+A
A-

سياسة أميركا في سوريا.. تفاصيل خطة تطبق منذ أشهر

فشلت الولايات المتحدة الأميركية في تغيير الموقف الروسي من قضية المساعدات الانسانية إلى الشعب السوري، فيما بدت وكأنها أصيبت الأسبوع الماضي بهزيمة دبلوماسية.

إلا أن هذا الاحباط يخفي خطة أميركية أكثر تعقيداً بدأت تطبق منذ أشهر الخريف الماضي، وتقوم على منع عودة داعش الى الأراضي التي خسرها، ومنع عودة النظام السوري أيضا إلى الأراضي التي خسرها في شمال شرق البلاد.

داعش أولاً..

وفي هذا السياق، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ "العربية.نت" "إن ادارة ترمب والتحالف الدولي كانا واضحين لجهة منع داعش من إعادة تشكيل ذاته، وفي حين تمّ القضاء على الخلافة المزعومة، ما زال هناك الكثير من العمل لضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم".

كما أشار إلى أنه رغم الهزيمة "ظهر هذا العدو قادرا على إعادة انتاج قدراته وإن بشكل محدود".

يلفت هذا التصريح إلى أن تقديرات الأميركيين تشير الى أن خطر التنظيم الإرهابي ما زال موجوداً ويحتمّ عليهم متابعة العمل على الأرض في سوريا والعراق للتأكد من أن البلدين لن يعودا إلى الوقوع في مأساة ما حدث عندما انتشر داعش بسرعة فائقة على أراضيهما.

الأميركيون على الأرض

إلى ذلك، أشار المسؤول في وزارة الخارجية إلى أن التحالف يتابع نشاطه ويتابع دعم القوات الشريكة له "في العراق وسوريا من خلال مستوى عال من الاستشارات ومشاركتهم معلومات الاستخبارات، والدعم الجوي ومنحهم العتاد".

وهناك وجه آخر لهذا الحضور العسكري الأميركي، في سوريا تحديداً، يقوم على منع النظام من العودة إلى مناطق خسرها في شمال شرق سوريا.

إلا أن المسؤول اكتفى بالقول "أن مهمة القوات الأميركية في سوريا اليوم، تبقى كما كانت عليه في العام 2014 أي هزيمة داعش" وأضاف "أن عناصر القوات المسلحة الأميركية .. يعملون مع قوات محلية موثوقة بمن فيها قوات سوريا الديموقراطية في شمال الشرق ومع مغاوير الثورة في منطقة التنف".

لا حقول نفط للأسد

أما في ما يتعلق بحقول النفط، فلا يفصح الأميركيون كثيرا عنها، لكن بعض مصادر الحكومة الأميركية أكدت من قبل أن الاميركيين يستعملون منطقة التنف بشكل خاص لمراقبة حركة القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها لدى عبورها من وإلى العراق، كما أن الأميركيين يريدون منع النظام السوري من الوصول إلى حقول النفط في منطقة دير الزور، ليمنعوا بالتالي عن بشار الأسد الاستفادة من الدخل أو تمويل آلته العسكرية.

وتواجه الحكومة الأميركية معادلة أخرى في هذه القضية، وهي أن قوات سوريا الديموقراطية "تبيع الأسد" نفطاً من دير الزور، ويعتبر أكثر من مصدر خاص للعربية أن "قسد تبيع النظام كميات قليلة وتستفيد من ثمنها في تمويل ذاتها بدلاً من أن تدفع لها الحكومة الأميركية ميزانيتها".

الضغط على النظام

يبقى أن الأمر الأهم لدى الأميركيين هو متابعة الضغط الاقتصادي على النظام السوري، وفي هذا السياق قال المسؤول في الخارجية الأميركية "إن الولايات المتحدة ومجموعة العمل المصغّرة ودول مثلها حول العالم تعمل على منع الأسد من الحصول على الموارد المالية التي يستعملها في تمويل حملة العنف والتدمير التي قتلت مئات آلاف المدنيين".

وأضاف أن "العديد من التقارير تشير إلى أن الأسد ونظامه هما الآن في مرحلة انهيار".

ويراهن الأميركيون على أن العقوبات التي فرضوها على النظام السوري خصوصاً ما يتضمنه "قانون قيصر" وما سيأتي خلال الأيام والأسابيع المقبلة من تطبيقات عقوبات، سيساهم في خنق النظام ولن تتمكن روسيا القليلة المال، ولا إيران المحاصرة اقتصادياً من مساعدته مالياً، وبالتالي سيضطر النظام ورعاته لاتخاذ قرار استراتيجي بالدخول في مفاوضات جادة لتطبيق القرار الدولي 2254 والدخول في حلّ سياسي.

لا حركة تركية

كل ما يمكن ان يريده الاميركيون الآن هو أن تبقى الأوضاع الميدانية وخطوط السيطرة في مكانها. فالدخول التركي الى شمال شرق سوريا خلال الخريف الماضي تسبب بضربة للعلاقة بين الأميركيين والأكراد وقوات سوريا الديموقراطية.

وقد أوضح المسؤول الأميركي أن بلاده تتابع "العمل بشكل بناء مع تركيا على قضايا تتعلق بسوريا وتنتظر من أنقرة أن تحترم نص البيان المشترك بين نائب الرئيس الأميركي مايك بنس والرئيس التركي رجب طيب ردوغان بتاريخ 17 اكتوبر 2019 بما في ذلك وقف العمليات الهجومية في شمال شرق سوريا".

هذا التوقف التركي على أهمية عالية للأميركيين، فأهداف ادارة ترمب تتركّز على انتاج نظام جديد في سوريا وليس فقط خروج بشار الأسد من السلطة، كما تريد أن يخرج الإيرانيون وميليشياتهم من سوريا.

دور إيران السيء

أما عن الدورالإيراني، فكرّر متحدّث باسم وزارة الخارجية الاميركية لدى سؤاله عن تلك القضية قوله إن "المساهمة الايرانية الوحيدة في سوريا كانت العنف وزعزعة الاستقرار" وأضاف "لو كانت ايران قلقة على رفاهية أو سلامة الشعب السوري، لكانت دعمت المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة في ظل القرار 2254 ولسحبت الحرس الثوري وحزب الله وباقي الجماعات الإرهابية المدعومة منها وبقيادتها من كل الأراضي السورية".