العدد 4147
الجمعة 21 فبراير 2020
banner
الابتزاز النووي والمأزق الإيراني (2)
الجمعة 21 فبراير 2020

وليس هناك شك في أن النظام الإيراني بات يعيش مأزقاً حقيقياً على المستوى الاستراتيجي، فسياسة تحدي العقوبات الأميركية أثبتت فشلها وعدم جدواها، ثم جاء مقتل الجنرال قاسم سليماني ليثبت ضعف قدرة النظام الإيراني على تحدي القوة العسكرية الأميركية وكذب الادعاءات التي روج لها بالانتقام وغير ذلك، لأن كل التقارير تؤكد أن قصف قاعدتين عسكريتين تتمركز بهما القوات الأميركية جاء في إطار رد محسوب لحفظ ماء الوجه وبضوء أخضر أميركي وفي إطار من التنسيق وإبلاغ مسبق للجيش الأميركي عن طريق طرف ثالث.

واللافت أنه في خضم هذا المأزق والمعاناة التي يواجهها الملالي، نجد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني يواصل الخداع والأكاذيب مدعياً أن قتل سليماني سيؤدي إلى تحرير القدس، والأدهى من ذلك أن الجنرال حسين سلامي قائد الحرس قال في كلمة نقلها التلفزيون الإيراني الرسمي في ذكرى مرور 40 يوما على مقتل سليماني إن إيران ستضرب إسرائيل والولايات المتحدة إذا ارتكبتا أقل خطأ.

والحقيقة أن ملالي إيران الذين احتفلوا مؤخراً بالذكرى الـ 41 لثورة الخميني يجب أن يعيدوا فهم ما يدور من حولهم بشكل جيد، فالشعارات التي رفعها مؤيدو النظام احتفالاً بهذه الذكرى يغيب عنها تماماً الإحساس بمعاناة عشرات الملايين من أبناء الشعب الإيراني جراء سياسات النظام، وتكفي الإشارة في ذلك إلى تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي الإيراني، تشير إلى ارتفاع حاد في حجم المعروض النقدي من العملة المحلية وارتفاع قياسي في الاقتراض الحكومي من البنوك، حيث ارتفع حجم السيولة المالية إلى 20262 تريليون ريال (ما يعادل 174 مليار دولار) بزيادة 28 % و56 % مقارنة بعامي 2018 و2017 على التوالي، وارتفاع السيولة من أهم عوامل ارتفاع التضخم الذي بلغ نحو 40 % بحسب البيانات الرسمية الإيرانية... هذه الأرقام والمؤشرات تعني مزيدا من التضييق والمعاناة وانهيار الخدمات ومستوى معيشة الشعب الإيراني، وهي أثمان تدفعها الملايين مقابل الأوهام التي تسكن خيالات قادة النظام ورغبتهم في التوسع والتوغل خارج الحدود وتجاهل مطالب شعبهم وحقه المشروع في حياة كريمة يستحقها.

والخلاصة أن استجداء المساعدات من الأوروبيين لن ينقذ النظام الإيراني من مأزقه ولن يسهم في حل معضلته، فالحل الحقيقي يكمن في إعادة النظر في السياسة الخرقاء التي يعتمدها والنهج الذي يسير عليه. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية