لقيت الآلية الجديدة التي أعلنتها هيئة تنظيم سوق العمل في نهاية يوليو الماضي المتمثلة بنشر إعلانات شواغر التوظيف من المؤسسات الخاصة ترحيبا واسعا من قبل المواطنين، وكانت تهدف أساسا لأن تتاح الفرصة للمواطنين الراغبين بالحصول على الوظائف أولا، لكن من يرصد الشواغر الوظيفية المعلنة من قبل الشركات والمؤسسات الخاصة فإنّ الملاحظة التي لا تخطئها العين أنها تقتصر على وظائف محددة كفنيي صيانة وطباخين وصانعي مثلجات وكيك ومقدمي أطعمة ومشروبات بالكافيهات، إضافة إلى عمال بالمطاعم وموظفي استقبال بالفنادق.
بالطبع مثل هذه الوظائف مرحب بها ومطلوبة لفئة من المواطنين هم بأمس الحاجة إليها، لكن الملاحظة أنها تخلو تماما من تخصصات المحاسبة على سبيل المثال، وهذا التخصص تحديدا للأكثرية الساحقة من الخريجين البحرينيين، وبين هؤلاء من يتمتعون بالخبرة التي تتطلبها وظيفة المحاسب.
المفارقة هنا أنّ وظائف المحاسبة في الشركات والمؤسسات الخاصة تشغلها لبالغ الأسف أعداد لا حصر لها من الأجانب ولا تتطلب هذه المعضلة عناء كبيرا في الوقوف على حجمها، فيكفي إلقاء نظرة على موظفي شركات الصرافة والتدقيق المالي سواء في مقار الشركات الرئيسية أو الفروع في المجمعات التجارية المنتشرة في كل أنحاء المملكة، والتساؤل الذي يرد في الذهن أليس المواطن أجدر بهذه الوظائف؟ وإلى متى يحتلها الأجنبي؟
يبدو جليا أنّ مؤسسات القطاع الخاص تمارس سياسة التهرب من توظيف المواطن البحرينيّ، بل تمارس التفافا صريحا على المبادرة المعلنة من هيئة تنظيم سوق العمل، ولسنا بحاجة إلى التذكير بأنّ مجلس الوزراء الموقر كان قد أعلن قبل سنوات أنّ الأولوية للتوظيف يجب أن تكون للمواطن البحريني.
قبيل سنوات اتفقت وزارة العمل مع مكاتب التوظيف والشركات الاستشارية التي تقدم خدمات التوظيف على إدخال شواغرهم في بنك الشواغر بالوزارة، وبدورها تقوم الوزارة بترشيح الباحثين عن عمل المناسبين لها، وتقوم الوزارة بتفعيل فرق التسويق ضمن برنامج أسبوعي لزيارة تلك المنشآت للإسهام بتوظيف العاطلين، وسؤالنا هل مازالت تلك الفرق تمارس مهماتها أم توقفت؟ إنّ وظائف مثل “صانع مثلجات” وغيرها ليست الوظائف التي ينتظرها حملة المؤهلات الجامعية ولابد أن تشمل الشواغر جميع التخصصات.