لم يكن مفاجئا لأحد ما تضمنه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من تجاوزات ومخالفات صريحة للائحة الداخلية لمجلسي الأوقاف الجعفرية والسنية، مخالفات طالت كل أقسام الإدارة ابتداء من المناقصات مرورا بالصيانة وحتى المشتريات. المتابع لما يجري بإدارة الأوقاف الجعفرية يقف على حقيقة باتت متجذرة فيها وهي تكرر المخالفات عاما بعد آخر دون أن تقدم على اتخاذ الإجراءات أو على الأقل تفاديها، وهذا ما يبعث على الاستغراب.
أشار تقرير الرقابة المالية والإدارية إلى أنّ إدارة الأوقاف الجعفرية تخالف قانون المناقصات وأنّ مشاريعها بلا دراسة، إضافة لعدم قيام الإدارة بالتخطيط المسبق للمشاريع ووضع تصور شامل للصيانة المطلوبة، أما الأدهى فإنّ الإدارة تتعاقد مع مقاولين وموردين لتنفيذ المشاريع بمبالغ تتجاوز الألف دينار بدلا من طرحها في مناقصات، وهذا يشكل مخالفة صريحة للائحة الداخلية لمجلس الأوقاف.
وقد تعودنا من الأوقاف الجعفرية فور صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ردا لا ينفي الحقائق لكنه يطلق الوعود بأن لا تتكرر تلك المخالفات، ومثال على هذا ما جاء في رد الإدارة من أنها “بدأت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي الملاحظات الواردة وتجنب تكرارها مرة أخرى”، وفيما يتعلق بالتخطيط المسبق للمشاريع وتأهيل الموردين فإنّ “الإدارة بصدد إجراء دراسة من الناحية الفنية والتكلفة التقديرية للمشاريع”، أما الذي لم يتطرق إليه الرد فهو التنصل من الأخطاء والمتسببين فيها.
ولا تقف المخالفات عند هذا الحد، لكن الإدارة “تمرر المدفوعات دون الأخذ في الاعتبار تقرير مشرف المشروع” وبالطبع ليس لدى المسؤولين في الأوقاف أي رد منطقي سوى أنها “ستقوم بتعزيز الرقابة على المقاولين بصورة فاعلة ومستمرة وعمل خطة طوارئ خاصة بأعمال الطوارئ”! ويبقى القول إنّ الإدارة غالبا ما تطلق الوعود بإقامة المشاريع وهذه نقطة سبقت الإشارة لها مرارا، لكن المعضلة أنّ الكثير من هذه الوعود لا تجد طريقها إلى التنفيذ رغم توافر الإمكانات المادية، أي أنّ تلك المشاريع مجرد حبر على ورق.
أعتقد أنّ المطلوب من الإدارة أولا وبلا إبطاء وعلى وجه السرعة محاسبة المقصرين والمخالفين للائحة الداخلية لمجلس الأوقاف.