+A
A-

شركة تمتنع عن تأمين موظف 10 سنوات والمحكمة تلزم "التأمينات الاجتماعية"

قال المحامي عيسى عبدالنبي إن محكمة الاستئناف العليا المدنية الثانية قضت في حكم نادر ومميز بإلزام الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بقيد موكله، الذي لم يتم التأمين عليه لديها باعتباره أحد العاملين في شركة متخصصة بأدوات الأمن والسلامة، لمدة تصل لـ10 سنوات؛ وذلك في سجل المؤمن عليهم عن الفترة من يوليو 2005 إلى مايو 2015.

الوقائع

وأشار إلى أن هذا الحكم رفع بداية لدى المحكمة الكبرى المدنية الإدارية، على اعتبار أن المستأنف أقام الدعوى بتاريخ 8 نوفمبر 2016 طالبا في ختامها الحكم لصالحه بالآتي:

بإلزام المستأنف ضدها الثانية (الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي) بقيده في سجل المؤمن عليهم في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015.
بإلزام المستأنف ضدها الأولى -شركة خاصة- بدفع رسوم قيده لدى المستأنف ضدها الثانية عن الفترة المذكورة.

وأوضح أن موكله التحق بالعمل لدى المستأنف ضدها الأولى بموجب عقد عمل مؤرخ 10/7/2005 وبراتب شهري 150 دينار بالإضافة للعمولة، إلا أنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة للتأمين عليه، وأنها قامت بعد ذلك بالتأمين عليه لدى المستأنف ضدها الثانية اعتبارا من 10/5/2015، وأن موكله قام بمراجعة الهيئة المستأنف ضدها الثانية لقيده في سجل المؤمن عليهم في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015 ولكن دون جدوى رغم أنه كان موظفا فعليا لدى تلك الشركة، وهو ما حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان، إلا أن محكمة أول درجة حكمت في يناير 2017 برفض دعواه وألزمته بالمصروفات ورسوم الدعوى.

فلم يقبل المستأنف بهذا الحكم وطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب لائحة وطالب فيه بقبول استئنافه، وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الاستئناف للتحقيق ليثبت المستأنف علاقة العمل القائمة بينه وبين المستأنف ضدها الأولى، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها الثانية بقيده في سجل المؤمن عليهم في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015، وبإلزام المستأنف ضدها الأولى بدفع رسوم قيده لدى المستأنف ضدها الثانية عن الفترة المذكورة، فضلا عن إلزام المستأنف ضدها الثانية الرسوم والمصاريف عن درجتي التقاضي.

قانون التأمينات

وبعد مداولة القضية قالت المحكمة في أسباب حكمها إن المشرع  قرر بموجب المرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 بشأن التأمين الاجتماعي، في المادتين (28 و124)، سريان أحكام هذا القانون إلزاميا على جميع العاملين الذين يعملون بموجب عقد عمل لمصلحة صاحب عمل أو أكثر أو لمصلحة منشأة من منشآت القطاع الخاص والقطاع التعاوني أو المشترك، ويشترط لذلك قيام علاقة عمل فعليه بين العامل وصاحب العمل تقوم على تبعية العامل لصاحب العمل وخضوعه لإشرافه وأن يكون العمل مقابل أجر.

وأضافت أنه من المقرر طبقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي أن العامل الخاضع لأحكامه يعتبر مؤمنا عليه بحكم القانون ويفيد هو أو المستحقين عنه بالمزايا التأمينية المقررة بمجرد التحاقه بالعمل، وتلتزم الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بالوفاء بالتزاماتها نحوهم كاملة حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عن العامل أو تأخر اشتراكه إلى حين، فتحسب مدة اشتراكه في التأمين ابتداء من تاريخ عمله الفعلي وليس من تاريخ تسجيله لدى الهيئة بموجب النموذج المعد لذلك، والذي يلزم صاحب العمل بتقديمه لها وكان للعامل المؤمن عليه أو المستحقين عنه إثبات تاريخ بدء عمله بكافة طرق الإثبات.

ولفتت إلى أنه من المقرر أن اشتراك العامل في نظام التأمين الاجتماعي – وفي المنشآت التي تسري عليها أحكامه – إلزامي ويتم بقوة القانون، وصاحب العمل هو وحده المسؤول قبل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن دفع مبلغ الاشتراك بما في ذلك حصة العامل، ولا يحرم الأخير من حقوقه قبل تلك الهيئة لعدم أداء صاحب العمل هذا الاشتراك، وذلك طبقا للمادتين (28 و124) من قانون التأمينات الاجتماعية.

العمل الفعلي

وأفادت أنه هديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المستأنف أقام دعواه المستأنفة بطلب الحكم بإلزام الهيئة المستأنف ضدها الثانية باحتساب فترة عمله لدى المؤسسة التجارية المستأنف ضدها الأولى في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015 ضمن فترة عمله المدفوع عنها الاشتراكات بواقع أجر شهري وقدره 150 دينار وضمها لسنوات خدمته المؤمن عليها، متى كان ما تقدم وكان مناط ضم مدة العمل ضمن مدة الخدمة المؤمن عليها هو ثبوت قيام علاقة عمل فعلية بين العامل وصاحب العمل في تلك الفترة، متى كان ذلك وكان الثابت من اتفاقية العمل المبرمة بين المستأنف والمؤسسة التجارية المؤرخة 10/7/2005 وأصول كشوف حضور المستأنف للعمل بالمؤسسة المذكورة اعتبارا من يوليو 2005 وكذلك أصول كشوف استلام الراتب الخاصة بالمستأنف، وكذلك نسخ الإيداعات البنكية التي كان يقوم بها المستأنف لحساب المؤسسة المشار إليها بأحد البنوك اعتبارا من فبراير 2006، فإن الثابت من هذه المستندات - التي اطمأنت إليها المحكمة - قيام علاقة عمل فعلية بين المستأنف والمؤسسة خلال الفترة المطالب بضمها في التأمينات براتب شهري قدره 150 دينار، وهو ما يتعين معه القضاء بإلزام الهيئة المستأنف ضدها الثانية بضم مدة عمل المستأنف لدى المستأنف ضدها الأولى في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015  إلى مدة خدمته المؤمن عليها وتسجيل ذلك في سجلاتها الرسمية.

اختلافات الوظيفة

وتابعت، أنه لا ينال من ذلك ما تمسكت به المستأنف ضدها الثانية من وجود اختلاف في وظيفة المستأنف بين عقد العمل المقدم منه واتفاقية العمل المؤرخة 10/5/2015 إذ العبرة هي بقيام علاقة عمل فعلية بين العامل وصاحب العمل بغض النظر عن طبيعة ذلك العمل، إذ ليس هناك ما يمنع من إسناد أكثر من وظيفة للعامل لدى صاحب العمل، ومتى ثبت قيام علاقة عمل فعلية بين المستأنف والمستأنف ضدها الأولى التي أقرت في مذكرة دفاعها أمام محكمة أول درجة بقيام هذه العلاقة وباستعدادها لسداد الاشتراكات التأمينية، ومن ثم فإن المستأنف ضدها الأولى تلزم في مواجهة المستأنف ضدها الثانية بسداد الاشتراكات التأمينية المستحقة عن فترة عمل المستأنف المشار إليها؛ وذلك عملا بحكم المادة (28) من قانون التأمين الاجتماعي، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى برفض الدعوى المستأنفة فإنه يكون متعين الإلغاء والقضاء مجددا بإلزام الهيئة المستأنف ضدها الثانية بضم مدة عمل المستأنف لدى المؤسسة التجارية في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015 إلى مدة خدمته المؤمن عليها وتسجيل ذلك في سجلاتها الرسمية، وبإلزام المستأنف ضدها الأولى في مواجهة المستأنف ضدها الثانية بسداد الاشتراكات التأمينية المستحقة عن فترة عمل المستأنف المشار إليها.

منطوق الحكم

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام الهيئة المستأنف ضدها الثانية بضم مدة عمل المستأنف لدى المستأنف ضدها الأولى في الفترة من 10/7/2005 وحتى 10/5/2015 إلى مدة خدمته المؤمن عليها وتسجيل ذلك في سجلاتها الرسمية، وبإلزام المستأنف ضدها الأولى في مواجهة المستأنف ضدها الثانية بسداد الاشتراكات التأمينية المستحقة عن فترة عمل المستأنف المشار إليها، كما ألزمت المستأنف ضدهما الأولى والثانية بالمناسب من المصاريف عن درجتي التقاضي.