العدد 2111
السبت 26 يوليو 2014
banner
وتساقطت الأقنعة في غزة محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 26 يوليو 2014

الجرائم البشعة التي اقترفتها العصابات الصهيونية في غزة أسقطت الكثير من الأقنعة التي كانت تتخفى وراءها أميركا وحليفاتها من الدول الأوروبية. بل كشفت زيف الحضارة الغربية برمتها. والسؤال الذي يدور بخلد كل مواطن عربيّ هو التالي، هل كنا بحاجة الى دليل أكثر وضوحا مما يجري في فلسطين لنتأكد من موقف أميركا السافر والأعمى ضد الفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية جميعاً؟ لا نحتاج الى عناء كبير للوقوف على حجم المؤامرة الأميركية على فلسطين منذ عقود عدة الى اليوم لتصفية القضية الفلسطينية وبقاء دولة الاحتلال. فالذي بات معروفاً للقاصي والداني أنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تتوقف عن دعم الكيان الإسرائيلي بكل اشكال الدعم العسكري والمالي. فلم تتوقف اميركا عن امداد اسرائيل بأنواع الأسلحة اضافة الى تسهيل هجرة الآلاف من اليهود الى فلسطين منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق ترومان الى اليوم. كما كشفت الأحداث الدامية والمروعة في فلسطين أنّ دويلة العصابات الصهيونية لا تلتزم بهدنة ولا اتفاقيات مهما ابدت من حسن نية لهذه المبادرة أو تلك.
إنّ انحياز أميركا السافر ضد فلسطين لم يقتصر على مجال دون آخر فأغلبنا بلا شك يتذكر عدم اعترافها بفلسطين حتى في المنظمات الدولية والإنسانية ويمكن الإشارة هنا الى اصرارها على رفض عضوية فلسطين في منظمة التربية والثقافة والعلوم رغم كونها منظمة ثقافية دولية بحتة لا شأن لها بالسياسة. والذي يمكننا ان نستنتجه من هذا الموقف العدائي هو فرض طوق من العزلة ضد كل ما له علاقة بفلسطين خصوصا والعرب بشكل عام.
إنّ العرب يتساءلون بكل براءة: لماذ تكرهنا أميركا؟ علما اننا لم نقدم على أي فعل يغضبها؟ وكان هذا هو السؤال الذي كانت الولايات المتحدة الأميركية قد فاجأت العالم به بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2011م (لماذا يكرهوننا)؟ وإذا كات اجابة السؤال الثاني سهلة ويسيرة وهي أنّ جرائم اميركا وسياستها القائمة على الانحياز العلنيّ ضد كل ما هو عربيّ وتسلطها على دول العالم الثالث تحديداً اضافة الى تدخلها المفضوح في شؤون الدول الأخرى دون أدنى مراعاة للأعراف الدولية والانسانية كما كشفت عنه مؤخراً لإحدى الدول الأوروبية “ألمانيا” من تنصت على مؤسساتها.. بيد انّ الاجابة على السؤال الاول تبقى غامضة تماماً.
أما السؤال الذي يفترض أن يوجهه العرب الى انفسهم اليوم هو التالي، كيف نجعل أميركا تقيم لنا وزنا بين دول العالم أو على الأقل كيف نخفف من حجم هذه الكراهية تجاهنا؟ اعتقد أنّ المشكلة تكمن فينا كعرب فنحن من وضعنا جلّ آمالنا في هذه الدولة ونحن من منحناها ثقتنا المطلقة رغم ما تمارسه من تآمر ضدّنا. ورغم قناعتنا انّ ما يصيبنا من شرّ وخير هو في نظرنا اميركي. فأميركا من ترسم مستقبلنا بل مستقبل العالم أما نحن فقنعنا بكوننا متفرجين نضحك ونبكي ونصفق ولم نحاول ولو لمرة واحدة أن ننتقل من مقاعد المتفرجين الى صف الممثلين. فهل بعد هذا نلوم الولايات المتحدة او غيرها عما يجري علينا من كوارث أو نكبات؟
إذا أردنا كأمة أن نأخذ حجمنا ودورنا على مسرح الأحداث العالمي وأن تحسب لنا اميركا وغيرها حساباً فلابدّ أن نعيد النظر فيما نحن سائرون عليه ومن ثمّ تصحيح الأخطاء والأهمّ ايضاً هو ان لا نصدّق انّ اميركا يمكن ان تعيد لنا حقوقنا في يوم من الايام ذلك أنّها لم تكن مع العدل ولا الديمقراطية. ومن هنا فالمطلوب تبني سياسات واقعية وعدم الارتهان لهذه الدولة أو تلك فهل نتعلم الدرس؟.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية