العدد 4341
الأربعاء 02 سبتمبر 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
ماذا ينفع لو ربحت العالم وخسرت نفسك؟
الأربعاء 02 سبتمبر 2020

ماذا تفعل عندما ترى الجميع على خطأ؟ هل تحاول تصحيح الخطأ فتبدو خارجا عن القاعدة وحدك وتكون أنت المخطئ والبقية على صواب رغم إدراكك للخطأ جليًا؟ أم تتغافل وتتظاهر بأنك لا ترى وتتجاوز وتترك الآخرين يغرقون بخطئهم؟ قد ترى بنظر البعض أحمق، وقد تبدو مغرورًا بمعاكستك التيار، وربما بنظر البعض مجنونًا، والسؤال الذي يلح عليك.. ماذا أفعل؟

إذا كنت فردًا في أسرتك أو موظفًا بمؤسسة، أو عضوًا بتجمع ثقافي ورأيت من حولك الخطأ الفادح والجميع لا يرونه يدوسون عليه ويعبرون الطريق دون مبالاة، هل تترك أسرتك تغرق أو مؤسستك تُدمر، أو فريقك يتحطم؟ وتكتفي بالفرجة وأنت تعلم مصدر الخطأ وطريق الخروج منه، ولكن أمام موجة الجميع التي تشبه العاصفة ستظهر أحمق لو حاولت تصويب موقفهم، كيف تتصرف؟

العالم لا يسير بهذه الطريقة، وأنت لست مسؤولا عن إصلاح الجميع، وتحمل مسؤولية أخطائهم، فاتركهم يتحملون وزر ثمرة جهلهم ودع القدر يرسم طريقه معهم واعتن بنفسك... هذه طريقة، أما الطريقة الأخرى فهي: لا تحاول مبارزتهم لإظهار خطئهم ولا تفرض عليهم رأيك، ألم يرتكبوا الخطأ برؤيتهم له واعتقادهم أنهم على صواب؟ إذا اجعلهم يظنون أنهم الصح وسيكتشفون ولو بعد مئة عام كم كانوا مغفلين وأنت المُحق وساعتها فات أوان تصحيح الخطأ ودفعوا الثمن.

أما الطريق الثالث فهو الذي ستدفع فيه أنت الثمن، لو سوَّلتْ لك نفسك عبوره، وهو انخراطك في جدلٍ عقيم وضوضاء وصخب مع هؤلاء لكشف خطئهم، فقد تفقد حياتك ضغطًا أو سكرًا أو سكتة قلبية لو فعلت ذلك مع عقول صماء مثل الصخر لن تدرك ما هي عليه من صلافة بالتفكير لمجرد غرور يكتنفها بأنها على صواب، هذه المواقف نصادفها كل ساعة بمجتمعنا الصغير في الأسرة والشركة والتجمع الثقافي والسياسي، وبمجتمعنا الكبير المكون من الأحزاب والمذاهب والقبائل والطبقات التي تعتقد كل جهة أنها وحدها التي تملك الحقيقة وهي على صواب وأنت على خطأ، فانظر كيف واجه الشعب اللبناني مشاكله؟ وكيف تصرفت الطبقات السياسية والحكم بكارثة المرفأ دون أن ينتج شيء حتى الآن بعد هذه الفاجعة ومضى كل هذا الوقت دون مفعول يُذكر... اترك يا صديقي المركب أو القطار والطائرة يمضي كل بطريقه ولا تجلد نفسك، سيدرك الجميع خطأهم يومًا ما بدل أن تفقد حياتك.

 

تنويرة:

لا تجادل اثنين في وقتٍ واحد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية