+A
A-

الجائحة تدفع العراقيين لبراثن الفقر وتوقظ ذكريات مؤلمة

في حين يعاني العراق من تبعات جائحة فيروس كورونا، صحياً واقتصادياً وأمنياً، إلا أن الفيروس الغامض يوقظ أيضاً ذكريات مؤلمة في عقول العراقيين.

وروى 6 أشخاص من سكان حي الأعظمية كيف دفعت الجائحة أسرهم إلى أسوأ حالات العوز التي تعيها ذاكرتهم، حيث إن إغلاق أبواب المتاجر والبيوت عندما تحين ساعة حظر التجول يوقظ صدمات سابقة حصدت الأرواح وضيعت الأرزاق، ما بين فرق الاغتيالات الطائفية والغزو الأجنبي والخراب الذي جلبته العقوبات الدولية، بحسب تقرير موسع لوكالة "رويترز".

من جانبه، قال عبد الوهاب قاسم، عامل اليومية البالغ من العمر 46 عاما، "على مدى عامين سكنت مع صديق لتوفير الإيجار وأرسلت كل ما أحصل عليه، ربما 350 دولاراً في الشهر، لزوجتي المريضة وأطفالي في تركيا.. ومنذ الإغلاق بسبب الكورونا لا يوجد عمل. وليس بوسعي أن أقدم شيئا لأسرتي".

وتابع قائلاً إن ما يحصل عليه من دخل متواضع هو وعدد متزايد من جيرانه الذين يؤدون أعمالا يدوية من حين لآخر أو يديرون متاجر صغيرة قد تبخر، وأصبحوا يعيشون على وجبات الإفطار التي تعدها أسرة في المسجد المحلي خلال شهر رمضان.

كما أضاف قاسم "كثيرون فقدوا أعمالهم في أقل من شهرين من حظر التجول".

وحتى الآن تحاشى العراق تفشي الوباء على نحو كارثي إذ لم يسجل سوى نحو 2400 إصابة و102 حالة وفاة وفقا لبيانات وزارة الصحة الثلاثاء، لكن الإجراءات اللازمة، ومنها حظر التجول في مختلف أنحاء البلاد الساري منذ منتصف مارس/آذار مثلما هو الحال في دول كثيرة، أدت إلى توقف متاجر عن العمل وفرضت على من يعيلون أسرهم البقاء دون عمل في البيوت، الأمر الذي أضر بشدة بالطبقات الفقيرة من السكان.

ورفعت السلطات مؤخرا حظر التجول أثناء النهار لكنها أعلنت غرامات جديدة على من يخالفونه أثناء الليل، بينما شددت منظمة الصحة العالمية على أنه: على العراق مواصلة العمل بالقيود السارية.

إلى ذلك، أكد قاسم وجيرانه أنهم يخالفون الحظر حتى يتمكنوا من الحصول على وجبات الإفطار. ونظرا لإغلاق المسجد فإنهم يتجمعون للصلاة يتصافحون ثم يفطرون أمام واجهة متجر كل مساء.

أوانٍ بلاستيكية كبيرة.. ومطبخ صغير

هذا ويأكل الرجال مجتمعين في أوان بلاستيكية كبيرة، في حين، تجمع النساء علب الأرز والدجاج للعودة بها إلى البيت.

بدورها، قالت إخلاص مجيد التي تطهو الطعام في مطبخها الصغير إن عدد الأسر المحتاجة ازداد عما كان عليه الحال من قبل.

وأضافت "هؤلاء الناس ليس لهم أي دخل من الدولة. فهم يحصلون على ما يمكنهم من أجر من العمل في متاجر أو الأعمال اليدوية. وبسبب الصراع السابق توجد أسر كثيرة بلا رجال ليس لها دخل".

20 % يعيشيون في فقر

أما إسراء خليل التي لقي شقيقاها مصرعهما على أيدي فصائل مسلحة في 2006 وتوفي زوجها بعد إصابته بعدوى في الحلق منذ عدة سنوات فتعول طفليها بإعانة كانت والدتها تحصل عليها من الدولة، لكن أمها توفيت في مارس آذار وتوقف صرف الإعانة.

وقالت "لأني أرملة لا يمكنني الخروج للبحث عن عمل". وأضافت أنها تدين الآن بمبالغ مالية للمتاجر المحلية، ومنها البقال الذي قال إن دخله الآن يبلغ ربع ما كان يحصل عليه قبل ظهور الفيروس.

إلى ذلك، قال عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية إن 20% من السكان يعيشون حاليا في فقر وإن من المتوقع أن ترتفع النسبة إلى ما يقرب من 30% هذا العام بسبب تعطل الناس عن العمل بفعل الأزمة.

وفي الشهر الماضي أعلنت الحكومة توزيع إعانة شهرية قدرها 25 دولارا للأسر التي لا تحصل على أجور من الدولة. وقال الهنداوي إن 13 مليون شخص أي حوالي ثلث العراقيين تقدموا بطلبات للحصول على هذه الإعانة.

وقال الهنداوي إن وزارة التخطيط تجري دراسة لمعرفة عدد العراقيين الذين فقدوا أشغالهم أو انضموا لصفوف الفقراء. ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم الحكومة لمزيد من التعليق على الأزمة الاقتصادية.

هذا ويعاني الاقتصاد العراقي الآن من هبوط أسعار النفط الذي يمثل تقريبا مصدر إيرادات البلاد كلها الأمر الذي أرغم الحكومة على التفكير في خفض مرتبات العاملين في القطاع العام الضخم. وقد تجاوزت نسبة هبوط سعر النفط 55 في المئة منذ بداية العام.