+A
A-

وداعاً قائد الإنسانية

 

لم يكن غريباً ذلك الحدث غير المسبوق، اختيار الأمم المتحدة لدولة الكويت مركزاً للعمل الإنساني وتكريم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد بتسميته قائداً للعمل الانساني، في التاسع من سبتمبر 2014، ولا كان مفاجئاً، تكريم مجموعة البنك الدولي لسمو الأمير في التاسع والعشرين من أبريل 2019.

فكل ذلك، تكريم مستَحَق لمسيرة الخير الكويتية الطويلة، التي انطلقت في منتصف القرن الماضي، بمدّ يد العون الى الأشقاء في امارات الخليج العربي، ليتدفقَ عطاؤُها السخي ويصلَ الى الفقراء والمنكوبين في كل انحاء العالم.

تلبية نداء الواجب عندما تولى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وزارة الخارجية عام 1963، أصبح رئيسًا للجنة الدائمة لمساعدات الخليج العربي، وامتدّ عمل اللجنة إلى اليمن وسلطنة عمان وجنوب السودان.

وبحلول العام 1969 كان للكويت في الإمارات 43 مدرسة تضم نحو 850 مدرساً ومدرسة تدفع الكويت رواتبهم، وتتكفّل بمصاريف المدارس بما فيها الوجبات الغذائية للطلاب.

وعندما تولى سموه وزارة الإعلام مرة جديدة الى جانب وزارة الخارجية، حرص على إنشاء محطة للإرسال الإذاعي في الشارقة، ومحطة للإرسال التلفزيوني في دبي.

قلب الكويت الكبير مسيرة عميقة الجذور، تعهدها «صباحُ الخير»، وتدفق عطاؤُها غزيرا حين تسلّم سموه مقاليد الحكم عام 2006، فكانت الكويت ولا تزال سباقة الى مساعدة الدول الفقيرة وإغاثة المنكوبين.

كان قلب الكويت دائما أكبر من الأزمات والفقر والأوبئة، كما قال الامين العام السابق لمنظمة الامم المتحدة بان كي مون.

وكان لسمو الأمير دور ريادي في دعم التنمية على مستوى العالم بالمساعدات التي تقدمها الكويت وتستفيد منها أكثر من 100 دولة، كما اكد البنك الدولي.

فقد توالت مبادرات سموه التنموية والإنسانية، وتتابعت قوافل الاغاثة الكويتية لضحايا الحروب والكوارث الطبيعية في كل مكان.

ففي مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة في العالم أنشأت دولة الكويت عام 2008 صندوق الحياة الكريمة، وساهمت في رأسماله بمائة مليون دولار لمواجهة الانعكاسات السلبية لأزمة الغذاء العالمية على الدول الأقل نمواً.

وفي عام 2009، استضافت الكويت مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ليطلق سمو الامير مبادرة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجعيها، برأسمال قدره مليارا دولار، ويأمر بتقديم 500 مليون دولار لتفعيل انطلاقة هذه المبادرة.

وخلال القمة تبرع سموه بمبلغ 34 مليون دولار لتغطية احتياجات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". وتلبية لنداء الواجب.

حرصت الكويت على استضافة مؤتمرا للمانحين من أجل إعمار شرق السودان، في مطلع ديسمبر 2010 ، معلنة مساهمتها في الإعمار بمبلغ 500 مليون دولار أميركي، لتنفيذ مشاريع بنى تحتية وخدمات.

وحظيت القارة الافريقية باهتمام الكويت فأعلن سموه في عام 2012 في مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي عن تبرع دولة الكويت بتكاليف تجهيز المقر الجديد للمفوضية العامة للاتحاد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بكل مستلزماته.

وفي العام نفسه دعا سموه الدول الأعضاء في حوار التعاون الآسيوي الى حشد موارد مالية بمقدار ملياري دولار في برنامج لتمويل مشاريع انمائية في الدول الآسيوية غير العربية، معلناً تبرّع دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لذلك البرنامج.

وبعد اندلاع الحرب في سوريا، أخذت الكويت على عاتقها حشد الدعم الدولي للشعب السوري الذي يمر بأقسى أزمة إنسانية يشهدها العالم منذ عقود، فاستضافت المؤتمر الدولي الأول لمانحي سورية في يناير 2013 ، حيث أعلن سمو الأمير مساهمةِ دولةِ الكويتِ بمبلغ 300 مليون دولار أمريكي لدعمِ الوضعِ الإنساني للشعبِ الشقيق.

وفي ذلك العام اعلن سموه في القمة العربية الأفريقية الثالثة ان الصندوق الكويتي للتنمية سيقدم قُروضا مُيسرة للدولِ الأفريقيةِ بمبلغ مليار دولار على مدى خمس سنوات.

الشعب السوري بقي محطّ اهتمام الكويت التي استضافت في عامي 2014 و 2015 المؤتمرين الدوليين الثاني والثالث لدعم الوضع الانساني للشعب الشقيق، وتبرّعت بمبلغ 500 مليون دولار أميركي في كل منهما.

حتى ان رئيسة وزراء النرويج قالت إن الأمير نجح في خلق حشد دولي كبير، وجعلَ قضية اللاجئين محل اهتمام مختلف الدول والمنظمات الدولية.

وفي المؤتمر الرابع لمانحي سورية الذي عقد في لندن عام 2016 أعلن سمو الامير عن مساهمة رسمية وشعبية في دعم الشعب السوري بمبلغ 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات.

وفي ذلك العام اعلن سموه عن قيام الأجهزة الإستثمارية الكويتية بتوجيه أربعة مليارات دولار أمريكي من إستثماراتها الى قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة.

وانطلاقاً من التزامها بدعم الأشقاء في العراق، استضافت الكويت عام 2018 مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار العراق، وأعلن سمو الأمير عن تقديم قروض الى العراق بقيمة مليار دولار، بالاضافة الى استثمار مليار دولار في البلد الشقيق.

وفي اطار حرصها المتزايد على دعم المنظمات الدولية، واسهامها في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ على المستويين المحلي والدولي، تبرّعت الكويت بأربعين مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، دعماً لجهودها البناءة في مكافحة الجائحة.

عونٌ لأكثر من مئة دولة ويواصل الصندوق الكويتي للتنمية منذ إنشائه عام 1961، تقديم القروض الميسرة والمساعدات الفنية الى الدول المحتاجة.

وقد بلغ إجمالي ما قدم الصندوق من قروض خلال مسيرته 6442 مليون دينار كويتي، استفادت منها 107 دول.

وبالتوازي، تواصل الجمعيات الخيرية الكويتية واللجان الشعبية جمع التبرعات لتقديم الدعم للمشاريع الإنسانية في آسيا وأفريقيا بمبادرات شعبية تجسد القيم الكويتية الأصيلة.

كانت الكويت وستبقى مركزا للعمل الانساني، انطلاقا من قيمها الراسخة ومبادئها السامية، وتنفيذا لسياستها الخارجية التي أرسى دعائمها سمو الأمير فكان قائدا للعمل الإنساني بكل جدارة واستحقاق.

وكما قال سموه يوم تكريمه: «أنه تكريم لأهل الكويت وتقدير لمسيرتهم الخيرة في البذل والعطاء الممتدة منذ القدم والتي ستظل مستمرة».