حتى تاريخ 5 فبراير 2025، شهدت الأسواق المالية العالمية سلسلة من الانهيارات أو “الجلطات” المؤقتة التي أثارت قلق المستثمرين وأثرت على استقرار الاقتصاد العالمي. فمنذ بداية العام، اهتزت الأسواق بسبب فقاعات في قطاع الذكاء الاصطناعي، وشركة ديب سيك الصينية، بالإضافة إلى قرارات سياسية واقتصادية مفاجئة، ما أدى إلى تقلبات حادة في أسواق المال.
يناير 2025: فقاعة الذكاء الاصطناعي وانهيار عامل الإنتاج لشركة ديب سيك الصينية
شهد الشهر الأول من العام تصحيحا حادا في قطاع التكنولوجيا (مؤشر ناسداك) بعد موجة صعود غير مسبوقة بسبب فقاعة شركات الذكاء الاصطناعي. وفقدت الشركات الكبيرة في هذا القطاع، مثل شركة أنفيديا، مبالغ ضخمة من قيمتها السوقية، ما أثر أيضا على الشركات التابعة لها. لكن سرعان ما احتوت الأسواق هذا الحدث واستقرت.
فبراير 2025: تأثير التعرفة الجمركية الأميركية على الأسواق
في شهر فبراير، أعلنت الإدارة الأميركية عن البدء في تطبيق تعرفة جمركية جديدة على كندا والمكسيك والصين. ويعتقد أن هذا القرار أدى إلى هبوط قوي في الأسواق العالمية، إلا أنه تم لاحقا تعليق هذا القرار لمدة 30 يوما على كندا والمكسيك، ما حسن من معنويات الأسواق. قد يؤدي هذا القرار إلى زيادة التكاليف على الشركات الأميركية وارتفاع التوترات التجارية. وعلى الرغم من أن بعض الأسواق تعافت مؤقتا، فإن تأثير القرار ما يزال غير واضح على المدى الطويل، ما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
مخاوف متزايدة على الاقتصاد العالمي
هناك حالة من عدم اليقين في السياسة الاقتصادية الأميركية، ما قد يؤثر على استقرار الأسواق العالمية. مع تصاعد الأزمات، تزداد المخاوف بين قادة المال والأعمال بشأن المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على الاقتصاد العالمي، والتي تشمل:
- ارتفاع معدلات التضخم نتيجة السياسات الاقتصادية الأخيرة.
- تقلبات أسعار الفائدة وتأثيرها على القروض والاستثمارات.
- تذبذبات في أسواق المال قد تؤدي إلى تصحيحات حادة.
- دروسا من الماضي: أزمات مشابهة عبر التاريخ.
لقد مررت أثناء عملي المصرفي الطويل بعدد من الأزمات الاقتصادية التي تركت آثارا طويلة الأمد، أبرزها:
- الاثنين الأسود (أكتوبر 1987)، حيث انهار مؤشر داو جونز بنسبة 22.6 %.
- فقاعة العقارات 2008، التي أدت إلى أزمة مالية عالمية بسبب انهيار سوق العقارات الأميركية.
- إفلاس بنك ليمان براذرز، الذي كان الشرارة التي أدت إلى أزمة مالية كبرى في 2008.
- جائحة كورونا 2020، التي أدت إلى انهيارات حادة في الأسواق العالمية، وإغلاق الاقتصادات الكبرى، وخسائر فادحة في مختلف القطاعات.
هل الأسواق تتجه نحو أزمة شاملة؟
على الرغم من أن الانهيارات الأخيرة كانت مؤقتة، إلا أن التاريخ يخبرنا أن الأزمات الكبرى تبدأ غالبا بسلسلة من الجلطات الصغيرة قبل الانفجار الكبير. ومع استمرار عدم اليقين في السياسات الاقتصادية والتحديات التقنية، قد يكون العام 2025 عاما حاسما للأسواق المالية العالمية. ولكن، كما هو الحال دائما، تخلق الأسواق فرصا جديدة من هذه الأزمات.
ختاما..
بينما يترقب المستثمرون والمحللون تطورات الأسواق، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الجلطات مجرد اضطرابات مؤقتة، أم إنها بداية لأزمة مالية كبرى؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الإجابة.