العدد 4096
الأربعاء 01 يناير 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
عام جديد وإنسان جديد
الأربعاء 01 يناير 2020

شمس السنة الجديدة تشرق خلال هذه الساعات والحياة راكدة، والوضع الثقافي نائم، وكذلك قطاعات أخرى ساكنة، لا أتحدث عن فعاليات روتينية، مكررة ولا عن أنشطة معتادة منذ سنوات، أتحدث متى تحدث قفزة أسطورية، نقفز على إثرها من وضع تقليدي اعتدنا عليه، إلى طفرة خيالية تفجر كل ما بداخل هذا الشعب من إبداعات وطاقات ونصبح مثل دول العالم التي تعيش بالقرن الواحد والعشرين، حيث تكون هناك تجارة عالمية وسياحة عالمية، ورياضة دولية وثقافة كونية، تترجم إبداعاتنا وتتوزع بأنحاء العالم، كما نتلقى نحن بدورنا إبداعات العالم ونذهل بها ونتمنى أن نكون بمستواها.

أعرف أن هناك في هذه اللحظة من يضحك ويقهقه ويدهش من هذا التمني؟ لكن لماذا؟ هل كوريا أفضل منا؟ هل إسبانيا التي بدأت السينما فيها تغزو أميركا أفضل منا؟ ألم تكن عربية عندما عزوناها واستعمرناها؟! إذا لماذا لا نحلم بكسر القيود والحواجز التي تحد من العالمية؟ وتكرسنا منذ عقود طويلة بمستوى تقليدي وروتني، العقول نفس العقول، إذا أين السر في القفز من خندق الركود والروتين إلى سطح الكون وإطلاق جني الإبداع في عقل كل إنسان ليخرج ما فيه من ثقافة وعلوم ورياضة وفن وتجارة وسياحة وصناعة؟!

سنة أخرى تذهب وسنة أخرى تأتي ولا شيء في الحياة اليومية يختلف عن السنة المنصرمة والسنة الآتية، منذ عشرات السنين ونحن نحتفل كل سنة ونقول كل عام وأنتم بخير، ونحن والحمد لله بخير! لكن لماذا لا نشهد قفزات في التعليم والفن والسياحة؟ لماذا لا نبدأ الاتكال على كفاءاتنا البشرية وطاقاتنا الخلاقة! ولماذا لا نصبح مثل الآخرين الذين صحوا فجأة وقرروا أن يتحولوا إلى شعوب ودول منتجة لكل شيء، فالرياضة صناعة، مباراة واحدة بين ريال مدريد وبرشلونة يقف لها شعر رأس العالم، فيلم سينمائي أميركي إيراداته تفوق إيرادات دولة! مبنى أثري مثل كنيسة تاريخية بإيطاليا دخلها السنوي من السياحة يفوق دخل السياحة في دولة عربية، وقس على ذلك بقية القطاعات.

أعرف أن هناك من سيقول، ماذا يريد أن يقول أحمد جمعة بمقاله هذا؟ لا أريد سوى أن نسأل أنفسنا بعد كل هذه الأعوام التي يتلو الواحد منها الآخر، والزمن يطوينا، متى نصحوا ونتغير ونحقق ما تحققه شعوب ودول العالم المتقدم، بماذا هم أفضل منا؟

لقد حرروا الدين من السياسة، وحرروا العقول من الخرافة، وأطلقوا الكفاءات تبتكر دون قيود، لم يهتموا بالثورات والسياسة والجدل العقيم، بل أشغلوا العقول بالعلم والمعرفة، ولم يضعوا قيودا على الأفكار فأنتجوا حضارات، وفازوا في السينما والرياضة والمسرح والسياحة والعلوم والطب.

اجعلوا من رأس السنة فرحة ورقصة وابتسامة وانفضوا غبار السياسة وتحرروا من التقليد والروتين وكل عام وأنتم بخير.

تنويرة: العقل مفتاح الحياة، إن أضعته فحياتك مقفلة للأبد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية