العدد 2385
الأحد 26 أبريل 2015
banner
المرة الأولى خطأ... أما الثانية كارثة! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 26 أبريل 2015

الشيء المؤلم اليوم أن المؤسسات الوطنية التي استعانت ابان الأزمة بالكوادر والعناصر الوطنية الشريفة بعد أن خذلتها العناصر الخائنة، بدأت اليوم مرحلة عكسية، إذ بدأت هذه المؤسسات تتخلص من العناصر الوطنية وتبقي العناصر الأخرى وهذا مبعث الخوف من أن البعض بدأ ينسى ما حدث وهي بداية السيناريو القادم والذي ستتعلم منه العناصر الوطنية ألا تلدغ من الجحر مرتين، هذه مقدمة قد تبدو لا علاقة لها بالموضوع ولكنها في صلبه.
هذا يقودنا لتأمل المنعطف الخطير الذي مرت به البحرين وتجاوزته من ضمن ما مر به العالم العربي، ومنذ ذلك بدأت المتغيرات في البحرين بصورة لا يمكن إنكارها، بعضها سلبية وبعضها ايجابية، فليس كل ما حدث كان سلبياً ولم تكن الأحداث الجسيمة التي مرت كلها كارثية على البلاد والعباد، فالتغيير الذي حصل خصوصا الذي افرز شارعا وطنيا وضع البحرين على واجهة العالم وأصبحت الأنظار موجهة لنا.
مؤشرات ومظاهر حية نراها في مجتمعنا تؤكد أن البحرين دولة عصرية حداثية متقدمة من كل الجهات، وكانت كذلك منذ مطلع القرن الماضي وظلت ترتقي لتصبح محل انظار العالم، هذا من حيث المبدأ ولكن تبقى هناك ممارسات سلبية، بعضها سطحي لا يضر وبعضها من يشوه هذه الصورة العصرية وفي رأيي السبب وراء هذه الممارسات هو فقدان الولاء للعمل وهذه مصيبة تشاركنا فيها الشعوب العربية والإسلامية، العمل عندما يقوم به الانسان، أيا كان موقعه، لابد أن يبدع فيه ويقوم به كما لو كان العمل لنفسه وشخصه ولو توفرت هذه الروح المخلصة للعمل لما وجدنا وقت الافطار لدى الموظفين ساعة ووقت الصلاة ساعة ثم وقف تقديم الخدمات للمواطنين قبل انتهاء الدوام بساعة في بعض الدوائر والمؤسسات بحجة إغلاق قسم التحصيل... ألخ.
المستوى الذي وصلت إليه البحرين اليوم من تقدم لاشك وراءه رجال بذلوا اقصى طاقاتهم واستخدموا كل خبراتهم وتحصيلهم العلمي وتجربتهم العملية وشقوا طريقهم بثقة واقتدار ولولا ذلك الولاء والإخلاص للعمل لما وجدنا البحرين على ما هي عليه اليوم.
أعرف أن هناك من سيقول انك تغفل الوجه الآخر للنواقص والأخطاء والسلبيات، لا ليس هذا المقصود، أنا أكثر من كتب وانتقد بشدة، من الوزراء الى نواب إلى الشورى، بأقصى ما يمكن أن يكشف السلبيات، ولكن ليس معنى ذلك أن نتوقف ونرى الصورة القاتمة وهي صغيرة ولا نرى الصورة الناصعة وهي كبيرة لذا علينا بنقد السلبي وفي نفس الوقت نتباهى بالإيجابي حتى لا نجلد أنفسنا كما يفعل كثيرون اليوم لو أنهم فقط قارنوا حياتنا هنا بحياة مجتمعات غربية وشرقية من حيث الصحة والعلاج والإسكان والخدمات وحتى في مستوى المعيشة فيما يتعلق بأسعار الخبز واللحوم والوقود لوجدنا أن من ينظر بانبهار بتلك المجتمعات أتحدى أن يعيش فيها بعد أن رأى الحياة في البحرين وإلا ما الذي يجبر كثيرا من الأجانب ذوي المناصب العليا على ترك بلدانهم ليأتوا ويعملوا ويعيشوا هنا بل وبعضهم بعد أن يتقاعد يظل هنا هو وأسرته.
هذا الكلام أسوقه اليوم بسبب ما تلفقه الزمرة المرتبط ولاؤها بإيران ولا يمر يوم لا تجد فيه نقطة سوداء في كل شيء يبدأ وينتهي بالبحرين حتى أسعار اللحوم التي هي هنا بدينار للكيلوجرام وهو اقل سعر في دولة من دول العالم يرى فيه أولئك ان أسعار اللحوم في ايران أرخص! مع العلم أن الإيراني محظوظ إذا أكل وجبة اللحم في الشهر مرة، طبعا ليس من دافع صحي أو نباتي.
المتحاملون على وطنهم... أتساءل متى يرجعون لصوابهم ويحبون بلدهم الذي وفر لهم ما لم توفره دولة لشعبها بالإمكانيات المحدودة التي لا تقارن بدول المنطقة؟ لا أنكر ان هناك تقصيرا واخفاقات ومسؤولين حان الوقت لنقول لهم شكراً ولكن بالمقابل هناك من يبني البحرين ويضعها على طريق العصر والتقدم والازدهار ولولا معاناتنا طوال الفترة الماضية مع الإرهاب والعنف والتخريب وتعطيل المصالح لكان الوضع أفضل بكثير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية