+A
A-

الشعلة: السلام يجعلنا في موقع أقوى لمساندة أشقائنا الفلسطينيين

قال رئيس مجلس إدارة صحيفة “البلاد” وزير العمل الأسبق عبدالنبي الشعلة إن الخليج العربي بقي في عين العاصفة لسنوات وسنوات طويلة، مررنا فيها بحروب وتطورات دموية وأعمال إرهابية وتعثر للقضية الفلسطينية لأسباب كثيرة، أهمها انقسام البيت الفلسطيني نفسه.

وأضاف الشعلة ”حان الوقت لكي تخرج هذه المنطقة من عين العاصفة، وإن شاء الله تكون التطورات التي نمر بها الآن بداية لمرحلة جديدة من التعايش والسلام”.

جاء ذلك على هامش مشاركته متحدثا رئيسا في الندوة الحوارية التي نظمتها مجموعة “تلال نيوز” الإعلامية على تطبيق “زوم” تحت عنوان “الخليج العربي في عين العاصفة”، وشارك بها عدد من الباحثين والمتخصصين، وأدارها محمد حسن العرادي.

وتابع الشعلة قائلًا ”القضية الفلسطينية في وجداننا، وما تزال، وستبقى دائمًا الهم الأول والأخير، وأؤكد وأقول إن الجميع متفقون مع التوجه إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، والتوجه إلى المسارات السلمية في حل القضايا العالقة، فكلنا جميعا نؤمن بالقضية الفلسطينية”.

وأكمل “لا أحد يستطيع أن يزايد على محبتنا للقضية الفلسطينية وإيماننا بعدالتها، الخلاف هو بكيفية وأسلوب التعامل معها، والآن ومع مرور الأيام، ومع كرّها، هنالك من يرى بأنه قد حان الوقت للصلح؛ نظرًا للتغيرات والتطورات التي شهدتها المنطقة منذ بدأ الصراع العربي الإسرائيلي“.

وأضاف الشعلة ”بل هو منذ بدء الصراع ما بين أشقائنا الفلسطينيين واليهود على أرض فلسطين ابتداء منذ العام 1880 عندما كانت فلسطين تحت الحكم الإسلامي، وجزءا من الإمبراطورية العثمانية حينها، وعندما بدأ اليهود بالتدفق إلى فلسطين، حين عانوا الاضطهاد في أوروبا”.

وقال “تشعبت القضية منذ يومها حتى وصلت إلى مرحلة الانتداب البريطاني العام 1920، التي سبقها وعد بلفور بالعام 1917، إذ كانت بداية المشكلة والتطورات؛ ليبتدئ الاحتدام ما بين الفلسطينيين واليهود المهاجرين منذ العام 1936”.

وأكمل الشعلة ”على إثر ذلك، شكلت الحكومة البريطانية، والملك ادوارد الثامن لجنة لحل الأمر، ولأن اليهود - وللأسف الشديد - استخدموا بعدا دينيا لتعزيز مطالبهم، وحين جاءت هذه اللجنة، التي استمر عملها لمدة عامين، شارك بها اليهود بفعالية، وكان رئيس الحركة الصهيونية حينها حاييم وايزمن، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس لإسرائيل”.

وأردف ”جمع وايزمن معه حينها كبار الشخصيات والمفكرين للحديث مع أعضاء اللجنة، بخلاف إخواننا الفلسطينيين الذين رفضوا الحوار معها، كما كان لديهم الشقاق باكرا في القيادة الفلسطينية، المفتي الحاج أمين الحسيني من جهة، وراغب نشاشيبي من جهة أخرى، بخلاف اليهود”.

وأضاف الشعلة ”رفض الحسيني في بداية الأمر المشاركة باجتماعات اللجنة، لكنه رضخ بالنهاية؛ بسبب ضغوط الملوك العرب، وشارك في آخر أسبوع من عمل اللجنة وبمشاركة 11 شخصا فقط، مع ذلك حكمت اللجنة بـ 20 % إلى اليهود والباقي للفلسطينيين الذين رفضوا القرار، وبذلك خسر الفلسطينيون الفرصة لحل الأزمة حينها، بتنازلات قليلة”.

ويكمل ”بعدها، جاءت التقسيمات من قبل الأمم المتحدة سنة 1947، والتي رفضها العرب والقيادة الفلسطينية دون أخذ رأي الشعب الفلسطيني نفسه، وقرروا أن يحاربوا وبدأت حرب 1948 التي نعرف نتيجتها؛ لتأخذ إسرائيل 50 % من الأراضي التي كانت مخصصة للفلسطينيين، ودواليك”.

وأردف ”كان ذلك الوقت محور الهم العربي هو القضية الفلسطينية، والتحدي الأكبر، ومع مرور الوقت وما حصل، تشعبت القضايا وتمددت، في البداية كان المتضرر لما يحدث هو الشعب الفلسطيني، وكان صاحب الحل الوحيد والقرار النهائي”.

وتابع الشعلة ”ما يحدث أن الموضوع تشعب الآن، وتزايدت القضايا والمشاكل، مع دخول أطراف كثيرة في ساحة العمل السياسي بالمنطقة، منها تركيا الموجودة بنشاط في ليبيا، وتحتل بعض المناطق بسوريا، من قِبل لواء الأسكندرون، إضافة لاحتلالها مناطق في العراق عند الحدود الكردية؛ بحجة محاربتهم”.

وأكمل ”من الجهة الأخرى، لدينا عواصم عربية عدة تقع تحت النفوذ الإيراني، وهي حقيقة سواء قبلنا بها أم لا، والإيرانيون أنفسهم يقولون ذلك ويتفاخرون، وعليه فإن التحدي في العام 67 كان بأن القدس محتلة من اليهود، لكنه وصل الآن لمدن كثيرة، وزاد عدد اللاعبين”.

وتابع الشعلة ”كما تغيرت خارطة الأصدقاء والأعداء، والشقيق انقض على شقيقه واحتله، وأعني شقيقنا العراقي، فاختلت الموازين والقيم والأمور، وعليه يحتاج الوضع الراهن الآن لنظرة جديدة”.

وقال الشعلة ”العرب لم يتأخروا في دعم القضية الفلسطينية، والفلسطينيون قدموا دماءهم وأرواحهم فداء لها، وحروب دارت وشاركنا بها، وفي العام 1948 انهزمت كل الجيوش العربية أمام إسرائيل وهي ما تزال دولة صغيرة”.

وتابع ”في العام 1956 حصل العدوان الثلاثي على مصر، وإسرائيل زحفت واحتلت سيناء كلها حتى قناة السويس، وبعدها أرغمت على الانسحاب ولكن ليس مجانا، بل أعطيت تسهيلات وأسلحة لحمايتها، وتعويضات كثيرة جدًا، مع السماح بعبور مضائق تيران والسويس، وعدم السماح للجيش المصري بدخول سيناء”.

وأضاف الشعلة ”جربنا الحل العسكري وفشلنا، حتى الهزيمة الأخيرة التي راحت فيها سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية، ونحن نردد بأنها نكسة تخفيفا عما حدث، وعليه يجب أن نواجه الواقع الآن، بالتوجه نحو الحل السلمي، الذي بدأه إخواننا الفلسطينيون حين ذهبوا إلى مؤتمر (أوسلو) وظلوا سنتين في طور نقاش سري، دون أن يأخذوا رأي العرب بذلك”.

وأكمل ”ثم تم الاتفاق على توقيع اتفاقية (أوسلو) العام 1993؛ ليقف عرفات مسلما على رابين وبيريز، وأمامهم بيل كلينتون، إلا أن الوضع الآن في المنطقة تغير، رغم أن القضية الفلسطينية في وجداننا وقلوبنا، لكن هنالك قضايا أخرى مستجدة”.

وتابع ”هنالك أناس يعارضون الاتفاقية مع إسرائيل، وهي مجموعات خيرة وطيبة، ونحن كلنا نفتخر بوجود مثل هذه العناصر في بلادنا، كدليل على حيوية المجتمع البحريني وتنوعه، وعلى الحياة الديمقراطية في نفوسنا، فنتبادل الآراء، ونختلف بالرأي، لكننا لا نختلف بالأسس، التي على رأسها عدالة القضية الفلسطينية، وأهمية تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، وبأن يكون لهم دولة مستقلة على أساس المبادرة العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية العام 2002”.

وأردف الشعلة “أن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لا يعني التخلي عن القضية الفلسطينية، أو عن التزاماتنا تجاهها أو إسقاطها، بل بالعكس، هذا يجعلنا في موقع أقوى لمساندة أشقائنا الفلسطينيين للحصول على حقوقهم، لندخل معهم من الداخل، وليس عبر الوسطاء الذين أثبتت التجارب عدم إمكان التعويل عليهم”.

واختتم بقوله ”إن الانقسام الفلسطيني نفسه أضر بالقضية نفسها، إضافة إلى ما هو موجود من قضايا فساد مالية وغيرها هنالك، فهل نلام نحن اليوم لمواقفنا وقراراتنا؟”.