لم يعد بإمكان أحد منّا تَجَنُّب المشاركة والانخراط في حومة منصات وشبكات “وسائل التواصل الاجتماعي” المختلفة، بل أصبحت هذه الوسائل بالنسبة إلى الكثيرين منا ضرورة أساسية لا مفر ولا بد منها ولا غِنى عنها، رغم أننا نستاء ونتذمر أحيانًا من ما تحتويه بعض قنوات هذه الوسائل من مواد فاسدة وأخبار ومعلومات مغلوطة أو عارية عن الصحة أو بعيدة عن الدقة، أو تفتقد المصداقية أو لا تستند إلى مصادر موثوقة. ومن خلال هذه القنوات يتم أحيانًا ترويج الإشاعات وبث الأخبار الكاذبة والمغرضة والملفقة بهدف الإثارة وإحداث البلبلة والفُرقة والانقسام في المجتمع.مع ذلك، فإن الدور الإيجابي لهذه الوسائل أكبر بكثير من دورها السلبي، فهي تساهم في توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية ونشر التوعية المجتمعية، وقد أحدثت نقلة نوعية واسعة في عالم التواصل والاتصال ونقل المعلومات وتبادل الأفكار والآراء، إلى أن أصبحت هذه الوسائل من أهم أدوات وقنوات التسويق والتعبير عن الرأي وبلورة وتحريك الرأي العام.
وضمن برنامج الواتس أب WhatsApp أخذت تزداد وتتوسع دوائر “المجموعات groups” وحلقاتها، وقد بادر مندوب البحرين الأسبق لدى الجامعة العربية، أبو أسامة، الأديب الشاعر تقي محمد البحارنة أخيرًا بتشكيل مجموعة جديدة أسماها “مجموعة تا”، ولا أعرف لماذا اختار لها هذا الاسم، لكنني وجدت أن هذه المجموعة ضمّت كوكبة من الشخصيات المعروفة التي تنحدر من خلفيات مهنية وثقافية متباينة وتنتمي إلى مشارب ومواقع مختلفة في البحرين وخارجها، وقد تفضل أبو أسامة بإضافة اسمي إلى هذه المجموعة.
ومن الواضح أن أعضاء هذه المجموعة التزموا منذ البداية بأن تكون مساهماتهم إيجابية جدية قيمة أو خفيفة لطيفة مسلية، على أن تقع كلها ضمن أطر حسن النية واللباقة والنزاهة والمصداقية.
ومن بين أعضاء هذه المجموعة الأخ الصديق مجيد العصفور ابن المرحوم الحاج عبدالله بن حمزة العصفور، التاجر العماني المعروف الذي كان قد قدّم وأسرته إلى البحرين من سلطنة عمان الشقيقة في بداية القرن الماضي، والذي كان يقع متجره في سوق التجار بالمنامة، وقد عادت هذه الأسرة الطيبة إلى عُمان قبل نهاية القرن الماضي بعد الانفتاح الذي شهدته سلطنة عمان على إثر تسلم السلطان قابوس بن سعيد المعظم سدة الحكم في السلطنة.
وضمن تفاعله مع ما أورده الأخ إبراهيم محمد بشمي في “حديث الذكريات”، كتب مجيد العصفور في موقع “مجموعة تا” ما يلي: “مع امتناني العميق للزميل الذي بعث لي “حديث الذكريات” للعزيز الصحفي الكاتب إبراهيم بشمي، زميل الفريج بالمنامة والدراسة بمصر، والذي يشير فيه إلى علاقته بِنَا نحن أبناء عائلة المرحوم والدنا عبدالله بن حمزة العصفور طيب الله ثراه، الذي علمنا كيف ولماذا نحب البحرين ونضعها في القلوب وأحداق العيون. وأشار بشمي في ذكرياته لشقيقي الأكبر المرحوم أنور والأوسط قيس وكاتب هذه السطور، لذكريات الصبا في المنامة وفريج براحة أو حوطة بن حديد، نعم لقد عشنا وترعرعنا وتلقينا علومنا الدراسية بين إخوتنا وأحبتنا في بحر العين، ولم نحس يومًا بأننا لسنا منهم أو هم ليسوا منا طيلة الأربعين عامًا التي قضيناها في البحرين، فلَم نشعر يومًا بوجود أية حواجز بيننا وبين أحبتنا أبناء البحرين، وقد كنّا نعيش ذات الهموم والتطلعات، وكانت البحرين على الدوام تلك الأم صاحبة القلب الكبير الذي يسعنا جميعًا، وكم هو شوقنا كبير لتلك الفترة الذهبية التي كانت البحرين تقدم العبر والدروس في الوحدة والتضامن ومحاربة النزعات المدمرة، وسنظل دائمًا نذكر بالفخر والاعتزاز هذا الوطن الغالي الذي فتح لنا ذراعيه مُرحبًا وحاضنًا لتطلعاتنا المختلفة، وسنظل نحتفظ لهذا الوطن المحبة والتقدير وننقل هذا الشعور الصادق إلى أبنائنا وأحفادنا. فالبحرين هي نور العين التي أبصرنا من خلالها كل ذلك الحب الصادق الذي كان طريقنا في المحطات التالية وما أكثرها.
شكرًا من القلب للذي ضمّني لهذه المجموعة الخيرة التي تضم العديد من المفكرين ورجال الإعلام والأعمال البحرينيين الموقرين..
مجيد بن عبدالله العصفور، مسقط”.
هذه شهادة نفخر ونعتز بها، نحن البحرينيين، جاءت من قلب صافٍ وعلى لسان إنسان صادق وصديق مُخلص مُحب، كتبها وهو لا يهدف من ورائها أي غرض أو مكسب سوى قول كلمة الحق والتعبير عمّا يخالجه من شعور بالوفاء والعرفان، ولم يكن يعرف أنها ستأخذ طريقها للنشر.
إنني أحرص على زيارة سلطنة عمان بانتظام منذ سبعينات القرن الماضي، وأصبحت الآن أتردّد على زيارتها بمعدل ست مرات في العام، وتكونت لي فيها حلقة واسعة من المعارف والأصدقاء من الأشقاء العمانيين من مسؤولين ورجال أعمال ومثقفين وغيرهم، وأستطيع أن أقول وأؤكد أن الصديق الوفي مجيد العصفور هو نموذج لكل من التقيتهم من العمانيين الذين، من دون استثناء، يكنّون ويحملون المشاعر والأحاسيس ذاتها في عميق وجدانهم، ونحن بدورنا في البحرين نبادلهم جميعًا، بل نزيد عليهم، أنقى أحاسيس ومشاعر المودة والتقدير والاعتزاز.
فتحية من أرض دِلمون الخالدة إلى أرض مَجَان الأبية، سلطنة عمان الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعبًا.