كان لافتًا أن تكون الدول الأكثر دفاعًا عن إيران والأكثر تمسكًا بالاتفاق النووي المبرم معها طوال الفترة الماضية وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا المبادرة في تحميل إيران مسؤولية الاعتداء الإرهابي على منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، وأن تقترب أكثر لموقف الرئيس الأميركي ترامب الذي انسحب من هذا الاتفاق، حيث دعت هذه الدول في بيان مشترك إلى إعادة النظر في الاتفاق النووي.
هذا البيان الأوروبي يحمل العديد من التفسيرات، فهو قد يعني إحباطًا من تصرفات إيران وعدم تجاوبها مع كل المبادرات والأطروحات الرامية لإصلاح العلاقة بينها وبين أميركا والعودة للاتفاق النووي المبرم قبل عدة سنوات، وكان آخرها المبادرة الفرنسية.
يمكن أن ينظر لهذا البيان أيضًا على أنه ورقة للضغط على إيران لكي تقبل باللقاء بين الرئيسين الأميركي والإيراني دون أية شروط يمكن أن تعيق هذا اللقاء الذي قد يحمل الجديد في حل الخلاف الأميركي ـ الإيراني والحد من تصاعده، وقد يرمي البيان المشترك عن الدول الثلاث إلى إجبار إيران على القبول بالمبادرة الفرنسية وتقديم تنازلات تسهم في تليين الموقف الأميركي الذي يبدو متشددا تجاه إيران، حيث يعتمد حتى الآن على سياسة الضغط الأقصى وفرض العقوبات المتصاعدة على طهران.
وقد يكون البيان تمهيدًا لإعلان الانسحاب الأوروبي من الاتفاق النووي والاصطفاف في الجانب الأميركي بعد فترة طويلة من العناد والتمسك بموقف مخالف للموقف الأميركي.
الأكيد في الأمر أن أوروبا حين اتخذت موقفا معاكسا للموقف الأميركي من الاتفاق النووي كان ذلك بقصد الحفاظ على مصالحها وتجارتها مع إيران واستثماراتها فيها، وهي إن قررت الانسحاب من هذا الاتفاق فإن ذلك سيكون أيضًا حفاظًا على مصالحها وليس لأي سبب آخر حتى إن ادعت ذلك.
“ربما يمهد البيان الأوروبي للانسحاب من الاتفاق النووي والاصطفاف في الجانب الأميركي”.