العدد 2787
الأربعاء 01 يونيو 2016
banner
تحدي القراءة فعلٌ حضاريّ
الأربعاء 01 يونيو 2016

هذا هو أكبر مشروع إقليميّ عربيّ لتشجيع القراءة بامتياز. المشروع انطلق بمبادرة ايجابية تحت عنوان تحدي القراءة. إنها بلا شك تستحق الترحيب والإشادة. ذلك أنّ المبادرة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبيّ تهدف في الاصل كما اشارت اللجنة المنوط بها وضع المعايير التي في ضوئها يتم اختيار من هم الأجدر بالجوائز - الى تنمية حبّ القراءة لدى جيل الاطفال والشباب في عالمنا العربيّ وتعزيز شغف المعرفة لديهم بالاضافة الى تنمية مهارات الطلاب في التفكير والنقد والتعبير. الذّي أثار اعجابنا كآباء وأفراد مجتمع كل في موقعه بدرجة أكثر أن يؤكد المشرفون على اللجنة مبدأ غاية في الاهمية هو تعزيز قيم التسامح والانفتاح الفكري والثقافيّ من خلال تعريفهم بأفكار الكتّاب والفلاسفة.
قد يندهش البعض ان نطرح اسئلة تبدو بديهية من قبيل: لماذا هذه المبادرة؟ ولماذا في هذا الوقت بالتحديد؟ وكيف كان الميدان التعليمي هو المجال الذي وقع عليه الاختيار؟ الإجابة ببساطة انّنا كأمة عربية نعيش ظروفا بالغة التعقيد تدفع بالمسؤولين الى استشعار الازمات والتحديات، أما كيف اختارت ميدان التعليم فلإنّ المؤسسات القائمة على تعليم وتربية الاطفال والشباب مارست تجاهلا بحق هذه الفئة حينما لم تكن لمطالبهم واحتياجاتهم هدفا للتطوير. وكان الأجدر أن تضع في مقدمتها بل أهمها على الاطلاق تشجيع القراءة بوصفها البوابة الاولى للعلم والمعرفة. في اعتقادنا انه لا يكفي تلقين طلابنا مناهج التعليم وحدها دون ان نغرس فيهم ومنذ نعومة اظفارهم حب الاطلاع والمعرفة، ولا يمكن ان تتجذر في نفوسهم الاّ عبر القراءة الواعية.
 إنّ لجنة “تحدي القراءة العربي” كانت مدركة الى حد كبير تحديات الفرد العربيّ والعوامل المعيقة لتقدمه ونهضته فعمدت الى فتح الابواب أمام الميدان التعليمي والآباء والامهات في العالم العربيّ للمساهمة في هذه الغاية النبيلة، ذلك ان تغيير الواقع لن يتحقق الا بغرس القراءة في الاجيال الجديدة.
عقود من السنوات تصرمت من أعمار الأجيال العربية وهي تحاول اللحاق بركب التقدم – ولا نقول إنجاز الفعل الحضاري – بيد أننا نفشل فشلا ذريعا لا عن عجز في قدرات اجيالنا فمنهم من اكدّ موهبته وقدراته في العديد من المجالات العلمية لكن المحزن أنّها كانت في فضاءات بلدان غير بلداننا العربيّة. أما اذا سنحت لهم الفرص فإنّ ابداعاتهم تصارع ما ينجز في شرق العالم وغربه.
 قبيل أيام حملت الينا الاخبار مفاجأة اثلجت صدورنا بإعلان فوز احدى طالبات البحرين بمسابقة “تحدي القراءة العربيّ”. وهذا الإنجاز أهلها لإجراء التصفيات على مستوى الوطن العربيّ وحضور الحفل الختاميّ أواخر سبتمبر. الطالبة عبّرت عن فرحتها الغامرة بهذا الانجاز الكبير كونها تمثل وطنها في المحافل الخارجية ولأنها استطاعت ان تتخطى الآلاف من المتقدمين للجائزة. هذا الانجاز المذهل لم يغير قناعتنا بأنّ هناك العشرات من المبدعين لا ينقصهم سوى اتاحة الفرص أمامهم للانطلاق كما أنجزت هذه الطالبة. الجميل أنّ احرازها هذا التفوق لم ينس مبدعتنا الصغيرة أن توجه شكرها لوالديها ومعلماتها بوصفهم من ارشدوها وذللوا امامها كل العقبات.
 اطلاق مبادرة “تحدي القراءة العربيّ” أثار العديد من القضايا ذات العلاقة اهمها انّ الكثيرين من شبابنا وشاباتنا يتعذرون بضيق الوقت أمامهم لممارسة القراءة. ولو أنّك واجهت البعض بسؤال لماذا لا تقرأ؟ لكانت اجابتهم السريعة انهم لا يجدون الوقت! العبارة باتت مستهلكة على لسان الاغلبية منهم وبصراحة لم تعد مقنعة لأسباب عديدة. انّ من يتعذرون بضيق الوقت يمضون الساعات أمام شاشات الاجهزة الالكترونية وساعات اخرى في المقاهي او المجالس.
 وإزاء قضية كالتي نحن بصددها ونعني حبّ القراءة فإنني اكاد اجزم انّ اساس المشكلة أنّ القراءة تنبع من داخل الفرد وبالطبع لا يمكن اغفال البيئة المحيطة. ومع مرور الايام فإنّها تصبح متجذرة بل تتحول مع الممارسة الى اعتياد يوميّ بل قد يصبح الكتاب صديقا لا يمكن التخليّ عنه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .