العدد 4163
الأحد 08 مارس 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
وباء الجهل أخطر من الكورونا
الأحد 08 مارس 2020

الزمن الألفية الثالثة، القرن الحادي والعشرون، العام 2020، المكان الكرة الأرضية، وفيما البعض في بيات شتوي كوروني، جالت ببالي انطباعات سريالية، من وحي الواقع العربي الذي نعيشه في شبه الكوكب السريالي، الذي يختلف عن بقية الكواكب السيارة! فعلى هامش مرض العصر كورونا، مرت خواطر سريعة من إيحاء البحث عن لقاح للمرض، فقد أعلن مؤخرًا بالولايات المتحدة عن قرب اكتشاف دواء أو لقاح للمرض الطارئ الذي بدا وكأنه سيناريو فيلم هوليوودي، داهمتني أفكار عابرة وأنا أتأمل الزوبعة الأممية بشأن كورونا، هذا الاسم الجميل الذي يليق بحسناء فاتنة وليس بمرضٍ فتاك، السكان من البشر، المصابون بهلعٍ من الأمراض المنتشرة أكثر من كورونا، وهي الجهل والفقر، الجشع والتخمة، الأفكار والمشاعر والعواطف المتطرفة، الإنسان انقسم لطيب وشرير، الأخيار هم الذين يدفعون الثمن والأشرار هم الذين يحصدون الأرباح بكلِ شيء من عالم السياسة إلى عالم المال، الاستغلال منتشر أكثر من السعادة، الفقراء يصدقون طبقة رجال الدين السياسيين ثم يكتشفون أنهم كذبوا عليهم، ويقفز السؤال في رأس المعدمين: لماذا ازداد رجال الدين ثراء وازداد الفقراء بؤسًا؟ ثاروا في لبنان والعراق والموجة العاتية ضد طغيان الاستغلال آتية لتغرق الساحة العربية بطوفانها لأن الإنسان بدأ يصحو على الحقيقة الصادمة “إلى متى سيدوم الجهل؟”، كذبوا على الإنسان العادي البسيط الذي كان يصدق أنهم مع الفقراء وأن الجنة بانتظار الانتحاريين وأن أصحاب العمائم هم الأطهار وغيرهم من البشر هم الكفار والأنجاس، حتى صدق الغوغاء هذا التلفيق لعقود طويلة إلى أن انكسرت جرة الكذب وأفرغت براميل الجهل، ورغم الخوف من المضي في موجة ثورة على الجهل إلا أن الإنسان العربي الفقير والبسيط والذي صدق أن الفقراء لهم الجنة، أدرك أن الجنة هي تلك الحاضرة اليوم التي تنعم فيها الطبقات السياسية، كانت تأخذ الثروة وتمنح الشعارات، وظفت الخطب الكلامية لتقنع الناس أنها معهم فرأينا على سبيل المثال سعد الحريري وحسن نصرالله ومقتدى الصدر وراشد الغنوشي، وخامنئي ومن خلف الستار مثقفين وكتابا وصحافيين ينضمون للجماهير وهم في الحقيقة ضدهم.

أخطر ما أصاب هذا الكوكب اليوم هم الدجالون، حتى ساد التخلف وانتشر كورونا الجهل، وهو أخطر من فيروس كورونا الحالي الذي لم يكن سوى مرض آخر من أمراض العصر الذي يشهد كل عشر سنوات دورة جديدة، هذا الكوكب بحاجة لعقار جديد ولقاح لنتمكن من القضاء على فيروسات الجهل المستشري بالحياة العربية، فداء كورونا قريب الخلاص منه لكن داء الجهل كم نحتاج للقضاء عليه؟ فهل نتمكن ولو بعد عقود من إنتاج لقاح ضد وباء الجهل؟.

تنويرة: لا يجتمع الحب والبخل معًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية