العدد 5946
الجمعة 24 يناير 2025
الجريمة الإلكترونية وأثرها في التكنولوجيا المالية
الجمعة 24 يناير 2025

التكنولوجيا المالية عبارة عن ابتكارات مالية حديثة بفضل استخدام التقنية التي يمكنها استحداث نماذج عمل أو تطبيقات لها أثر ملموس على الأسواق، وقادرة على تقديم الخدمات المالية. وما يهمنا هنا هو الخدمات المصرفية، لأنه بفضل التكنولوجيا، أصبح العمل المصرفي سهلا وسريعا، مع قدرة هذه التكنولوجيا على فتح آفاق بعيدة في المستقبل.
وعلى الرغم من الفوائد المتعددة، إلا أن هناك “عقبات” نسميها مجازا “المخاطر”. وما يهمنا هي تلك المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيا المالية التي أتاحت للبنوك العمل بكل همة؛ لأنها تعمل وفق أحدث وسائل التقنية. وهنا توجد مسؤولية على البنوك والزبائن والجهات المرتبطة بها، للعمل قدر المستطاع لتجنب المخاطر أو حسن إدارتها، إذا كان لا بد من ذلك.
ونقول إن “نعمة” الصراف الآلي قد أصبحت “نقمة”؛ فالبطاقة المصرفية قد يستخدمها صاحبها أو قد يستخدمها شخص آخر من عالم آخر وفكر آخر. إن خدمة الصراف الآلي هي من مميزات التكنولوجيا التقنية، لكنها تحمل مخاطر عالية، ولا بد من تطويع التقنية لاستحداث طرق تقنية “مضادة للماء” تحمي صاحب البطاقة. ونتطلع إلى التقنية في هذا الخصوص لمجابهة مخاطر التقنية؛ لأن “المجرم التقني” يستطيع انتهاك خصوصية الحساب المصرفي، والاطلاع عليه، وسرقة ما تيسر منه، في حين أن الرقم السري محفوظ لديك في مكان آمن. هذه الممارسات التقنية التي يقوم بها المجرم التقني تحتاج إلى ممارسات تقنية مضادة تحول دون إتمام الجريمة. ولكن المخاطر موجودة ما دام أن الخدمة موجودة، ومن لا يرغب في التعرض لهذه المخاطر عليه الابتعاد تماما عن هذه الخدمة المصرفية الحديثة المفيدة والسريعة، والعودة لممارسة العمل المصرفي اليدوي التقليدي الذي أوشك أن يصبح جزءًا من التاريخ.
أيضا، هناك خلافات متشعبة تحدث بين البنوك قد تؤدي إلى منازعات كبيرة. وكل هذا يعود إلى مخاطر التقنية المصرفية من حيث إساءة استخدام الرقم السري أو “كود السويفت” مثلا. والمخاطر تتمثل في أن العملية تتم دون معرفة مسبقة للطرف الآخر أو التحدث معه؛ لأن كل الأمر يتم بواسطة المستندات المنقولة آليا عبر وسائل التقنية. وإذا حدث خطأ مقصود أو غير مقصود، لا يتم اكتشافه إلا بعد فوات الأوان واكتمال العملية، التي قد تكون بغرض الاحتيال، وبسببها يتعرض الزبون أو البنك للخسائر المادية والمعنوية.
هذه بعض الأمثلة الواقعية التي تتكرر كثيرًا، وعلى الرغم من أن العمليات التي تتم عبر التقنية المصرفية لا تحصى ولا تعد، والجميع يعتمد عليها في تكملة خدماته، إلا أن هذه العمليات، كما يعلم الجميع، محفوفة بالمخاطر التي يجب على البنوك، وبمساعدة الزبائن، دراستها من كل الجوانب. وهذا يتطلب منا السياسات الضرورية الحديثة والمباشرة لمجابهة المخاطر بحزم مع إصدار التوجيهات اللازمة للامتثال للسياسات وتطبيقها بمهنية عالية. وكلما توفرت المهنية، كانت النتائج أفضل لتجاوز المخاطر وحسن إدارة كل ما يرتبط بها.
إضافة إلى ذلك، لا بد من تدريب الموظفين تدريبا كافيا ومتجددا لملاحقة التقنية ومقارعتها، مع الحرص كذلك على تقديم كل التوعية والتثقيف للزبائن والجمهور عبر الوسائل المتاحة، خاصة التقنية؛ لعلاقتها بالموضوع ولمخاطبة أصحاب العقول التقنية. إن الحاجة لكافة العمليات المصرفية في ازدياد يوميًا، وضرورة تسارع خطى الحياة تستدعي الاستفادة من التقنية المصرفية بل الاعتماد عليها. وهذا أمر حميد، ولكن بثمنه، وعلينا الموازنة بمعيار عالٍ للاستفادة من التقنية مع الحرص على تجاوز كل المخاطر المرتبطة بها.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .