العدد 5996
السبت 15 مارس 2025
الذكاء الاصطناعي.. ونحن
السبت 15 مارس 2025

 إننا في زمن التكنولوجيا والرقميات، حيث أصبح التعامل معها بشكل يومي وفي أغلب مجالات الحياة، فالطالب يتعلم عن بُعد ويرسل ويستقبل الدروس ويراجع درجاته، والموظف يستقبل المعاملات عن طريق الشبكة العنكبوتية ويراجع مع العميل وتُدفع الرسوم وتُحرر الأرصدة، وهناك من يراجع الأطباء في الطرف الآخر من الكرة الأرضية ليستفسر عن علاج، والتاجر يراقب نقل بضاعته ويتتبع مسارها حتى تصل بين يديه، والصحافي ينقل الأخبار، والمثقف يتتبع الصالونات الأدبية، كل هذا أجزم أنه أصبح جزءًا مهمًّا للغاية من حياتنا ومن الصعب التخلي عنه.
 التصفح والتنقل بين المواقع، وهناك حواسيب وخوادم سحابية تخزن وتكون الوسيط في انتقال هذه المعلومات من وإلى، مع كل نقرة زر تحفظ خوارزميات تستخدم في إحاطة الأشخاص باهتماماتهم أو تقريب بعض المعلومات عنهم، وفي المقابل هناك من يستخدم هذه المعلومات لبيعها لشركات التسويق وربما لبعض ضعاف الأنفس من مخترقي الحسابات، ومن هنا ننوّه بضرورة مراقبة الأطفال فيما يخص تحميل المعلومات والصور التي من الممكن أن تستخدم بشكل مسيء وغير مسؤول، ونشد على أيادي الجهات الأمنية في التصدي لهم، لكن التطور لا يثبت عند نقطة معينة، فكل يوم نرى تقنيات جديدة تدخل عالمنا ونرغب في استخدامها لأنها توفر لنا المتعة وتسهل عملنا.
الذكاء الاصطناعي، علم حديث، ولربما كان موجودًا ولم نع له، فعند الكتابة في محرك البحث عن موضوع تجد أن الموقع جمع لك العديد من المقالات والمواقع التي تناولت نفس كلمة البحث، أو في اليوتيوب تجده تلقائيًّا يقدم لك اقتراحات لأفلام مطابقة لفلم قد شاهدته من قبل! كيف يحدث هذا؟ إنها الخوارزميات التي توفر المعطيات للأفراد وتشكّل اهتمامهم، ما يساعد الحواسيب والخوادم في توأمتها مع رغباتهم.
تطور الذكاء الاصطناعي فأصبح اليوم محرك البحث يعمل ليس للبحث عن موضوع كلمة البحث، بل ينشئ لك مقالًا وصورة، ويكتب لك القصة المصورة، لأنه يستخدم الكم الهائل من المخزون الخوارزمي بخصوص تلك الكلمة، يؤقلمها حسب ما كتب في محرك البحث، وقد يستخدم كل صور الأشخاص باسم “أمين” ويخرج لك بصورة تشبهه! أو عندما تكتب في محرك البحث عن إنشاء قصة تحكي عن جريمة وعقاب قد يكتب لك قصة شبيهة لقصة الأديب دوستويفسكي، لأنه أخذ ذلك المخزون دون مراعاة الأدبيات والحقوق.
من يحاسب الذكاء الاصطناعي عند الولوج لمعلومات الأفراد ومتابعة ما تصفح أو شاهد وما رفع من صور، لا شك في الحالات الاعتيادية أنه تعد على خصوصيات الأفراد، وقانونيًّا يحاسب الجاني، لكن في عالم الذكاء الاصطناعي حيث يقوم بإنشاء القصص والمقالات والصور والولوج واستخدام الخوارزميات والمعطيات للأفراد، ما يشكّل انتهاكًا للخصوصية وحقوق النشر، ولزامًا العمل على إيجاد الحلول وتقنين تلك التكنولوجيا.


قانون الذكاء الاصطناعي

يعد قانون بروكسل أول قانون وضع للذكاء الاصطناعي، ومازال البرلمان الأوروبي يدرس تطبيقه، وإذا ما تطرق لجميع الأمور الأمنية والحقوق وغيرها.
هل نحن في الشرق الأوسط لدينا الجاهزية للتعامل مع هذه الثورة العلمية الجديدة وحماية أنفسنا ومصالح الآخرين؟ نحن بحاجة لمراجعة ما سبق والتطرق لمثل هذه القضية وتحليلها وإضافة البنود التي تخدم وتناسب بيئة الشرق الأوسط.
كيف نحاسب من انتهك حقوق النشر؟ وهو قد استخدم أحد المواقع المدفوعة للذكاء الاصطناعي، فهل يحاسب الشخص أو الموقع؟ كيف نحاسب من استخدم خوارزميات ولوجا للمواقع دون إذن الأفراد أو جهة قضائية؟ 
الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا لا يمكن إيقافها أو تحديدها، لكن على المجتمعات القانونية وبالتعاون مع المختصين في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، عمل إطار قانوني يحمي المستخدمين ويؤمن عدم انتهاك الخصوصية، وحقوق الآخرين.


كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية