العدد 2814
الثلاثاء 28 يونيو 2016
banner
“التأسيس السعودي... سبلة عبدالعزيز”
الثلاثاء 28 يونيو 2016



من أصعب المعارك التي خاضها المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله معركة السبلة التي وقعت صبيحة 30 مارس 1929.
الصعوبة ليست عسكرية، على العكس حقّق الملك عبدالعزيز انتصارا ساحقا عليهم في تلك الروضة من رياض نجد بالقرب من مدينة الزلفي، لكن الصعوبة كانت بسبب الخطر الوجودي والوجداني، الذي شكلته حركة الإخوان في السعودية، خصوصا وسط البلاد وشمالها، من طرح ديني، في ظاهره، سياسي في باطنه، يزايد في الدين، عن خفة وجهل، ويهدد مصالح الناس وسابلة الطريق، ويفتئت على الدولة في خوض معارك خارجية من تلقاء نفسه. إخوان السبلة، هم غير إخوان حسن البنا، وإن كانوا سواء في الخطر على الدين والدنيا. ونجح الملك عبدالعزيز بالامتحان، وعبر بالبلاد والعباد لضفة المستقبل.
من أعمق الكلمات التي علق بها المؤسس عقب تلك المواجهات، السبلة وما بعدها، حتى سجن قادة الإخوان عام 1930. قال: “من اليوم سنحيا حياة جديدة”. ذكرها مستشار الملك عبدالعزيز، حافظ وهبة بكتابه “جزيرة العرب في القرن العشرين”. هذا النص الخطير الذي أورده الباحث السعودي قاسم الرويس بكتابه المفيد “يوميات الدبدبة” - الذي حقق فيه مقالات المرافق للملك عبدالعزيز، ومستشاره السياسي، يوسف ياسين - كاشف. يضيف قاسم واصفا السبلة بـ “الغزوة التاريخية المختلفة في تلك المرحلة الحاسمة”.
حافظ وهبة هو من المستشارين المقربين من الملك المؤسس، وصف السبلة بالمعركة الفاصلة “بين الفوضى والنظام”.
يوسف ياسين الذي كان بالقرب من الملك عبدالعزيز بمعركة السبلة ثم معارك الدبدبة (لملاحقة ذيول الإخوان بعد السبلة) بالقرب من الحدود الشمالية للبلاد، شرح تفاصيل ذلك بمقالات وقعها باسم “كاتب خبير”. كما شرح الرويس. بجريدة أم القرى، يقول: “هذا العام 1348هـ والذي قبله 1347هـ كانا من الأعوام التاريخية التي قطع فيها قلب جزيرة العرب شوطا بعيدا في الحياة”.
حول البعد الخارجي في توظيف تمرد الإخوان ضد مصالح السعودية كتب ياسين عن: “ما لقيه هؤلاء الأشرار من البلاد المجاورة من تسهيلات لم يكن يدعو للاطمئنان”.
عقد الملك عبدالعزيز مؤتمرات شعبية في تلك المرحلة الصعبة، أشهرها مؤتمر الرياض، ثم مؤتمر الدوادمي ومؤتمر الشعراء. ومما ذكره بالدوادمي (20 يوليو 1929) تعهده بقلع فتنة الإخوان لأنها جماعة: “تفتئت على دين الله وتقطع السبيل، وتفرق جماعة المسلمين”. ملتزما أمام الجميع بعدم تركهم. مقسمًا: “لا والله لا والله”. (الإمام العادل، الخطيب ج1 ص 308).
إذا، السبلة، كانت من مناهج التأسيس السعودي، ليست معارك عابرة بالتاريخ. والمناهج “الصحيحة” لا تبلى ولا تقدم.

نقلا عن الشرق الأوسط.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية