العدد 2790
السبت 04 يونيو 2016
banner
مرضى السكلر ليسوا حقلا للتجارب
السبت 04 يونيو 2016

كأنّ المعاناة التي يكتوي بعذاباتها المصابون بمرض الدم الوراثي “السكلر” لا تكفيهم. فنراهم يتعرضون لعذابات أخرى لا تقل ايلاماً. فبالأمس القريب اعتمدت وزارة الصحة دواء بديلا عن المورفين يسمى “الأوكسيكودون”. وكان من الطبيعي أن تعلو صرخات المرضى من هذا الإجراء وتستبد بهم المخاوف، ذلك انّ الدواء الجديد كان يجب “تجربته” قبل اعطائه المرضى. الحقيقة أنّ مطالبات المرضى لم تكن مخالفة للقانون ولا خرقا لما هو متعارف عليه في كل مستشفيات العالم. الجميع من مرضى وفئات المجتمع أبدى دهشته وصدمته في آن واحد وإلاّ كيف تصر الوزارة على صرفه للمرضى حتى دون الاستماع لوجهة نظرهم؟
 ما أقدم عليه الكادر الطبيّ بمركز امراض الدّم الوراثية إجراء يشكل خطرا على حياتهم. طبقا لأقوال المرضى انه في حال تمت تجربة نسبة قليلة من الحقنة فإنّه يفقد حقه في العلاج بالكامل أي لا يمكن اعطاؤه حقنة اخرى في اليوم نفسه، وهذا خلاف ما كان متبّعا في السنوات السابقة. إنّ مكمن الخطورة في هذا الاجراء انّه ربما يعرّض مصابي السكلر الى مضاعفات بالغة الخطورة قد تفضي الى الوفاة لا سمح الله.
 ينطلق مصابو السكلر من أنّ ثمة آثارا سلبية يخلفها الدواء الجديد لفئة من المرضى وبالفعل تسبب لبعضهم آثارا جانبية منها النزيف وانتفاخ الأيدي وتنمّل بجميع أطراف أجسامهم. وإذا كانت الخطة العلاجية الجديدة قد خلفت كل هذه الأضرار الوخيمة على أجساد المرضى في ظرف اسبوعين فقط وهي الفترة التجريبية فما الذّي يمكن ان نتوقعه اذا ما استمر الأطباء في خطتهم العلاجية لفترة أطول؟ ألا يجدر بهم – الاطباء – ان يجروا تقييما للحالات التي تلقت العلاج؟
عندما تساءل مرضى السكلر كيف تصرفون الدواء رغم ما تأكدّ من اعراض جانبية ومضاعفات كانت الاجابة محددة في كلمتين فقط: إنّها الارشادات! نفهم أن تكون هناك اعادة برمجة لعلاج المرضى لكن ألا يجدر بالكادر الطبيّ التوقف عن اعطاء الجرعات متى اتضح لديهم انّ الدواء الجديد أو المسكنات نتائجها سلبية؟
ثم أليس من المثير للاستغراب - كما يؤكد بعض المرضى - أن تشهد المستشفيات نقصا في مسكن الآلام “المورفين” بعد البدء في تطبيق الخطة الجديدة؟ إنّ الذي يطالب به المرضى بإلحاح شديد هو إعادة توفير دواء المورفين ومنحهم فترة تجربة للتعود على الدواء الجديد وأعتقد أنّ هذا من أبسط حقوقهم. وهم بهذا الصدد يناشدون وزيرة الصحة شخصيا بعد أن تجاهل الآخرون طلبهم.
كنّا قد توجهنا أكثر من مرة باقتراح الى المسؤولين بوزارة الصحة بأهمية اشراك مرضى السكلر في القرارات التي تخصهم والاستماع الى ملاحظاتهم. ولو أنّ الوزارة طبقت المقترح لأمكن تفادي الكثير من السلبيات وإنجاز الخدمات بصورة افضل لكنّ المؤسف هو ان ليس هناك من يستجيب لهم. وبودنا هنا التذكير بقضية مزمنة يئن من وطأتها المرضى ونعني بها تأخير صرف الادوية لساعات تمتد الى خمس وربما تزيد.
إنّ الأشد اهانة وإيلاما ليس على مرضى السكلر وحدهم بل حتى لأهاليهم مما يساق من اتهامات من انّ المرضى باتوا مدمنين على الدواء. ونتذّكر أنّ استشاري امراض الدم الوراثية محمد نافع صرّح ذات مرة لـ “البلاد” بأنّ بعض المرضى أصبحوا يحضرون للسلمانية للعلاج بالمورفين ثم يذهبون الى مركز صحيّ لنفس الغرض!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية