العدد 4097
الخميس 02 يناير 2020
banner
تركيا واستراتيجية صنع الأزمات (2)
الخميس 02 يناير 2020

رغم أن زيارة أردوغان إلى تونس لم تحقق النتائج التي كان يحلم بها، فإنها أفرزت أجواء غير جيدة للرئاسة التونسية الجديدة التي لا تزال تتلمس خطاها وترسم استراتيجيتها خارجياً، حيث بدت الزيارة للبعض وكأنها اصطفاف تونسي إلى جانب المحور التركي المعروف بعدائه للدول العربية وتدخلاته الاستفزازية السافرة في سوريا، لذا فقد بادرت الرئاسة التونسية بالنأي بنفسها عن أية تفسيرات غير دقيقة للزيارة وقالت الرئاسة التونسية إن البلاد “لن تدخل في سياسة المحاور”.

الحقيقة أن أردوغان يلعب لعبة في غاية الخطورة إقليمياً، وتنذر تصرفاته المتهورة بإشعال صراع إقليمي لا يعلم أحد تأثيراته ولا امتداداته، ولاسيما أن بعض التقارير تشير إلى أن تركيا قامت بنقل آلاف الإرهابيين من إدلب إلى طرابلس للتخلص من خطر وجودهم قرب الحدود التركية، بدعوى دعم حكومة الوفاق في ليبيا.

اللافت أيضاً أن أردوغان يغامر بتشتيت قوة بلاده وتدمير اقتصادها لأنه يدرك تماماً خطورة تدخله عسكرياً بشكل مباشر في ليبيا، وأنه سيواجه رفضا روسيا ـ أميركيا ـ أوروبيا، ناهيك عن رفض مصر والدول العربية لهذا التدخل السافر، الذي يعكس استهانة أردوغان بالإرادة الدولية والإقليمية، ويضرب بمتطلبات الأمن القومي العربي عرض الحائط. المؤكد أن قرار أردوغان التدخل في ليبيا سيكون المسمار الأخير في عرش طموحاته السلطانية ومغامراته الإقليمية، التي قادت حزب العدالة والتنمية إلى نهاية غير سعيدة بالمرة، سواء بسبب انشقاقات القادة الزعماء الكبار للحزب اعتراضاً على سياسات أردوغان، أو بسبب الخسائر التي مُني بها الاقتصاد التركي في السنوات الأخيرة وتدهور قيمة العملة بشكل غير مسبوق جراء الصراعات “الدونكيشوتية”، التي يفتعلها أردوغان.

يغامر الرئيس أردوغان بمصالح تركيا من أجل الانتصار لأجندته الشخصية ورغبته في دعم تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي الذي تتشكل منه حكومة السراج، ومناكفة مصر وخلق المشاكل في جوارها الإقليمي، ويتحدث عن مزاعم غريبة مثل حماية مواطنين ليبيين من أصول تركية في ليبيا، في موقف يضرب بكل المبادئ والأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط! والتدخل العسكري التركي في ليبيا سيكون مغامرة طائشة بكل المقاييس والحسابات الاستراتيجية، وآثاره الكارثية لن تتوقف على النظام التركي فقط بل ستطال ليبيا، الحاضر والمستقبل، وربما تنتقل ألسنة اللهب إلى مناطق ودول أخرى، ومن ثم فإن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبرى في لجم جموح السلطان التركي ووقف مخططه المدمر للتدخل في ليبيا. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية