+A
A-

عبدالله بن أحمد: إيران الراعي الأكبر للمليشيات الإرهابية

 شارك رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات)” الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة في افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر “المحيط الهندي” الدولي الذي تنظمه مؤسسة “الهند” بعنوان “بناء هياكل إقليمية”، وتستضيفه العاصمة الفييتنامية هانوي في الفترة من 27 - 28 أغسطس الجاري.

وأوضح الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن السمة البارزة الآن لخريطة الشرق الأوسط منذ العام 2011، أنها مسرح عمليات عسكرية، وحروب أهلية، ومركز لتصدير الإرهاب والمهاجرين، وبؤرة تفشي وباء الطائفية، والعنف الديني.

وأشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة قدرت حجم خسائر الاحتجاجات التي شهدتها دول عدة في منطقة الشرق الأوسط بنحو 614 مليار دولار بين عامي 2011 و2015، ووصلت في بداية العام الجاري بحسب تقديرات عربية رسمية، إلى 900 مليار دولار، و1.4 مليون قتيل، و15 مليون لاجئ.

وأفاد رئيس مجلس الأمناء بأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المعتدلة هي الأكثر استقرارا ومنعة تجاه تلك الأحداث، بل وساهمت بفاعلية في مكافحة الإرهاب، وتأمين ركائز الأمن الإقليمي، بالرغم من تحديات رئيسة، من أهمها: الأنشطة الخبيثة والضارة للنظام الإيراني تجاه الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، باعتبار إيران هي الراعي الأكبر للمليشيات والجماعات الإرهابية مثل: حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وخلايا الإرهاب في دول الخليج، كما تواصل تهديداتها للأمن البحري وحركة الملاحة الدولية، وتطوير منظومات الصواريخ البالستية.

وقال إن دول الخليج المعتدلة استطاعت تحقيق نجاحات ملموسة في حماية أمن المنطقة من خلال إجراءات فاعلة، وتدابير وقائية، كان من أبرزها: تأسيس (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) بقيادة المملكة العربية السعودية، بمشاركة نحو 40 دولة لمكافحة الإرهاب، ومنع العبث بأمن واستقرار المنطقة، حيث جرى تقليص الممارسات العدائية للنظام في قطر بعد فرض مقاطعة، بآليات عملية ومؤثرة، وفق القانون الدولي، في إطار استعادة توازن المنطقة وتحييد بؤر تمويل جماعات الإرهاب، وتقديم الملاذات الآمنة لها. كما تم الحد من تدخلات إيران السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية، والآن تشهد إيران تطورات داخلية جراء أوضاع اقتصادية متردية، وتدل المؤشرات إلى أن هناك تغييرات جذرية قد تفضي إلى إيران جديدة.

واعتبر أن إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران، ووضع 12 طلبا لإبرام اتفاق جديد، هو بمثابة تصحيح مسار؛ لأن الاتفاق النووي الحالي أتاح فرصا للنظام الإيراني للاستقواء على شعبه، وزعزعة أمن محيطه. كما استمر في تطوير منظومة الصواريخ الباليستية. والسؤال المثار هل تغير سلوك إيران بعد الاتفاق النووي؟ الإجابة نعم، ولكن إلى الأسوأ.

وحذر رئيس مجلس أمناء “دراسات” من أن انتصار التحالف الدولي على تنظيم “الدولة الإسلامية”، وانحسار سيطرة التنظيمات الإرهابية على بقع جغرافية واسعة، لا يعني أن نهاية الإرهاب باتت وشيكة، فهناك عقبات كثيرة تعترض سبيل تحقيق الأمن المستدام، فالفكر الثيوقراطي المتشدد لا يزال حاضرا، ويعبر عن ذاته كلما أتيحت له الفرصة؛ لأن المنابع الفكرية، وآليات التجنيد، وبؤر الانتشار، قائمة ونشطة، وهناك ضرورة لمحاربة أيديولوجيات الجماعات الراديكالية، والقضاء على المسببات التي تؤدي إلى اعتناق الفكر المتطرف، وتجنيد الشباب باسم الدين. وعلينا توقع جيل جديد من الإرهاب متطور القدرات والأهداف والأساليب غير التقليدية، خصوصا أنه لا يمكن اختزال الجماعات الإرهابية في تنظيمات “داعش” و”القاعدة” فقط، بل تشمل أيضا الأذرع التي تدعمها إيران، ومنها مليشيا الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان، وجماعات وخلايا الإرهاب في دول الخليج، وهي ميليشيات إرهابية عابرة للحدود، ذات عقيدة طائفية غير متسامحة.

وأكد رئيس مجلس الأمناء أن متطلبات إقامة نظام إقليمي شامل، ومستدام، ومقبول من جميع الأطراف، يستلزم أولا بناء مناخ الثقة بأن تكف إيران عن كافة الأعمال المعادية، وإنهاء تدخلاتها في شؤون المنطقة طبقا لمبدأ “الأمن للجميع”، وأن تصبح دولة طبيعية. والأمر ذاته ينطبق على قطر بأن تقوم بتنفيذ المطالب المشروعة للدول التي تكافح الإرهاب.

وأضاف بقوله “لا أريد أن أبدو متشائما، لكن في حقيقة الأمر أن نظامي طهران والدوحة يحتاجان إلى عملية تأهيل جذرية وعميقة؛ كي يمكن مشاركتهما في ترتيبات أي نظام إقليمي حقيقي، فيجب أن يتخلص الأول من عنصريته وإرهابه وسيطرة منطق المافيا حتى بات “ولاية الإرهاب”، فقد عانى ومازال جيرانه والعالم من ممارساته على مدار عقود، والثاني نظام يفتقد إلى الرشد، ولا يمكن أن نترك طفلا يلهو بقنبلة بين الناس لمجرد أنه يمتلك ثمنها”.

وبين أن مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك رسمت رؤية واضحة لنظام الأمن في الخليج، قوامها مواصلة الإصلاح كعملية مستمرة وذاتية، وأن الأمن والتنمية صنوان متلازمان كضرورة ملحة للرخاء ومكافحة الإرهاب، والتأكيد على دور مجلس التعاون كصرح فاعل يبادر إلى تثبيت الأمن والسلم، ووضع الحلول والمبادرات السياسية لأزمات الإقليم. حيث يؤكد جلالته في هذا الصدد “يجب أن نقرر مصيرنا وفق إرادتنا وفيما بيننا، واستشراف المستقبل الذي نرتضيه لأنفسنا، بعيدا عن أي مخططات تفرض علينا أو تدخلات تؤثر فينا”.

وتابع رئيس مجلس الأمناء قائلا: من أسس هذا النظام أيضا عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والقبول بالتنوع والتعايش، وإقرار تسوية الخلافات عبر آلية الحوار، وإيجاد صيغ اقتصادية للتعاون المتبادل والمصالح الدائمة، ومحاربة التطرف والإرهاب بمختلف أشكاله، وتعزيز الشراكات المتنوعة.