+A
A-

الزراعة العضوية عاجزة عن كسب ود المزارع البحريني

كثير من المستهلكين لا يدركون أهمية المنتجات العضوية

ضعف خصوبة الأراضي يرفع من تكاليف الإنتاج

المَزارع غير الملتزمة بمكافحة الأوبئة تضيّع جهود “العضوية”

الإسراف في استخدام الأسمدة غير العضوية لوّث البيئة

 

قال وكيل الزراعة والثروة البحرية نبيل أبوالفتح إن بناء مملكة البحرين تجربتها الخاصة في مجال الزراعة العضوية، يواجه العديد من التحديات التي أفقدتها القدرة على كسب ود المزارع البحريني كفرصة استثمار رابحة.

وأشار في حديث خاص لـ “البلاد” إلى أن العديد من المزارعين دأبوا منذ بداية سبعينات القرن الماضي وتزامنًا مع بداية التنمية الزراعية على الإسراف في استخدام الأسمدة غير العضوية؛ لزيادة الإنتاج نظرًا لانخفاض خصوبة معظم الأراضي الزراعية، مما ترتب عليه زيادة التلوث البيئي، بالإضافة إلى زيادة تكاليف وحـدة الإنتاج.

وأوضح أن المزارع البحريني، وعلى الرغم من معرفته بأهمية الزراعة العضوية في المحافظة على الموارد الطبيعية المتاحة من تربة وماء، إلا أن لديه أسبابه الخاصة في عدم قبوله التحول إلى الزراعة العضوية.

وفيما يلي إجابات الوكيل أبو الفتح على استفسارات “^” بشأن أسباب غياب البحرين عن قائمة الدول التي تمتلك تجارب ناجحة في مجال الزراعة العضوية، وموقف المملكة من هذا النوع من المشروعات، وما الذي قدمته المملكة في هذا المجال:

 

ما المقصود بالزراعة العضوية؟

- يوجد كثير من التفسيرات والتعاريف للزراعة العضوية، إلا أن كلها تجتمع على القول بأنها نظام يعتمد على إدارة النظام الإيكولوجي بدلاً من المدخلات الزراعية الخارجية.

أو إنها نظام دراسة التأثيرات البيئية والاجتماعية المحتملة، من خلال وقف استخدام المدخلات التخليقية، مثل الأسمدة والمبيدات الاصطناعية، والعقاقير البيطرية، والبذور والسلالات المحورة وراثيًّا، والمواد الحافظة، والمواد المضافة، والتشعيع، لتحل مكانها أساليب إدارة تتفق وخصائص كل موقع تحافظ على خصوبة التربة طويلة الأجل وتزيدها وتمنع الآفات والأمراض.

وقد عرَّفت هيئة الدستور الغذائي المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية عام 1999 الزراعة العضوية بأنها “نظام شامل لإدارة الإنتاج يروّج ويعزّز سلامة النظام الايكولوجي الزراعي بما في ذلك التنوع الحيوي، والدورات الحيوية والنشاط الحيوي في التربة.

ويركز على استخدام أساليب الإدارة بديلاً من استخدام المدخلات غير الزراعية، مع مراعاة الظروف الإقليمية التي تتطلب نظما متوائمة مع الظروف المحلية.

ويتم ذلك من خلال استخدام - حيثما يكون ممكنا - الطرق الزراعية والحيوية والميكانيكية بدلاً من استخدام المواد التصنيعية، للاضطلاع بأي مهمة معينة داخل النظام.

 

ما أسباب غياب البحرين عن قائمة الدول العربية التي تملك تجارب ناجحة في مجال الزراعة العضوية، والتي نشرها الدليل الاسترشادي الصادر عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية؟

- دأب العديد من المزارعين منذ بداية السبعينات وتزامنًا مع بداية التنمية الزراعية على الإسراف في استخدام الأسمدة غير العضوية، بعضها عن علم، وبعضها عن إسراف وعدم معرفة، لزيادة الإنتاج على أساس انخفاض خصوبة معظم الأراضي الزراعية مما ترتب عليه زيادة التلوث البيئي، بالإضافة إلى زيادة تكاليف وحـدة الإنتاج.

ويعتقد الخبراء، أنه رغم أن الأسمدة غير العضوية تزيد الإنتاج، إلا أنها لا يمكن أن تعوّض الأسمدة العضوية في التربة، والتي لها فوائد كثيرة مثل الحفاظ على بناء التربة وتحسـين تهويتها وتقليـل الرقــم الهيدروجيني، ما يحسن من امتصاص وتيسير العناصر الغذائية للنباتات، علاوة على كونها تعد مصدرًا مهمًّا لإمداد الكائنات الحية في التربة بالطاقة اللازمة للنشاط والتحلل.

لكن ومع ذلك، فإن المزارع البحريني لديه أسبابه الخاصة في عدم قبول التحول إلى الزراعة العضوية مع معرفته بأهميتها في المحافظة على الموارد الطبيعية المتاحة من تربة وماء.

 

وما تلك الأسباب الخاصة التي تدفع المزارع البحريني إلى العزوف عن الدخول في هذا المجال؟

- هناك مجموعة أسباب يمكن الحديث عنها على نحو الإجمال كالتالي:

- يشترط في الزراعة العضوية فصل الحقول ومواقع الإنتاج والتخزين العضـوي عن مواقـع الإنتاج التقليدي، كما يجب أن يكون لوحدات الإنتاج وصف دقيق وشامل يتضمن الحقول ومواقع الإنتاج والتخزين.

- اشتراط توافر سجلات يُدون فيها كل مستلزمات الإنتاج (البـذور، الأسمدة... إلخ) كميات الإنتاج، كتابة المعلومات الكاملة عن المنتج العضوي بعد تغليفه في بطاقة خاصة توضع على عبوات المنتج، كما يتم نقل المنتجات العضوية مستقلة تجنبًا للخلط أو الاستبدال مع المنتجات التقليدية، ويجب أن تختلف البذور للأصناف المخصصة للزراعة العضوية عن الزراعة التقليدية، ويتم التفتيش على الزراعة العضوية على الأقل مرة واحدة في السنة.

- مواجهتها للعديد من المشاكل التسويقية، وأهمها عدم وجود معـرفة كاملـة لدى كثير من المستهلكين بأهميـة المنتـج العضــوي مقارنة بالمنتـج غير العضوي من حـيث قيمته الصحية والبيئية.

- زيادة المنافسة بين المنتجات التقليدية (غير العضوية) مع المنتجات العضـوية بالرغـم من انخفـاض كمية الإنتاج لوحدة المسـاحة مما يؤدي إلى إحجام المزارعين والشـركات عن التوسع في الزراعـات العضوية، وهذه من أكبر المشاكل حيث إن المزارع يركز على زيادة الربح المادي.

- عدم توافر المستلزمات الزراعية العضوية مثل البذور، الأسمدة، المبيدات العضوية بطريقة سهلة وميسرة للمزارع.

- عدم توافر الخبرة الكافية بالزراعة العضوية من قبل المهندسين الزراعيين والعمالة.

- لا توجد جهات تقوم بالدعم الكافي نحو التوجه للزراعات العضوية، بتقديم البرامج المرتبطة بها أو عقد ندوات توضح فيها أهمية التوجه نحو الزراعة العضوية.

- ضعف خصوبة التربة في معظم مناطق المملكة، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف للحصول على إنتاج مرض.

- تباين الالتزامات بين المزارع العضوية من حيث تطبيق البرامج العضوية (الوعي الزراعي العضوي) خصوصًا برنامج مكافحة الآفات والأمراض، إذ إن تهاون أي مزارع في برنامج المكافحة يؤدي إلى ضياع مجهود كبير لمزارعين آخرين ملتزمين (حيث تعتبر المزرعة غير الملتزمة بؤرة للعدوى بالآفات والحشرات لباقي المزارع المحيطة).

- حدوث خلط وراثي للمنتج العضوي للمحاصيل خليطة التلقيح بالرياح والحشرات عندما لا يكون هناك عزل كاف بين المزارع العضوية والتقليدية.

 

ما هو موقفكم كجهة مختصة في المملكة من مشروعات الزراعة العضوية؟

يعاني القطاع الزراعي من تحديات كبيرة، تتمثل في تقلص المساحات الزراعية وتحول كثير منها لاستخدامات أخرى سكنية وصناعية، إضافة إلى تدهور كمية المياه ونوعيتها بشكل ملحوظ.

أضف إلى ذلك، المنافسة الكبيرة من المنتجات المستوردة، مما أدى إلى ضعف المردود المادي من القطاع الزراعي مقارنة مع القطاعات الأخرى.

وبناءً على ذلك عمدت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات عدة بهذا الخصوص، حيث قامت بتقديم امتيازات من حيث الدعم للمزارعين الراغبين بالتحول للزراعة العضوية، وتشجيع الاستثمار في الزراعة العضوية، فضلاً عن تشجيع استيراد المنتجات العضوية.

كما استفيد من تجارب الدول المجاورة، خصوصًا دول مجلس التعاون في إنشاء مشروع تطوير الزراعة العضوية؛ لوضع الخطط المناسبة لتطوير نشاط الزراعة العضوية في مملكة البحرين.

وعمدت الوزارة كذلك إلى نشر ثقافة الزراعة العضوية للمزارعين بفوائدها البيئية والصحية، وتقديم الإرشاد للراغبين في التحول من الزراعة التقليدية للزراعة العضوية.

 

ما هي أبرز المشروعات التي قدمتها المملكة في مجال الزراعة العضوية؟

قدمت مملكة البحرين مجموعة من المشروعات المتعلقة بالزراعة العضوية في مجالات عدة:

- المجال النباتي: قدمت الوزارة مجموعة من ورش العمل حول كيفية إنتاج الأسمدة والمبيدات العضوية بالتعاون مع الفريق التايواني في مملكة البحرين.

- مجال الزراعة المائية باستخدام الأسماك “الأكوابونك”: دعمت شؤون الزراعة مجموعة من المزارعين في هذا المجال، وذلك باستخدام المخلفات العضوية السمكية في تسميد الخضروات.

- مجال تربية المواشي: تدعم شؤون الزراعة مربي المواشي في الحصول على العلف العضوي من خلال مركز الهملة للإنتاج الحيواني.