+A
A-

قطر تنشر فسادها الرياضي في ألعاب عدة.. والخليفي أهم أوراقها

كشفت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية عن الإجراء الذي اتخذه المدعي العام المختص في الشؤون المالية عام 2016 وعلى إثره تم اعتقال ميشيل بلاتيني على ذمة التحقيق الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى ضلوع قطر في جذب المنافسات الرياضية نحوها عن طريق الرشاوى.

ويسلط التطور الجديد الضوء على آلية منح كبرى المنافسات الرياضي، ووفق ما ورد في صحيفة ميديا بارت، فقد أوقف ميشيل بلاتيني، أيقونة كرة القدم السابقة الذي ضل طريقه في عالم أعمال الرياضة، على ذمة التحقيق واستمع لشهادته كمشتبه به، مثلما حدث مع مساعده نيكولا ساركوزي السابقة حينما كانت في الإليزيه صوفي ديون، مستشارته الرياضية، وكلود غيان، الأمين العام ووكيل أعماله.

وتتعلق مساءلة بلاتيني وديون وغيان بموضوع منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022 بعد ضغوط مشبوهة من جانب فرنسا، وكان ينقصهم اعتقال ساركوزي، الرئيس السابق، لكنه يتمتع بحصانة رئاسية، فوفقاً للدستور، فإن ساركوزي غير مسؤول قضائياً عن الأعمال المنجزة لأداء مهامه.

ولم يكن هذا المنعطف سوى جزء من التحقيق الأولي الذي شرعت به النيابة المالية الوطنية، منذ ثلاث سنوات، وقد يكون سبباً في استكمال جمع المعلومات، وهو ما أعلم به قاضي التحقيق رونو فان رومبيك الذي ما انفك عن إعادة النظر في إسناد المسابقات الرياضية الدولية الكبرى على وجه خاص قبل بضعة أسابيع من تقاعده من الهيئة القضائية.

وكانت المنافسات الرياضية مستهدفة منذ فترة طويلة من قبل جماعة ضغط تضم كافة الفاسدين إلى جانب حوالات مالية مشبوهة، ومن المنافسات التي كانت تحت المجهر، الألعاب الأولمبية في ريو 2016 وطوكيو 2020، أما الألعاب الأولمبية في باريس 2024 لم يسلط عليها الضوء في هذه المرحلة من جانب الإجراءات الجنائية، وكذلك بطولة العالم لألعاب القوى في لندن 2017، وفي الدوحة 2019 ويوجين 2021. وأشارت النيابة المالية الوطنية في وقت سابق إلى عمليات "فساد وغسيل أموال مُنظمة" بل "مؤامرة" أو حتى "نظام فساد حقيقي لبيع الأصوات للمدن المرشحة".

وتُعرف رغبة القطريين في تنظيم المنافسات الرياضية الدولية، فبعد أن فشلت في استضافة الألعاب الأولمبية لعامي 2016 و2020، سلّمت حق تنظيم كأس العالم 2022، وحصلت أيضاً على حق استضافة بطولة العالم لكرة اليد في عام 2015 ومن ثم بطولة العالم لألعاب القوى نهاية عام 2019.

وطرح المحققون الفرنسيون في مايو 2018 سؤالا على سيباستيان كو، البطل الأولمبي السابق للمسافات المتوسطة، ورئيس الاتحاد العالمي لألعاب القوى والذي خلَف السنغالي المثير للجدل لامين دياك، والذي اعترف بدوره بالتصويت لصالح قطر "هل تعتقد من المعقول تنظيم سباق الماراثون بدرجة حرارة تصل إلى 60 درجة مئوية دون أن تمس صحة الرياضيين بخطر". وكانت إجابة كو ضعيفة الحجة بالنظر له كشخص رياضي رفيع المستوى وتداولت أقواله في المحافل الدولية معترفًا بوجود مشكلة حقيقية في الإدارة.

ويعد المناخ أمرا لا يستهان به، ومنذ عام 2011 طالب أحد أعضاء جماعات الضغط الذي كانت تربطه علاقة مع أمير من قطر ويدعى خالد، بعمولة تُقدر بحوالي 5 ملايين دولار، لقبول تبديل موعد إقامة المسابقات الرياضية القادمة إلى فصل الشتاء، وفضلًا عن تحويل 4.5 مليون دولار، ينبغي أن تسترد 440 ألفا نقداً إلى الدوحة، وبعد بضعة أسابيع ستكسب قطر حق ترحيل فترة الاستضافة إلى فصل الشتاء، حتى لو لم تفز بحق استضافة المنافسات المتوقعة.

وتعتبر الدبلوماسية المالية أو الفساد الرياضي في قطر أمرا مثيرا للاهتمام في محيطها المتنوع، ففي قضية ناصر الخليفي، الذي كان رهن التحقيق في 23 من شهر مايو، فهو في الوقت ذاته رئيس نادي باريس سان جيرمان، وقناة بي إن سبورتس، وبوردا سبورت للملابس الرياضية، وقطر للاستثمارات الرياضية صندوق الثروة في قطر الذي يغطي جميع استثماراتها الرياضية، والاتحاد القطري للتنس، والذي امتثل في شهر مارس أمام القاضي فان رومبيك، قائلاً: أنا مُهتم بأموال قطر أكثر من أموالي. وبعد أن لوحق قضائياً مرات عديدة، فإنه في هذه المرة يلاحق بسبب متعلق بأمر شخصي، وهي شركة ORYX QSI التي أسسها مع شقيقه خليل الخليفي.

وفي عام 2011 عندما منحت قطر حق تنظيم مونديال ألعاب القوى لعام 2017، اتهمت وقتها بمحاولة القيام بعملية رشوة لصناع القرار، وكان من الواضح، أنها ستقام في لندن، وطلب الاتحاد الدولي لألعاب القوى حينها من المدن المرشحة أن تقدم مرافقها الرياضية بالإضافة لحججها، أو الوسائل التسويقية أو التلفزيونية لتمويل أفضل، كما أنه من الواضح أن بي إن سبورتس استجدت العنصر التلفزيوني، وأما بالنسبة للتسويق، فإن الشركة الغامضة التي أسسها الشقيقان هي من ستقوم بذلك.

وعلى الرغم من تخصص الشركة المتواضع والمختص بأمور الضيافة، كإدارة التذاكر والمطاعم وغيرها من المعاملات الخاصة لكبار الشخصيات، فإنها التزمت الحصول على حقوق التسويق مقابل 32 مليون دولار، منها 3.5 دفعت قبل الحصول على حق التنظيم عام 2017 بأثر رجعي. وكان قد وصل وقتها المبلغ إلى جيب بابا ماساتا دياك، نجل رئيس الاتحاد العالمي لألعاب القوى في ذلك الوقت، الذي كان مؤثراً في اللجنة الأولمبية الدولية. وكعادته سيلعب الخليفي دور الجاهل أمام القضاء الفرنسي، وهو الذي اتسمت به مختلف مهامه ودائما ما يقول "لا أعرف، لا أستطيع الإجابة، لم أقم بالتسوية" فمحاميه فرانسيس سبينر، هو المسؤول عن الترجمة.

ويبقى التساؤل الدائم حول كيفية وراثة القضاء الفرنسي هذا الحدث الرياضي المرتبط بمنح المسابقات الدولية، وهو الأمر الذي يتعلق بالظروف، والذي بدأ بشكل أساسي بشراء الساعات الفاخرة في شارع الشانزليزيه في عام 2013، والذي قام به بابا ماساتا دياك أحد العناصر الرئيسية في النظام.

ومع تبقي 1.3 مليون يورو، والتي سرعان ما اكتشفتها منظمة مكافحة غسل الأموال، حيث لم يتبق سوى تتبع التدفقات المالية المخفية إلى حد ما، ثم إلى النيابة الوطنية المالية لمضاعفة لوائح الاتهام الإضافية إلى قاضي التحقيق رينو فان رومبيك لتوسيع نطاق التحقيقات.

ويعد الناميبي فرانك فريدريكس، بطل العالم في سباق 100 متر، من أوائل المتهمين في هذا التحقيق الواسع، وهو الآن عضو في اللجنة الأولمبية الدولية، إذ اتهمه القضاء بأنه صرف، بحجة نصائح التسويق أو الضغط، 300 ألف يورو على هامش الحصول على استضافة دورة الألعاب الأولمبية المعروفة باسم ريو، إلّا أن العداء السابق اعترض على اختصاص القضاء الفرنسي، بحجة أن الجزء الأكبر من التدفقات المالية مر عبر جزر فيرجن البريطانية أو جمهورية سيشيل أو دولة سويسرا أو دولة موناكو أو جمهورية السنغال.

وكان قد صدر حكم عن غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف في باريس، في مارس الماضي، أكد على صحة الملاحقات القضائية التي رفعتها النيابة الوطنية المالية، واستنادا إلى الجرم "تعتبر أنها قد ارتكبت في إقليم الجمهورية، حيث جرت إحدى الوقائع المسببة في تلك المنطقة المحددة"، وحتى وإن كان الأمر مجرد شراء للساعات، فإن سلسلة الضرر هي "تشكيل كلي لا يتجزأ"، فسويسرا، مقر الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية، أو موناكو، مقر الاتحاد الدولي لألعاب القوى، مترددتان في اغتنام هذا الموضوع، ولذلك ستتولى فرنسا القيادة القانونية والرياضية.