في زحمة البرامج والمنوّعات والمسلسلات الرمضانية لهذا العام، استوقفني برنامج (أوّل مرّة أشوف) للإعلامي عمر فاروق، بل وأجبرني على تثبيت زرّ الرموت حين بثّه على قناة تلفزيون البحرين؛ لأتابع بكل شغف حلقات (أوّل مرة أشوف)، ولأجزم أنه من أنجح برامج شهر رمضان 1446هـ على المستوى العربي. فما سرّ هذا النجاح؟
الفكرة الأصيلة والمبتكرة هي واحدة من أسرار نجاح (أوّل مرّة أشوف)؛ إذْ يأخذك إلى حيث لا تعلم، إلى حيث المفاجأة والدهشة بما يقترحه عليك عمر فاروق من مشاهد متنوّعة من الوطن العربي، فيأسرك باختياراته الرائعة. لقد طاف بنا في حلقات البرنامج من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، وتابعنا بكل لهفة وانتباه الحفظة الخارقين في بوادي موريتانيا، وفن الهوسة أو الفوضى في بادية جنوب العراق، وقصة صابون الغار في حلب الشهباء بسوريا وغيرها كثير من القصص العربية العجيبة التي يكشف عنها الستار للمشاهد العربي ربّما لأوّل مرة، فيحقّق بذلك السبق الصحافيّ، فضلا عن تميّزه في التقديم والأداء.
نعم من أسرار نجاح (أول مرّة أشوف) الأداء الرائع للإعلاميّ الشابّ عمر فاروق العوضي (مواليد 1994)؛ فقد ضخّ من دماء الشباب في المشهد الإعلامي فارتقى به، ورفع سقف انتظاراتنا، والحقيقة أنني لن أضيف شيئا بهذه الشهادة؛ فقد خبرنا قدرة هذا الفتى الذهبي في الإعلام الرقمي من خلال قنواته على اليوتيوب وحسابه على إنستغرام وصفحته على الفيسبوك، وكذا في تلفزيون البحرين، وقد شدّني في برنامجه بطريقته المميزة في التقديم: طريقة السهل الممتنع؛ فأنت ترى ما يأتيه سهلا بسيطا، لكن لو أردت أن تقلّده فلن تفلح مهما حاولت.
نعم بصمة واضحة ونضج كبير تجلّى في طريقة تعامله مع من يلاقيهم ويحاورهم، وإبداع كبير في الإخراج والمونتاج وفي هذا تحية إكبار لفريق العمل كله.
حقّا (الشيء من مأتاه لا يستغرب)؛ فعمر فاروق ليس من فئة الإعلاميين الباحثين عن الشهرة والمال عبر التهريج والتركيز على إثارة الغرائز، إنّما هو إعلامي خلوق من أشهر صنّاع المحتوى في الوطن العربي، ملتزم بالرقي بالمشهد السمعي البصري من أجل الارتقاء بالوعي وخلق تأثير إيجابي في المجتمع المحلي والعربي، مع التزامه بقضايا أمّته وعلى رأسها القضية الفلسطينيّة.
كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية