بعث لي صديق قصة جميلة تدور أحداثها في إحدي المدارس عندما أرادت معلمة أن ترفع من همّة طلابها فقررت إجراء امتحان لهم والذي يحصل على علامة ممتاز .... سوف تهديه هدية بسيطة و رمزية و هي عبارة عن حذاءٍ جديد.
فرح الأطفال بهذا التحدي و بدأ كل منهم بالكتابة بجد والمفاجأة كانت بعد جمع الأوراق أن الجميع أجاب بشكل ممتاز والعلامات كانت كاملة فلمن ستعطي الهدية!؟
شكرت المعلمة الجميع على ما بذلوه من جهد، ولكنها احتارت لمن تعطي الجائزة والجميع قد نال العلامة الكاملة. فطلبت منهم حلاً مناسباً .. لينال أحدهم الجائزة و يكون مرضياً للجميع. كان رأي الطلاب أن يكتب كل منهم اسمه في ورقة مطوية و يضعونها في صندوق تختار منه المعلمة ورقة تسحبها من بين اﻷوراق فيكون صاحبها هو الفائز بتلك الجائزة. و فعلاً سحبت المعلمة ورقة أمامهم وقرأت اسم الطفلة «وفاء عبد الكريم» .. هي صاحبة الجائزة فلتتقدم لتأخذ الجائزة بيدها، تقدمت الطفلة وفاء والفرحة والدموع تغمر عينيها وسط تصفيق المعلمة واﻷطفال جميعهم.
شكرت الطالبة الجميع وقبلت معلمتها على تلك الهدية الرائعة بالنسبة لها والتي جاءت في مكانها وزمانها
فلقد ملّت لبس حذاءها القديم و الذي لم يستطع والداها شراء حذاء جديد لها. رجعت المعلمة إلى بيتها، وعندما سألها زوجها عن القصة أخبرته و هي تبكي بما جرى!! فرح الزوج بعد سماع تلك القصة من زوجته و لكن استغرب بكاءها،وعندما سألها عن ذلك قالت:عندما عدت وفتحت بقية اﻷوراق وجدت أن الجميع كتب في الورقة التي يجب أن يكون فيها اسمه اسم الطفلة وفاء عبد الكريم!! فقد لاحظ اﻷطفال حالتها وتكاتفوا معا ً يداً واحدة ليدخلوا السعادة إلى قلبها.
عادت بي هذه القصة إلى حادثة مشابهة وقعت معي في القدس، عندما تشرفت بزيارة هذه المدينة المباركة الغالية على قلب كل عربي ومسلم، والتي تحتضن المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم.
كانت المهمة التي كلفت بها من قبل سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه الرئيس الفخري للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية أن تقوم المؤسسة بقيادة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب بإنشاء مكتبة عامة في القدس قرب المسجد الأقصى لأشقائنا الفلسطينيين. وذلك ضمن مساعي جلالة الملك الإنسانية في مساعدة الأشقاء الفلسطينيين والشعوب الشقيقية والصديقة في مختلف دول العالم.
كانت تلك هي زيارتي الأولى لهذه المدينة المباركة، وبحكم أن عملنا في المؤسسة ينصب بالدرجة الأولى في العناية بالأيتام كنت قد طلبت من الفريق المرافق أن نقوم بزيارة إلى إحدى دور الأيتام، وفعلاً وبعد أن أنهينا صلاتنا في المسجد الأقصى ذهبنا إلى إحدى دور الأيتام، ووجدت بأن الأشقاء المقدسيين وبكرمهم المعهود قد أعدوا لنا مائدة مقدسية فيها الفواكه التي تشتهر بها فلسطين ويتصدر هذه المائدة العامرة طبق المنسف المقدسي الشهير، وإلى جانب هذه المائدة أعدت مائدة طويلة ألتف حولها حوالي أثنان وعشرون يتيماً كأنهم البدر في ليلة تمامه، وبعفوية وبدون شعور مني أو قصد وجدتني أذهب إلى هؤلاء الأيتام الملائكة وأسحب كرسي لأجلس بينهم ألاعبهم وأمزح معهم، حتى طال انتظار الأخوة في المائدة وبكل أدب طلب مني رئيس الوفد المرافق بأن أنتقل إلى المائدة الرئيسية المعدة لكبار الشخصيات فقلت له وهل هناك شخصيات أكبر من هؤلاء الأيتام الملائكة يلبسون ثياب جميلة نظيفة زادتهم حسناً وجمالاً يجلسون بنظام وهدوء وبنظرة فاحصة بسبب طبيعة عملي ودرايتي بنفسية الأيتام أحسست بنسبة من الحزن في قلوبهم فكان واجب علي ان ألطف الجو وامزح معهم واعطيهم الامل من خلال السؤال عن دراستهم وهواياتهم فأصررت على الجلوس مع الأيتام لمشاركتهم تناول طبق المنسف اللذيذ و انا في قمة السعادة.
كان أمام كل طفل طبق به كمية كبيرة من اللحم والرز ولكنني لاحظت خجلهم وترددهم في تناول الطعام بسبب الحزن الذي في قلوبهم فخطرت في بالي فكرة فأخرجت ورقة مائة دولار ووضعتها فوق المائدة وقلت لهم من يتناول طبقه كاملاً فله مائة دولار.
كان لهذه الكلمة مفعول سحري في نفوس الأطفال ومع الملاطفة والمزاح والضحك والحديث معهم عن دراستهم وهوايتهم ومع هذه الاجواء الودية انشغل الجميع بالاكل فتفاجأت بأن كل يتيم قد تناول طعامه كاملاً والأطباق خالية من الطعام تلمع كـأنها غسلت غسلاً، عندها تنبهت إلى الورطة التي وقعت فيها فقد كان علي أن أوفي بوعدي لهم بأن أمنح كل من يتناول طعامه مائة دولار!
نظرت إلى الوجوه الملائكية البريئة فوجدت الأعين تحدق بي بانتظار ما وعدتهم به ولكن العدد كان كبيراً فهم أثنان وعشرون شخصا . ففكرت بأن أجراء قرعة بينهم لاختيار الفائز وهكذا أكون قد خرجت من هذا المأزق وأوفي بالوعد الذي قطعته على نفسي .
قررت أن أعلن عن إجراء القرعة ولما فكرت بذلك وجدت تردداً كبيراً في نفسي وتخيلت الحزن الذي سيعم الواحد وعشرون قلباً ثم إنني لم أقل بأنني سأعطي اول واحد يكمل أكله بل قلت كل من يتناول طعامه بالكامل سأعطيه مائة دولار، فأدخلت يدي في جيب معطفي وأخرجت النقود، وبدأت أحصي ما بها من دولارات والأعين تحدق بي وتنظر إلى ما في يدي، كانت مشاعر الإحراج والاضظراب تسيطر علي فأنا لا أعلم كم في جيبي من النقود فقد أخذت مجموعة من الدولارات للضرورة والطوارئ .
و الحمد لله كان في جيبي ألفي ومائة دولار إضافة إلى المائة دولار التي على الطاولة فكان جميع المبالغ الذي معي ألفي ومائتي دولار بالتمام والكمال ليكون نصيب كل طفل مائة دولار فحمدت الله وشكرته أن ألهمني بأن آخذ معي هذا المبلغ وكأنما الله قد ساقني إليهم وأرسلني من البحرين لأعبر كل هذه المسافات وأرفض الجلوس مع كبار القوم والشخصيات وأجلس على مائدة الأيتام لأنقل لهم رزق قد كتبه الله لهؤلاء الأطفال وشرفني بأن أوصله لهم. ولك أن تتخيل مقدار الفرحة التي عمت هؤلاء الأطفال وكيف قفزوا جميعاً معي حينما صرخت فرحاً بأن الجميع عايزين و الكل ينال المكافأة. و الحمد لله الذي أكرمني بذلك.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |