توافقت وكالات التصنيف الدولية الثلاث على رفع أو تأكيد الجدارة الائتمانية للدين السيادي للمملكة العربية السعودية؛ فقد صنفت الوكالات الجدارة الائتمانية للمملكة عند (A+) وكالة “فتش”، (Aa3) وكالة “مودييز”، و(A+) وكالة ستاندر أند بورز. وهذه الدرجات من التصنيف السيادي تتراوح بين المنطقة أعلى المنطقة الخضراء (جدارة استثمارية)، وتمتد فوقها إلى المنطقة الصفراء أو ما يسمى بالدرجة العالية (High Grade)، ما يضع الجدارة الائتمانية للمملكة في مصاف دولة كبرى اقتصاديًّا مثل اليابان.
وإجمالًا، فإن تحسن التصنيف السيادي لدولة بدرجة واحدة هو إشارة للمستثمرين ولأسواق الدين بأن الجدارة الائتمانية للدولة تشهد تحسنًا، ولهذا تأثير مباشر على تكلفة الاقتراض وبالتالي التخفيف من أعباء خدمة الدَين، ولا يقتصر على هذا الأمر رغم أهميته، بل له كذلك تأثيرات أخرى لا تقل أهمية ويمكن تلخيصها: معدلات فائدة أقل حيث إن التصنيف الائتماني الأعلى يعني انخفاضًا للمخاطر، وبالتالي تكلفة اقتراض أقل، فمثلًا إن كان بلدُ بحاجة إلى لاقتراض 10 مليارات دولار، فإن انخفاض بالعائد بعشرين نقطة أساس يعني توفير 20 مليون دولار سنويًّا في تكلفة خدمة الدين. كما أن تحسن التصنيف السيادي لدولة يعني فرصةً لإعادة تمويل ديونها التي سبق أن طرحتها بتكلفة عالية. ولابد من الاستدراك بالقول إن التأثير يعتمد على أوضاع السوق، ففي الأوضاع الحالية حيث أسعار الفائدة عالية فإن التأثير يكون أعلى مقارنة لو كانت أسعار الفائدة منخفضة. وما يجعل التأثير الإيجابي في حالة المملكة هو أن الثقة بالاقتصاد السعودي تتعزّز على الرغم من الظروف الجيوسياسية المحيطة، ما يبين أن استراتيجية المملكة في التحول لاقتصاد متنوع لا يرتكز فقط على النفط تحقق نجاحًا وتكتسب ثقة عالمية متواترة، ويعزّز ذلك انخفاض معدل التضخم تحت المستهدف في الاقتصادات الكبرى ولاسيما الاقتصاد الأميركي (2 %)، كما أن مخاطر العملة تكاد تكون معدومة نتيجة لاستقرار ارتباط سعر صرف الريال بالدولار.
وواقع الحال أن طروحات الدين العام السعودية تشهد إقبالًا واضحًا في الأسواق العالمية، حيث جرت العادة أن تُغطى مرات عدة، ورفع التصنيف الائتماني مجددًا من قبل وكالات التصنيف العالمية له تأثير إيجابي من جانبين: زيادة اقبال المستثمرين نتيجة لانخفاض المخاطر، وبالتالي قبولهم بعائد أقل، ما يعني تكلفة أقل لخدمة الدين.