهاية نتائج لا تحقق الطموحات، ومصائر لا ترتبط بوضع التعليم داخل المجتمع، وبأهميته القصوى لدى كل بيت وكل أسرة بل ولدى كل منظومات الأعمال في بلادنا عامة وخاصة وبين بين.


الجامعات في البحرين تحتاج إلى نظرة جديدة من صناع القرار، خاصة في ظل رؤية 2030، وفي إطار التوجه الحكومي بجعل التعليم والصحة على رأس أولويات البرامج المؤطرة، وتلك المدرجة ضمن الاستراتيجيات المستقبلية والخطط التنموية، والأهداف بعيدة المدى.


صحيح أننا ومن خلال مجلس التعليم العالي وهيئة ضمان الجودة والجهات الأخرى ذات العلاقة قد قطعنا أشواطًا بعيدة على طريق التحقق الأكاديمي، والفعل الإبداعي، والتواصل مع خدمات المجتمع، لكن الصحيح أيضًا أن عدالة توزيع الطلبة على جميع الجامعات القادرة، والمؤهلة، أصبح من الأهمية بمكان بحيث يصب في نهاية المطاف باتجاه رؤية سمو ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه بشأن إصلاح التعليم، تلك الرؤية التي انطلقت بصيرتها منذ منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، وكانت وما زالت هي الأساس الذي نستطيع أن نبني عليه، ونقيم على أعمدته الصلبة الصروح العلمية، ومنصات التنوير التعليمية، التي تضع البحرين في مركز إدارتها لمنظومة التنوير والإشعاع ليس على مستوى المملكة فحسب إنما بامتداد الدول الشقيقة المجاورة، وعلى اتساع متطلباتها المتلاحقة، وتلبيةً لحاجات أجيالها الطالعة.


إن التعليم الجامعي الخاص ونحن نحتفي هذه الأيام بأعيادنا الوطنية المجيدة وعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله ورعاه، يحتاج لإعادة نظر في مستوى التعاطي مع قضاياه، وفي وضعه ضمن حلقات صناعة القرار، وفي دوره المناط به شأنه في ذلك شأن التعليم الحكومي، وشأنه في ذلك شأن المثيل له في الدول التي سبقتنا، وفي الأمم التي نهضت بجامعاتنا، وتفوقت ببحوثها، وتقدمت الدنيا بعلمائها واختراعاتها، وليس أدل على ذلك أن الجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا هي التي تقدمت العالم كله في اكتشاف اللقاحات الناجعة التي ستقي الكون من جائحة كورونا، وأي جائحة.
يتبع...

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .