تمر على الإنسان لحظات من الحماسة والاندفاع تجعله يتهور في بعض الأحيان بتصريحات ومواقف قد لا يكون مدركا عواقبها أو حتى واعيًا بمدى قدرته عليها والوفاء بها، ما يوقعه في حرج أو إيلام أمام الآخرين، وقد يمنى بخسائر من أي نوع كان جراء ذلك.
لهذا يحرص قادة الدول على التفكير جيدا والتأني قبل الإدلاء بتصريحات أو إبداء مواقف ومنح وعود لأنها تكون مرتبطة بمصير شعوب ومقدرات دول وحسابات معقدة يصعب التحكم فيها أو التنبؤ بها.
لكن يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخذته الحمية، وربما دفعته النشوة بما يتحقق لدولته الآن من مكاسب وتمدد هنا وهناك في ظل بيئة إقليمية منشغلة أكثر بأمور أخرى، وبيئة دولية مترددة ومنقسمة في التعاطي والتعامل معه، فمنح وعدًا عظيمًا بقوله إن “أنقرة ستحرر الأقصى”.
فمع التفاهم والتعاون القائم حاليا بين تركيا وإيران، يتبنى أردوغان ذات الخطاب الإيراني المعادي لإسرائيل القائم منذ سبعينات القرن الماضي دون أن نجد له أثرا في الواقع أو تغييرا في الحقائق أو حتى تحركًا على الأرض يوحي بتنفيذ ما تم رفعه من شعارات وما طرح من وعود براقة.
مرة أخرى نؤكد أن هذا الهدف هو أمل وأمنية كل مسلم على وجه هذه الأرض، لكن الطريق إليه وتحقيقه لن يكون عبر الأماني والشعارات، بل من خلال العمل الإسلامي المشترك والضاغط والمنظم القادر على الفعل والتأثير على المجتمع الدولي وردع المعتدي وإجبار كل المتعاونين والمتعاطفين معه على الإنصاف والحياد، والعمل معا لإعطاء كل ذي حق حقه.
إلا أن أردوغان ربما ظن في قرارة نفسه أن واشنطن التي تصمت أحيانًا وتتعاطف أحيانا أخرى مع طموحاته وتحركاته في سوريا وليبيا وغيرها ستظل على نفس الموقف عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، أو أن هذه الأخيرة قليلة الحيلة وضعيفة القوة كما هو حال الدول التي يصول ويجول فيها.