العدد 4161
الجمعة 06 مارس 2020
banner
سن الخمسين
الجمعة 06 مارس 2020

تعجبني مقولة الفيلسوف الرائع البير كامو وهي (ينبغي أن يعيش الإنسان كل يوم بيومه)، وقبل أيام قليلة اتصلت بأخي زياد الذي يقطن الشارقة للاطمئنان على أحوالهم مع “كورونا” وبقية الأسئلة العائلية المعتادة، لكنه فاجأني بسؤال ظل يلاحقني طوال اليوم، فبعد الحديث عن الأهل سألني (لقد تخطينا الخمسين عاما ومازالت شجرة أحلامنا مغروسة في قلوبنا، أشعر أنني أثقل من خطاي وأبعد من اتجاهي، ماذا عنك يا أخي وأنت تكبرني بسنتين، فأنا الوحيد في الكون الذي يعرفك).

كان السؤال لا يستحق الجهد للإجابة كونها مكالمة هاتفية عادية انتهت بالإرشاد والاهتمام بالصحة، لكن بعد ذلك وصلت إلى عمق السؤال وصرت أرى كل شيء واضحا، نعم... نحن في الخمسين وبعد كم سنة سيطرق بابنا عمر الستين، بيد أن لكل عمر ميزته ونشاطه وطريقته ورسالته أيضا، في هذه السن أنا منضبط بالمداومة على قراءة كل ما يتوفر لي من الكتب التي تتناول موضوعاتها الفكر العربي في مئة عام، وكل يوم يزداد القاموس ويتسع، ولا أعرف متى سأتوقف. في سن الثلاثين أنهيت كل روايات وقصص ديستوفيسكي، وهكذا.. في كل مرحلة يزداد إعجابك كشخص في شيء ما.

يقول الدكتور فرانك كابريو في كتابه الجميل “عش مطمئن النفس”، وتحت عنوان “الحياة المتزنة بعد الخمسين”: إن العقل لا يهرم إلا حين ندع أفكارنا تتجمد وتسد طريق التقدير، العقل ينضج ولكنه لا يهرم كباقي أعضاء الجسم، أو على الأقل إن عملية التدهور بطيئة حتى لا تكاد تتضح في أغلب الناس. فكل عمل تستطيع أداءه حسنا وأنت في سن العشرين أو الخامسة والعشرين، تستطيع أن تؤديه تمام الأداء وأنت في سن الستين أو حتى في سن أكبر من ذلك. أما من الناحية العقلية فليست هناك حاجة إلى سن التقاعد، وكلما كبر الإنسان في السن أصبح أكثر قيمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية