العدد 4364
الجمعة 25 سبتمبر 2020
banner
التعـليم الرقمي (1)
الجمعة 25 سبتمبر 2020

أعلن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد لدى حضوره النسخة الثامنة لـ "مهرجان البحرين أولا" في 2014م عن مشروع "التمكين الرقمي في التعليم" اعتبارًا من عام 2015م، بهدف تطوير التعليم في البحرين وتحويله إلى تعليم رقمي، وتطوير المناهج التعليمية ومخرجات التعليم بما يخدم توجهات واحتياجات سوق العمل. وهو أحد متطلبات تحقيق مجتمع المعرفة ولمواكبة تطورات العصر وتحديات المستقبل وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة.

ويهدف المشروع إلى تعزيز التعليم الإلكتروني وإكساب الطلبة القدرة على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم، بناء الكفاءات الوطنية القادرة على إنتاج المحتوى التعليمي الرقمي وعلى الإبداع والابتكار، ولتحقيق ذلك باشرت الوزارة العمل على إنشاء عدد من التجهيزات والمعلومات الإلكترونية بالتعاون مع عدد من الشركات والخبراء المتخصصين، بجانب الاطلاع على التجارب الخليجية والعربية والأجنبية والاستفادة من نتائجها.

وعربيًا، انطلق مشروع نشر التعليم الرقمي في الأقطار العربية في الأول من ديسمبر 2007م، ومن أهدافه تطوير التعليم الرقمي والارتقاء بمستوى العمل والمسؤولية الاجتماعية، وجعل تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أدوات التعليم، وتوزيع أجهزة حاسوب محمولة على طلاب المدارس، وتدريب المعلمين والمعلمات على أحدث وسائل التعليم الرقمي وتطوير مناهج التعليم باللغة العربية، وتشجيع التعاون بين الشركات العالمية والمنظمات غير الحكومية في مجالات تطوير التعليم، كما يهدف إلى الارتقاء بالجهود التعليمية في الأقطار العربية لتواكب التطورات ومتطلبات العصر وسد الفجوة الرقمية في الأقطار العربية ليكون للوطن العربي وجود حقيقي في شبكة الإنترنت وفي صناعة المعلوماتية.

وفي 10 مارس 2009م تم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع بقيام "مؤسسة الفكر العربي" بالتّعاون مع "شركة إنتل العالمية" بتقديم (560) حاسوباً وُزعت على تسع مدارس رسمية لبنانية، وقامت خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2008م بتدريب أساتذة هذه المدارس على تقنية دمج التكنولوجيا في المناهج التربوية. وللتعليم الرقمي العديد من الفوائد، نذكر منها أنه يرفع من كفاءة الموقف التعليمي، ويزيد مستوى تحصيل المتعلمين، ويُعزز جوانب التفاعل الصفي، ويرفع الخبرة التعليمية ويجعل التعليم عملية مستمرة. كما أنه يُساعد على مواجهة تحديات المدارس في زيادة نسبة غياب الطلبة والتسرب الدراسي ويسهم في تقليل الهدر من الموارد، ويُوفر نظام متابعة دقيق لمستوى تقدم الطلبة ويُنمي مهاراتهم في التعلم المستقبلي، ويُؤدي أيضًا لتكوين منظومة تعليمية متطورة تتوافق مع تطورات العصر. والتعليم الرقمي هو... التعليم الذي يُحقق فورية الاتصال بين الطلبة والمدرسين إلكترونيًا من خلال الشبكة الإلكترونية، حيث تصبح المدرسة أو الكلية مؤسسة شبكية، وهو من المجالات الرئيسة في تطبيق برنامج التمكين الرقمي، وقد حرصت وزارة التربية والتعليم على توفير المحتوى التعليمي الرقمي للمناهج الدراسية، والعمل على إكساب المعلمين والطلبة والاختصاصيين مهارات تصميم هذا المحتوى وفقا للمعايير العالمية.

ويحتاج التعليم الرقمي إلى ــ بناء موقع على الإنترنت، وتحديد البرنامج التعليمي المستهدف، وتوفير دعم فعال وفوري وسريع للطلاب، وبناء شبكة تعليمية لكل الجامعات أو المدارس، وتوحيد النماذج المستخدمة في جميع البرامج التعليمية، وتوفير أدوات التعاون والتنسيق والتكامل لتبادل المعلومات وتنميط تصميمات البيانات مثل استخدام قاعدة بيانات ميكروسوفت.

ويشمل التعليم الرقمي المكوِّن التعليمي الذي يتكون من الطلبة والأساتذة، المواد التعليمية والهيئة الإدارية، المكتبة والمختبرات، مراكز الأبحاث والامتحانات. والمكوِّن التكنولوجي ويتكون من الموقع على الإنترنت، حواسب شخصية، شبكة معلوماتية وتحويل المكوِّن التعليمي رقميًا. والمكوِّن الإداري ويتكون من أهداف التعليم الرقمي، فلسفة التعليم الرقمي، خطط وبرامج وموازنات التعليم الرقمي، الجداول الزمنية للتعليم الرقمي، واستراتيجية وأهداف الأجلين القصير والطويل، والرقابة المانعة الوقائية والتابعة العلاجية لانحرافات برامج التعليم الرقمي.    

ولابد أن تتوافر العناصر الاستراتيجية للمؤسسات التعليمية التي تهدف إلى قياس آراء الطلاب والأساتذة حول سهولة المشاركة في المعلومات، وإعداد رؤية لتكامل المكونات الرقمية للمنظومة التعليمية، والعمل على تشجيع الطلاب على الاستعداد والإعداد لتقبل التعليم الإلكتروني، والعمل على تحويل المنظومة التعليمية بالكامل إلى منظومة تعليم رقمي، والتحقق من التشغيل الاقتصادي والحقيقي لكل طاقات التعليم الرقمي، وتوفير ضمانات الوصول إلى المعلومات في التعليم الرقمي، وتوفير التأمين والأمن اللازم للمعلومات في التعليم الرقمي، وتوفير ضمانات القياس والدقة في الإدارة والجودة في الأداء في منظومة التعليم الرقمي.

ويُساهم التعليم الرقمي في دعم البحث العلمي وإحداث التطور الاجتماعي والاقتصادي والتنمية الوطنية، ويعمل على تطوير التعليم وتحويله من تعليم تقليدي إلى تعليم رقمي وهو أكثر فاعلية ودقة من الناحيتين التكنولوجية والمحتوى العلمي من خلال منصة إلكترونية للتعليم وروابط تقنية للمواد التعليمية المتميزة والحديثة التي تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي في تقييم الدروس التعليمية المتنوعة والمشوقة لجميع المراحل الدراسية.

وتأثر التعليم كباقي القطاعات التي تأثرت بجائحة الكوفيد كالصحة والاقتصاد، وساهمت هذه الجائحة بإدخال قفزة إيجابية نوعية كبيرة في العملية التعليمية وفي الكثير من المجالات الحياتية، وانتقال الكثير من الدول إلى أسلوب التعلم الرقمي الإلكتروني الافتراضي عن بُعد الذي تمكن من توسيع قاعدة الفرص التعليمية أمام الأفراد غير المقيدين بوقت أو مكان، ولا بفئة تعليمية معينة، ما نتج عنه تغير في جميع مجالات الحياة، كونه طريقة جذابة للوصول لجميع الناس.

وقد أثبتت التكنولوجيا الرقمية (التعليم الرقمي) القدرة على تعزيز فرص التعليم في ظل الأزمات والتحديات التي نجمت عن جائحة الكوفيد، وذلك بالعمل على إدخال آليات جديدة في التدريس معتمدة على الأجهزة الإلكترونية المتطورة مع المحافظة على دور المعلمين والمعلمات الأساسي في الإرشاد ومتابعة الطلبة وتنمية مهاراتهم، فالتغيير صفة مستمرة ومحرك يدفع الإنسان نحو الأفضل، وتعد التكنولوجيا الرقمية من أهم أشكال التطور التقني الحديث الذي يجب أن يستفيد منه الإنسان الآن وغدًا، حتى لا تؤثر سلبيًا الأزمات وتداعياتها على سير حياته اليومية.

وقد أحدثت كورونا صدمة عالمية مباشرة أثرت على عملية التعليم بصورة أساسية ويكمن التأثير في طريقة انتقاله بسبب التواصل المباشر في المؤسسات التعليمية بين الطلبة والهيئات التعليمية والإدارية وعن طريق ملامسة الأسطح الملوثة، ما أدى إلى اتخاذ قرار بإغلاق المؤسسات التعليمية وتأجيل الدراسة في عدد من الدول بعد أن ظهرت حالات المرض في المدارس بعد افتتاحها بأيام حتى تتغير الأحوال إلى الأفضل، بجانب هذا القرار قررت العديد من المؤسسات التعليمية العامة والخاصة الاتجاه نحو التكنولوجيا الرقمية لما لها من مميزات تعليمية ولمرونة استخدام هذا الأسلوب التقني لمختلف الظروف وقدرتها على الاتصال والتواصل.

والسير في نهج التعليم الرقمي يتطلب التركيز على استراتيجيات التعليم القائمة على التكنولوجيا وعلى مصادر المعلومات الرقمية، والتركيز على بيئات التعلم الافتراضية وتفعيل التعليم عبر الفصول الافتراضية، ويستطيع الآلاف من الطلبة تلقي تعليمهم من خلال منصات معرفية ذكية بتسخير التكنولوجيا التعليمية والموارد التعليمية والأكاديمية بعيدًا عن العوائق المكان والزمان، وسخرت وزارة التربية والتعليم إمكانياتها للسير في أسلوب التعليم الإلكتروني في مدارسها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية