+A
A-

أنا من رشح “آل محمود” لقيادة التجمع... ولكنه أخذ زمام المبادرة دون تنسيق

أجرى الحوار – أحمد زمان
أعده للنشر – فواز جاسم
كشف النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة ما أدى إلى ابتعاده عن تجمع الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أنه هو من اقترح اسم الشيخ عبداللطيف آل محمود رئيساً للتجمع، والذي لاقى قبولاً كبيراً من المكونات المشكلة له، معتبراً أن الخطأ الرئيسي كان في أخذ الشيخ عبداللطيف زمام المبادرة دون العودة للجمعيات السياسية المنضوية تحت التجمع. وعارض المعاودة انضمام أعضاء في التجمع لطالما كانت مرفوضة من قبل الشارع واعتبرها جزءا من المشكلة، مشيراً إلى تجاهل الشيخ عبداللطيف آل محمود لهذا الأمر، مما أدى إلى ابتعاد عدد من المؤسسين عن التجمع. وفيما يتعلق بحل الأزمة السياسية القائمة في البحرين، فقد أكد أن “وثيقة الفاتح” التي تمت صياغتها بالتنسيق مع المنبر الإسلامي هي الحل المناسب الذي يمكن البناء عليه، مشيراً إلى أن تعزيز صلاحيات السلطة التشريعية والبناء على المشروع الإصلاحي لجلالة الملك هي من مرتكزاته. وأما فيما يرتبط بالتدخل الخارجي في شؤون البحرين، فقد رفض المعاودة تدخل السفير الأميركي في الشأن الداخلي، مؤكداً أن أي اصطفاف من قبل السفير مع المعارضة أو التدخل سيقابل بالرفض التام. وقال المعاودة إنه لم يتلق أي رسالة رسمية حول إقالته من كتلة الأصالة البرلمانية، لكنه علم بذلك من خلال اجهزة الإعلام، مشيراً إلى أنه مازال ثابتاً على مبادئه ومتواصلاً مع جمعية الأصالة.
وفيما يلي نص الحوار:
كانت هناك محاولات لإيجاد صيغة لتحالف وطني يجمع الجمعيات السياسية الوطنية، نشأ من خلالها ما عرف لاحقاً بـ “تجمع الوحدة الوطنية”، إلا أنه ما لبث أن حدثت هناك اختلافات وانشقاقات منها خروجكم وخروج قيادات جمعية المنبر الوطني الإسلامي، وعلى رأسها الشيخ ناصر الفضالة، ما هي أسباب هذا الخلاف في رأيكم؟
- أعتقد أنه لا يخفى على أحد أن جمعية الأصالة كانت هي صاحبة الفكرة والحركة الأولى لبداية هذا التجمع، حيث تم طرح هذا الأمر في اجتماع للمكتب السياسي للأصالة خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع المنبر الوطني الإسلامي بعد انتخابات 2010، وآثارها السلبية على الجماعتين وكذلك أحداث 2011.
فعلى الرغم من بعض الاختلافات فيما بينهما، إلا أنهما يبقيان الأقرب لبعضهما البعض في العمل في الساحة الاجتماعية والسياسية، لذا ينبغي أن يكون هناك تعامل واضح بين الجميع.
فكان القرار هو العمل على تكوين هذا التجمع، ولكن كخطوة ثانية بعد الخطوة الأولى، وهي الاتصال والتنسيق مع جمعية المنبر الإسلامي لتكوين النواة الأولى، وتمت هذه الخطوة الأولى بنجاح تام.
وفي هذا الاجتماع طرحنا فكرة كيان يجمع المكونات السياسية الأكبر في البحرين، إضافة إلى كل من يريد تجمع وطني بغض النظر عن انتمائه أو جمعيته أو اسمه، على أن يكون تجمعاً واضحاً وطنياً يخدم البحرين ويحافظ على أمنها واستقرارها.
وحينها كُلّفتُ شخصياً بالاتصال بالمنبر الوطني الإسلامي وترتيب اجتماع، ورحب الاخ الفاضل عبدالعزيز المير بذلك أشد الترحيب، والذي تمّ من خلاله الاتفاق التام على التنسيق بين الجماعتين وتجاوز مرحلة الاختلاف.
وكذلك طرحنا فكرة تجمّع يجمعُ كل الأطراف، ومن خلالها اتفقت جمعية الأصالة وجمعية المنبر أن يكون الشيخ عبداللطيف المحمود رئيساً للتجمع، وتم إعلامه برغبتنا هذه، فوافق.

يقال إنك أنت من طرح اسم الشيخ عبداللطيف ليرأس التجمع؟
نعم هذا صحيح، ولكن كان الاتفاق من الجميع من دون أي تردد من أي طرف.
وكُلّفت بالاتصال به وبالشيخ عبدالرحمن عبدالسلام علماً أنه كانت عندنا في الأصالة هذه الفكرة منذ العام 2001، وقد تم التواصل حينها لإنشاء تجمع من هذا القبيل العام 2000، حيث دعونا لاجتماع يضمني والشيخ عصام إسحاق (الأصالة و التربية) والشيخ عيسى بن محمد وعبدالعزيز المير (الاصلاح والمنبر) وعبداللطيف آل محمود وعبدالرحمن عبدالسلام (الإسلامية والشورى)، والذي انبثق منه تجمع تأليف القلوب، والذي استمر لفترة، ثم انقطع بعد دخول الانتخابات بيسير لأسباب ليست بعيدة عن أختها.
عموماً تم الاتفاق على عبداللطيف آل محمود من قبل كل من المنبر والأصالة على أساس أن تكون هذه الكيانات الثلاثة الأم، وهي: المنبر والأصالة والشورى، كيانا يمثل مظلة للجميع، حيث رحب كل من عبدالرحمن عبدالسلام وعبداللطيف آل محمود بالفكرة.
ومما يؤسف له أنه وبعد الاتفاق مباشرة أخذ بداللطيف زمام الأمر لوحده، ومن دون تنسيق من الجمعيات الثلاث، وربما يرجع ذلك لعدم تعود الشيخ على العمل الجماعي، وهذا واضح جداً في طريقة ادارة الجمعية الاسلامية، وربما كان ذلك سبب رئيسي في عدم انتشارها في الشارع، ثم تم إقحام شخصيات مختلفة تماماً ومرفوضة من الشارع السني عموماً ومن تياري الإخوان والسلف خصوصاً، ولا أدل على ذلك من خسارتها في كل انتخابات شاركت فيها سواء نيابية أو بلدية، وآخرون لم يُعرف لهم دور قيادي أبداً في الشارع السني مما جعل المشروع بالنسبة لهم فرصة بروز وظهور شخصي لا أكثر ولا أقل. علماً بأن التنسيق قبل ذلك كان من قبل الجمعيتين المنبر والأصالة على التحركات كافة، وبدا واضحاً في تجمع الوحدة الوطنية الأول، حيث تم ترتيب وتنظيم التجمع وفعالياته من قبل منتسبي الأصالة والمنبر كله على شباب الجمعيتين، ونجح نجاحاً منقطع النظير.
ومن بعدها أخذ عبداللطيف المبادرة الإدارية بنفسه ومن دون التنسيق المسبق، وكانت الدعوة مفتوحة بلا أي تنسيق أو ضوابط، بل دخل من لم يكن الحضور يعرف اسمه، وكان الميزان مختلاً حيث كان من لا يُعرف ومؤسسو التجمع سواء.
وللأسف أخذت المسألة تقاد بروح الندية بدلاً من أن تقاد بروح القلب المفتوح للجميع الذي يؤثر مصلحة البلد في المرتبة الأولى. فكانت نيتنا جمع الكل ورحبنا حتى بمن هم خارج هذه الجمعيات؛ ليعلموا أن الجمعيات لا تحوي الجميع، وما أردناها أن تقتصر على فئة أو توجه معين غير البحرين، ولكن للأسف، فإن الجمعية أخذت تأخذ منحا إقصائياً، وكأن المنبر والأصالة ليستا جزءا من هذا الكيان، وهما من صنعوه ابتداءً.
وللعلم، فنحن لم ننسحب، ولكن من أول اجتماع رأينا العملية تدار بفوضى وبروح غير طيبة ولا شفافة، فلم ننسحب من التجمع، ولكني شخصيا اعتذرت للأصالة أن أكون أنا الممثل لهم في التجمع بسبب الأسلوب الذي كان يوجه به، حيث كنا أنا وحمد المهندي نمثل الأصالة، فطلبت من الأصالة إعفائي من المهمة؛ ليواصلها غيري وقد تم ترشيح الأخ غانم البوعينين مكاني، وأصر عبداللطيف المحمود ألا يمثل كل جمعية (الأصالة والمنبر) - رغم ثقلهما- أكثر من واحد، في حين 3 إلى 5 كانوا يمثلون الشورى (والجمعية الإسلامية الأم).
ولم يتم الاعتراض ولا حتى مجرد التنبيه، فنحن لم نخرج، بل بقي غانم يمثل الأصالة واضطررنا لإبقاء المهندي لتوجيه التجمع الوجهة الصحيحة لما رأيناه من تخبطات من بعض أفراده. ولقد ساهما (غانم وحمد) بشكل كبير بخبرتهما الطويلة في السياسة والقانون في تقوية التجمع وتنظيمه بالرغم من كل الصعوبات التي وضعت لهما. وفي البداية ظنوا أن عبداللطيف كان غير مستوعبٍ لمثل هذه التفاصيل وخلفية الخلافات كلها، وأولئك كانوا يعملون على التشكيك في أعمال الجمعيات الأخرى ونواياها، ولم تكن هناك الروح الجامعة.
فما أردنا أن نبطل هذا العمل، وقلنا كل من أراد أن يعمل فليعمل، وسنكون لهم عونا عند الحاجة، وإن أي تجمع سيقومون عليه سنحضره، ومازالت بعض الكوادر من الأصالة والمنبر موجودة في التجمع إلى اليوم بالعدد الذي سمح لهما به، فلماذا يطالبان الآن بأكثر مما كان يسمح لهما به بالأمس.
هل ترى أن الوسط العربي الإسلامي بأفكاره القومية قد استأثر على تجمع الوحدة الوطنية؟
- لا أعتقد أن الوسط العربي الإسلامي له القدرة على الاستحواذ على تجمع أو جماعات، ومع أنه لديه بعض العناصر المتميزة، وإن كان قد استحوذ على نصيب ليس بالسهل في المناصب القيادية بالتجمع، إلا أن هذا لا يصل إلى الاستحواذ على القاعدة الشعبية، فعناصره ليست لها القدرة على التجميع والتحشيد، وليست لديها امتداد قادر على القيادة الشعبية، فكل ما لدى هذه العناصر هو تبني بعض الشخصيات النخبوية المثقفة سواء السياسية أو الأكاديمية، أما الامتداد الشعبي فهو غير موجود.
كما أن فكر الجمعية غير مستقطب أصلاً للجماهير، فلذلك هو لا يمكن إلا أن يكون ضمن شيء، ولذلك هم ينافسون على اساس أنهم عمق، ولكنهم في الحقيقة أشخاص، وليس خطأ أن تستفيد منهم الكتل التي لها امتدادها الجماهيري على الرغم من أن تلك الكتل ليست بالفقيرة من الشخصيات والمثقفين والمتميزين.

فيما يتعلق بالانتخابات التكميلية في منطقة المحرق (الدائرة الثامنة) بالحد، فالمعروف أن الأصالة كانت مسيطرة على الساحة في مدينة الحد في تلك المنطقة فما هي أسباب تراجع الاصالة خاصة، وأنها دعمت المرشح عبدالرحمن بوعلي؟
- لا أشك في أنك لو سألت النائب سمير خادم عن منهجه، فستجده يجيب أن منهجه سلفي ولن يتردد في ذلك، مثله كمثل أي مسلم ملتزم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه على منهج الصحابة وتابعيهم من السلف الصالح. والأخ سمير رجل معروف بوضوحه في دينه وفي منهجه، وكان متعاوناً جداً مع الأصالة التي دعمته طوال السنوات السابقة وكأنه واحد منها، بل إنه كان في المجلس البلدي وكأنه جزء من كتلة الأصالة.
وللعلم أن هناك كثيرا من شباب الحد السلفيين آثروا دعم المرشح سمير خادم قناعةً، وكذلك بعض أعضاء المكتب السياسي للأصالة، ولكن انسحاب سمير خادم أول مرة كان مفاجئاً وأربك قرار الجمعية، فكان الأمر محير وخاصة بأن الأخ عبدالرحمن بوعلي يتمتع بشخصية جيدة وله مؤيدون كثر، ونحن في النهاية احترمنا رأي اللجنة بالحد، ولكن كعادتنا لا نحجر على أحد رأيه. لذلك لم تخلُ حملة الأخ سمير أيضا من شباب سلفيين وقفوا معه بوضوح، وأعتقد أن الأصالة كانت تعلم أنها فائزة في الحالتين.

فهل يعني ذلك أن هناك انشقاقا داخل الحركة السلفية بالحد على الأقل؟
كما اسلفت لك بأن الموضوع لم يشكل عند الأخوة مشكلة، فكلا الأخوين مكسب ونحن رابحون في الحالتين، وقد كان ملاحظاً جداً عزوف الناخبين عن المشاركة إلى 31 %.
كما إن الإعلام كان له دور ضد التكتلات الإسلامية ودائماً ما يضغط بذلك الاتجاه، وأقولها بصراحة: إن الإعلام يضغط باتجاه مبدأ ولاية الفقيه، وهو يقصد الوفاق ومن ثم يسقطه على التيار الإسلامي السني، ويخلط الحابل بالنابل.
وأعزوا فوز النائب سمير خادم إلى أسباب عدة، لكننا أصلاً لا نحمل هم الحد فكلا المرشحين مكسب لنا وسمير خادم كما ذكرت نعتبره واحدا اصيلا من الأصالة.

في مارس 2011، فصلتك كتلة الأصالة من كتلتها بمجلس النواب لعدم حضورك للتصويت على استقالة كتلة الوفاق، مما أثار جلبة. فهل أثر ذلك على وجودك في كتلة الأصالة وجمعية الأصالة عموماً، وكيف هي علاقتك بها الآن؟
- للعلم أنني لم أخرج في حينه عن الاتفاق بيني وبين الكتلة، إلا أنه حدث استعجال في القرار من وجهة نظري، كما أنه وإلى لحظتي هذه لم أخبر بشيء، ولم أعرف حقيقة وحيثيات القرار، بل وحتى لم أبلغ به رسميا حتى اللحظة، ولم أعرف عنه إلا من خلال الإعلام، إلا أني مع أعضاء الجمعية وأشخاص الكتلة داخل المجلس كنت ومازلت على أحسن حال وما زالو يتعاونون معي ويرجعون لي خاصة في الأمور المهمة بالمجلس وما يخص البحرين، وأنا لم أتغير قيد أنملة، ومنهجي وثباتي على سلفيتي ثبات الجبال أسأل الله الثبات. ويجب أن يكون عملنا جميعاً لله سبحانه وليس لجماعة أو جهة، ولم أزل على ما كنت عليه ولم أتغير بسبب فعل أو رد فعل، وأرجو أن يوفقني الله للعمل لمرضاته دوماً وهذه منة منه وحده سبحانه وتعالي، والحب والاحترام لإخواني لا يمكن أن يعكره خطأ أو تقصيرا ولا ينبغي تحميل الدعوة أو الجماعة أخطاء أفراد منها أو ربما تدخلات غير محمودة.

هل يعني ذلك أنك لم تكن تريد خروج الوفاق من المجلس؟
- الذي يجهله كثير من الناس هو أن الخلاف لم يكن على قبول الاستقالة أو رفضها وإنما كان على تأخير البت فيها لمدة خمسة أيام فقط لا غير، وذلك لأسباب كانت مهمة حينها، والدليل أنني لم أشذّ عن البقية يوم التصويت الذي كان بعد التصويت الأول بخمسة أيام، وأعتقد لو أن التحركات التي كانت جارية وأعطيت وقتا يسيراً لربما جنبنا البلاد كثيراً مما مر بنا، والعلم عند الله.
إن الازمة السياسية أثرت على البحرين في شتى المجالات وأكثرها تأثراً موضوع الوحدة الوطنية والحالة الاقتصادية، حيث أصبح شرخ كبير بين مكونات الشعب واضح، فالتوجه والخوف من الآخر هي السمة الغالبة، كما تأثر الاقتصاد الوطني وظهرت آثاره السلبية على القطاعين العام والخاص، وإن استمرار الازمة سيفاقم من المشكلة وسيدخلها في مرحلة أكثر تعقيداً وأصعب حلاً. وإن التدخلات الخارجية وخصوصاً من أميركا وإيران في الشأن الداخلي بالبحرين عقد المشكلة.
ولعل الجميع يلاحظ اليوم من دون أي غبش في الرؤية الجهد الكبير الذي يحاول أن يبذله رجال البحرين المخلصين لإعادة المياه إلى مجاريها، وكم دفعنا من أجل ذلك؟ وهل يمكن إصلاح الأمور بمثل هذه الاخفاقات (بالريموت كنترول)؟ أما كان الضمير رجاء عدم تفاقم الامور والسعي لإيجاد حل أمر يستحق التذكير؟ ألسنا صابرين اليوم على ما هو أكثر مرارة؟ ولا أعتقد أن أحداً الآن يزعم أنه مرتاح لما يجري. فمهما كان الخلاف والاختلاف، فإن التعايش السلمي هو مطلب الجميع، وحفظ الحقوق واستحالة أن يلغي طرف الآخر، والتعايش ضرورة وليس حاجة سواء أحببنا ذلك أم كرهناـ فالكل مفروض واقعا على الآخر والخسران حليف من يريد أجندة أحادية أو مزاجية. وفي النهاية الكل متضرر، وكلما كنا قريبين سنتمكن من حل الأمور مهما كبرت، ولكن في حال الفرقة والانشقاق والتباعد، فلن تحلّ مشكلة، فكل طرف سيعيش في عالم مختلف، ولقد وصل بنا الحال الى أن بعض من في القرى يتصور ما يحدث في البحرين وسوريا سواء إلى هذه الدرجة يُغسل الدماغ فترى البعض يعيش في عالمه والطرف الآخر لا يعلم ما يتعرض له الآخر من إرهاب فكري وتدليس ينتج عنه ما نراه.

بعد خروج الوفاق من المجلس وإعادة الانتخابات هل تعتقد أن المجلس ضعف كأعضاء وكتل، وهل يستطيع أن يناكف الحكومة؟
- لا شك أن هناك رجالا ونساء في هذا المجلس مخلصين ومحبين للوطن ويعملون بجد، ولكن هل قوة المجلس الحالي كقوة المجلس السابق؟ لا وألف لا، ومن قال ذلك فليراجع نفسه، بل إن المجلس السابق كان أقدر على الضغط في ملفات معينه، وكان في حالة التوافق يكون قادرا على تحقيق الكثير. كما أن المجلس الحالي رغم حبه وإخلاصه، إلا أن الوزراء لا يعيرون له الاهتمام المطلوب، وهذا ليس كلامي، بل كلام شعب البحرين.
وإن عدداً من الوزراء هم جزء من المشكلة، حيث لا يملكون الشجاعة والجرأة في ايصال المشاكل. وطرحها بوضوح في مجلس الوزراء. وإن رئيس الحكومة الموقر لا يتردد في اتخاذ القرارات الشجاعة عندما تكون في مصلحة المواطنين، ولكن النقص من بعض الوزراء، وقد رأينا أن القيادة حينما تصل إليها الأمور لا نجد منها الا التعاون.

ما هي تصوراتكم التي تجدونها لحل الأمور في البحرين، وكيف ترون السبيل للخروج مما تمر به كنائب في مجلس النواب وكمواطن؟
- كما ذكرنا آنفاً أن الأزمة السياسية أثرت على البحرين في شتى المجالات وأكثرها تأثراً وأخطرها موضوع الوحدة الوطنية ولا يقل عنه سوءاً الحالة الاقتصادية. وما يجب ألا يخفى على أحد هو أن الحل الطائفي لا يمكن أن يكون حلاً للبحرين، الحل لابد أن يكون حلاً وطنياً بحرينياً خالصاً يأخذ في الاعتبار بُعده الوطني والخليجي والعربي والإسلامي. أما الحل الطائفي سواء لهذه الطائفة أو تلك، فليس بحل ولن يكون ممكناً أطلاقاً.
والحل يجب أن يكون قائماً على العدل بين الجميع وللجميع، ويجب أن ينظر الحل إلى المواطن كمواطن، وهذا هو المعيار الذي يبنى عليه. كما أنه (أي الحل) لا يمكن أن يكون أجنبياً. فأهل مكة أدرى بشعابها ولا يمكن سلخ البحرين عن منظومتها الخليجية في هذا الوضع الدولي المربك والمرتبك. وإن صدقت النوايا لم يعسر الحل، مع تجنب التدخلات الأجنبية.
الأزمة في البحرين هي أزمة سياسية اصطبغت بالصبغة الطائفية عند البعض، وعند آخرين العكس، لذلك أي حل يتم دون اشتراك المكونين الرئيسيين للشعب هو حل فاشل. لذلك أولا يجب أن يشترك الممثلين للطائفتين في الحل. وثانيا أن يترك لهما الاتفاق على سقف الاصلاحات. وثالثا يجب أن تكون هذه الاصلاحات متوازنة تحفظ للطائفتين استمرار الاستقرار والتعايش السلمي فيما بينهما.

ما هو سقف الإصلاحات الممكنة حسب رؤية جمعيتكم جمعية الأصالة الإسلامية؟
- الإصلاحات التي تراها جمعية الأصالة الإسلامية صدرت في وثيقة مشتركة مع جمعية المنبر الإسلامي سميت وثيقة الفاتح بينت فيها سقف الإصلاحات المطلوبة، ومنها إجراء بعض التعديلات الدستورية، وقد تم الاستجابة لبعضها في التعديلات الدستورية الأخيرة.

المعارضة البحرينية تنادي بمملكة دستورية شبيه ببريطانيا تشكل فيها الكتلة البرلمانية الأكبر الحكومة. فما نظرتكم في ذلك وهل أنتم مع هذا الطرح؟
-نحن مع المشروع الاصلاحي للملك، ونطالب بمزيد من الاصلاح السياسي وإعطاء السلطة التشريعية صلاحيات أكبر، ولكن يجب أن تكون هذه الإصلاحات متوازية لا تبغي فيها طائفة على أخرى للحيلولة دون حصول عراق أو لبنان آخر بالبحرين؛ وذلك لضمان استمرار التعايش بين مكونات الشعب البحريني.

زيارتكم إلى الحدود الأردنية – السورية... ماذا كان الهدف من الزيارة؟
- مؤكد أن هناك جانبا إنسانيا كبيرا في هذه القضية، ولكن هناك جانب أكبر، فالمنطقة على مفترق طرق إما دمار شامل أو إصلاح شامل، فإيران فقدت البوصلة، وهي على خطى أميركا، فهي تصرف على الحروب والأمور العسكرية ولا تصلح نفسها من الداخل، وإيران كذلك تهمل شعبها وتركز على الامتداد خارجياً. ومع ذلك لم تراجع نفسها وتضع ميزانياتها في التنمية والعلاقات الودية، بل تضعها في التسليح والعداوات. كما تفعل أميركا تماماً. وهذا -طبعاً- من رحمة الله بالأمة؛ وذلك لكشف مخططاتها الخبيثة ولا يغتر بها من اغتر من الناس.
وهنا يجب علينا أن نميز ونفرق بين الشعب والحكومة، فمشكلتنا مع النظام الإيراني وسياسته الاستفزازية. أما الشعب، فليس بيننا وبينه مشاكل، بل على العكس فمنذ نشأتنا ونحن في تواصل وتعامل معه تجاريا، فإيران ليست كلها النظام الحاكم وأزلامه المطبلين له، بل هناك الكثير ممن لهم صلات وقرابات في دول الخليج فهم أقرب لدول الخليج ومنظومته من النظام الإيراني الطائفي الصفوي المتعصب. ولذا خلافنا يجب أن يبقى واضحاً أنه ليس مع الشعب الإيراني، ولكن مع النظام المتعصب ومؤيديه من أتباعه، بل نحن نعلم أن غالب الشعب الإيراني يتمنى التحرر من النظام الأشد دكتاتورية من الشاه المقبور قبل غيره. والنظام السوري لم يعد موجوداً الآن، وإنما هي عصابة تديرها إيران تماماً كما تفعل مع النظام العراقي والحزب اللبناني، وكلهم عصابات مستأجرة تدار مباشرة من قبل إيران. ولو كانت الحرب ضد النظام السوري لانتهت من أول شهر، لكنها حرب ضد إيران، وإيران تعلم جيدا ما معنى كسرها وهو حاصل -بإذن الله- وقريباً. ويجب ألا يتحول العداء إلا على هذا النظام.

قام السفير الأميركي الجديد ببعض التصرفات التي أثارت حنق البحرينيين، ومنها الاتصال بجهات من المعارضة في تدخل واضح في الشؤون البحرينية، فما تعليقكم على ذلك؟
- يجب على السفير الأميركي احترام الأعراف الدبلوماسية وعدم تدخله في شؤون البحرين أو الاصطفاف مع المعارضة؛ لأن ذلك يزيد من الاضطرابات والتوترات وعدم الاستقرار، ويخلق حالة احتقان وعداء من المكون الآخر للشعب البحريني ضد أميركا وسياستها المنحازة ويزيد من الصراعات الطائفية، ويكون تكرارا لما حصل في العراق من نشوب حرب أهلية وتصريحاته الأخيرة مثار جدل واستغراب كبيرين؛ لأنها خلت من الدبلوماسية والحصافة المفروضة على من هو في مثل منصبه، بل وضعته بموضع شبهة كبيرة؛ لأنها لم تكن واقعية ولا حيادية.