+A
A-

معرض العين للكتاب يستكشف آليات صون التراث الإماراتي

تتواصل فعاليات البرنامج الثقافي في الدورة الحادية عشرة من معرض العين للكتاب الذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، وتنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في مركز العين للمؤتمرات، بمشاركة نخبة من أبرز الكتاب والأدباء والمثقفين، حيث شهد يوم أمس ندوة ثقافية بعنوان "قيمة التراث الإماراتي وآلية صونه" للباحث والمؤرخ الدكتور حمد محمد بن صراي، وأدارها الدكتور موسى الهواري.

أشار بن صراي أن التراث الإماراتي يحيط بنا، فهو موجود في البيت، في الملابس والزي التراثي، في الرياضة، وطراز عمران البلدات القديمة، في الأحاديث والعلاقات مع الأقارب والجيران، في الفن والموسيقى، مؤكداً أن التراث التاريخي الضخم عبارة عن حلقة من حلقات التفاعل المتواصل والمتوازن بين البحر والبر.

ولفت أنّ ميادين التراث كثيرة وهي متواجدة في اللغة والانتماء العربي والإسلامي، المأثورات، الأمثال والشعر، العادات والتقاليد، الأهازيج والحكايات، الفلكلور، الموروث العمراني، الموروث الاجتماعي، الموروث الحرفي، الموروث التاريخي، وهذه جميعها تمثل بعناصرها منجزاً حضارياً عظيماً للأمة، معتبراً أن التراث مستودع قيم الأمة وحارسها، وهو خط الدفاع الأول ضد الغزو الحضاري الذي يهدد الشعوب الضعيفة، قال: "مع مرور الوقت أصبح التراث نمطاً سلوكياً يعبر عن الجوانب النفسية والاجتماعية للفرد والمجتمع بشكل عام، وظاهرة ذات دلالات، وليس مجرد أمثال وألغاز فقط"، مشيراً أنّ الحفاظ على التراث يتحقق أيضاً من خلال التمايز بين جيلي الآباء والأجداد، وبين جيل الأبناء والشباب. كما أنّ التراث ينقل التاريخ بدقة عالية، ويمثل جزءاً من الحاجات الاجتماعيّة والثّقافيّة للجماعة، لذا فهو يشكّل إحدى الركائز المهمّة للهُويّة الوطنيّة.

وأوضح الدكتور بن صراي ضرورة التوفيق والجمع بين الحاضر المزدهر والماضي العريق، لأنّ المجتمع حين يبتعد عن أصالته يبتعد عن عروبته وثقافته، وإذا ترك المعاصرة يعني ابتعاده عن عصره، معتبراً أنّ الهدف من وراء الملابس والأزياء كان منذ الأزل الستر، والتزين والتجمل طبقاً لعادات الناس وتقاليدهم المستمدة من الدين والعروبة، كما أنها تشير إلى التشقف والزهد والتأقلم مع المناخ صيفاً وشتاءً، إلى جانب الظروف الاقتصادية التي حتمت على شرائح المجتمع ارتداء ما يوافق مستوياتهم الاجتماعية.

ورأى أنّ العادات والتقاليد المتعلقة بالسلوك والعلاقات الإنسانية جزء لا يتجزأ من الموروث الاجتماعي مثل عادات الزواج والزيارات والضيافة.كما أنّ الأمثال الشعبية تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على التراث الإماراتي، حيث إنّها تعد مصدراً مهماً للمؤرخ والباحث والمتخصص الاجتماعي لأنها تكشف عن نظرة المجتمع إلى مختلف مناحي الحياة والإنسان والطبيعة والأخلاق والفن والبيئة مثلما تعبر عن مشاعر الإنسان وأفراحه وأحزانه وآماله وحكمته وأمانيه، موجهاً بأهمية نقل التراث الإماراتي في المسلسلات التراثية الإماراتية بشكل صحيح مع مراعاة أدق التفاصيل المتعلقة بطرق الحياة قديماً، وأهمها التراث المعماري حيث يعد أحد ركائز تراث الإمارات الذي كان يتوافق مع ظروف البيئة الطبيعية والبشرية من خلال استعمال مواد محلية وفق أنماط هندسية تحرص على تحقيق الاستقرار والسكن والتهوية والتبريد والتدفئة والستر، حيث كان يصعب إيجاد منزل قديم بشباك مفتوح على الشارع كما تحاول بعض المسلسلات إظهارها.

وأوضح ختاماً أنّ برامج التنمية في أي مجتمع تتأثر بطبيعة التراث إلى حد كبير، وما تتضمنه عادات الناس ومعتقداتهم، بخاصة وأنّ التراث عنصر رئيس لا يمكن تجاهله في أي برنامج أو خطة تنموية. حيث يتوجب علينا ملء الفراغ الذي تحدثه التحديات وذلك عبر ربط الأجيال الناشئة بالأجيال المؤسسة، وتنقية الأجواء بتاريخ أصيل وتراث عميق، حتى تكون عملية الحفاظ والبناء عملية تكاملية يجب أن تساهم فيها كل ميادين المجتمع ومجالات الإدارة، وتلا هذه الندوة عرض موسيقي بعنوان "أصوات الأبورجنيز" وهو أداء موسيقي مميز ينسب إلى السكان الأصليين في أستراليا، يعبر عنهم وعن حضارة أرضهم.

كما استضاف المعرض مساء أمس الاثنين، ندوة ثقافية بعنوان قراءة في مخطوط رواية "بئر معطلة" للكاتبة فاطمة الكعبي، والتي قدمها الدكتور جمال مقابلة بحضور الكاتبة وعدد من أساتذة النقد وطلاب جامعة الإمارات في العين، حيث استعرضت الكاتبة فاطمة الكعبي الأسباب التي دفعتها إلى كتابة روايتها والتي استلهمت فصولها من منطقة العين، في محاولة لتوثيق الكثير من التفاصيل حولها، متمنية أن تكون روايتها بمثابة إضافة على الساحة الأدبية تثري تجربة الأدب النسائي في دولة الإمارات بشكل خاص ومنطقة الخليج العربي بشكل عام.

من جهته، قال الدكتور جمال مقابلة إنّ هذه القراءة تعد الأولى من نوعها كونها تتم على مخطوط رواية لم ينشر بعد، وتطرق الدكتور إلى وظيفة الروائي في الاحتيالفي حالة السرد الذاتي وإيجاد السياق الحكائي في الرواية، من خلال هند بطلة الرواية التي تحكي جميع التفاصيل على لسانها في الأغلب، وهذا يجعلها قريبة من روايةالسيرة والصوت الواحد، فهي تصف الجميع من موقعها، وتتّمركز خلف عين البطلة.

 ولفت الدكتور جمال في قراءته إلى الإيقاع الروائي، قائلاً "مفهومان أتبناهما لأحلل الفن الروائي بهما بوصفهما تقنيتين فنيتين مركبتين تجمعان في تركيبهما بين الشكل الخالص  المضمون العميق، كما تجمعان بين المؤلّف والقارئ، فالمؤلّف يلجأ إلى البحث عن جوهر تقني ما، لعله يبني العمل الروائي بناءً محكماً، ضمن خطّة خلقوتركيب وتأليف أسلوبي جامع، من خلال عنصر أو أكثر من عناصر الإحالة أو التذكير أو التخييل أو الإضاءة أو الترديد، شكلًا ومضمونًا، حتى يصبح الإيقاع بشتىتجلياته ضامناً لبناء العمل ومضموناً جوهرياً فيه"، وتابع نجد الإيقاع الروائي في رواية "بئر معطلة" من خلال فكرة البئر واستعارتها ومعاودة الحديث عنها.

وتلا هذه الندوة عزف موسيقي على آلة هانغ درم مستوحى من ألحان الطبيعة والفضاء، قدمه الفنان خلدون الباز، ويشهد المعرض، يوم الثلاثاء 1 أكتوبر، مجموعة من الأنشطة من بينها جلسة بعنوان "منهجية التسامح مع المرأة في فكر الشيخ زايد" يقدمها الدكتور محمد عفيفي، وعرض موسيقي بعنوان موسيقى الكيبورد، وورش عمل فنية تفاعلية متنوعة منها عمل بطاقات التهنئة بالألوان المائية، زخرفة المخطوطات، ولقاء مع الكاتبة: نورا الخوري، قراءة قصة،  ورشة عمل تدريبية عن كتاب المهندسة روزي ريفير، وورشة خداع بصري، روبوتكس، وما الأسباب التي تجعل القارب يطفو؟ وغيرها الكثير.

كما يشهد معرض العين للكتاب، يوم الأربعاء مجموعة من الأنشطة والجلسات وورش العمل من ضمنها جلسة ثقافية بعنوان تطور الحركة الثقافية وازدهارها في دولة الإمارات يقدمها الدكتور فايز القيسي، وعرض موسيقي على الساكسوفون الكلاسيكي والإلكتريك، لوحات شهيرة، صفاء ذهني:  قراءة كتاب وجلسة يوغا للأطفال، وما الذي يمكنك إنجازه بفكرة؟ تعلم صنع جرار الأحلام، المفتاح الهيدروليكي، روبوتكس، اصنع طاحونتك الهوائية، وغيرها الكثير.