العدد 5939
الجمعة 17 يناير 2025
مشاهد على هامش زيارة جلالة الملك المعظم إلى عمان
الجمعة 17 يناير 2025

كما كانت زيارة الدولة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، إلى سلطنة عمان الشقيقة، ومباحثات جلالته الرسمية مع أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، عظيمة الأهمية في سياقها ومضمونها ونتائجها، ومردوداتها كثيرة النفع على مستقبل العلاقات الأخوية بين البلدين، فقد صاحبتها أيضًا مشاهد كثيرة دالة بصدق على مدى الرسوخ والمتانة في العلاقات بين قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين ورغبتهما المشتركة ومساعيهما المتواصلة على إنجاز خطوات نوعية وفارقة في المضي بها لأفاق أكثر تطورًا وازدهارًا في مختلف المجالات.

نبدأ بما حظي به جلالة الملك المعظم من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والوفادة في هذا البلد الشقيق، في تعبير عن ترحيب المضيف لضيفه، ورأينا استقبالا حافلاً ومعبرا منذ وصول جلالة الملك المعظم إلى أرض السلطنة، فمنذ ولوج الطائرة الملكية الخاصة المقلة لجلالته أجواء سلطنة عمان رافقها حتى وصولها إلى المطار السلطاني الخاص، سرب من الطائرات العسكرية التابعة لسلاح الجو السلطاني العماني.

ولدى عبور موكب جلالة الملك المعظم وأخيه سلطان سلطنة عمان، بوابة مسقط، اصطفت على جانبي الطريق مجموعة من الهجانة السلطانية، ثم ظهر فرسان الخيالة السلطانية وخيالة الحرس السلطاني العُماني بالموكب الرسمي بمصاحبة الموسيقى العسكرية. كما رأينا مجموعات من فرق الفنون الشعبية والعزف المعبر من موسيقى الحرس السلطاني العُماني والنفخ بالأبواق داخل قصر العلم. ‎
إن اختزال هيبة وروعة الاستقبال بهذه الكلمات لا توفي ما كان موجودا في الواقع وما رأيناه من روعة وجمال.

من المشاهد التي لا تنسى على هامش زيارة الدولة التي قام بها جلالة الملك المعظم، هو ما قام به ديوان البلاط السلطاني ممثلا في المراسم السلطانية، حيث نظم جولة خاصة لرؤساء تحرير صحف البحرين لزيارة أبرز المعالم الثقافية والتراثية والتاريخية في مسقط.

بدأت الزيارة بالمتحف الوطني بسلطنة عمان، وفيه رأينا الأصالة التاريخية والهوية الحضارية الممتدة عبر العصور؛ ليحكي لنا قصة الحضارة العمانية بمقتنياته النادرة ووثائقه التاريخية القيمة، ومنها بعض القطع لجلالة السلطان قابوس بن سعيد (رحمه الله)، حيث لفت نظري الوصية التي كتبها جلالته (رحمه الله) لاختيار ولي عهد عمان، وهو جلالة السلطان هيثم بن طارق.

لا يفوتني عندما رأينا نماذج السفن القديمة التي كانت تبحر من سلطنة عمان قديما، ويعتمد في بنائها على ربطها بحبال تشبه الخياطة الجراحية، إن جاز لي التعبير، ولتعبر بشكل دقيق جدا عن المتانة التي مكنت هذه السفن من الإبحار لأماكن بعيدة في العالم. وهناك الكثير من الأواني الفخارية القديمة المصنوعة منذ ما قبل الميلاد.

ولذا أقول إن المتحف الوطني بسلطنة عمان به بانوراما تسرد الحضارة العمانية بشكل جميل، ولابد لكل زائر لمسقط أن يزور هذا المتحف الذي يحمل حضارة عريقة لشعب أصيل وعريق.

من ثم عرجنا على زيارة جامع السلطان قابوس الأكبر، وهو تحفة معمارية بحق، وبناه السلطان قابوس بن سعيد (رحمه الله) على نفقته الخاصة، وقام بتصميمه المهندس العراقي محمد صالح مكيه، وهو تحفة تأسر الأنظار من جمال التصميم.

ويسع الجامع لنحو عشرين ألف مصل، والمصلى الرئيسي له يتسع لنحو 6 آلاف مصل، وجدار المصلى والصحن الداخلي يربطهما شريط محفور بالآيات القرآنية بخط الثلث، والأروقة المحيطة بالجامع مزينة بأقواس هندسية بها نقوش إسلامية، وكل واجهة بالأروقة تحمل أسماء الله الحسنى ومحفورة بالخط الديواني، ويحيط باحات الجامع حدائق يانعة تشبه الحدائق الأندلسية بقصر غرناطة في إسبانيا.

واختتمنا هذه الجولة الجميلة بزيارة سوق مطرح الشعبية، التي مازالت تحمل بأزقتها التراث الرائع والحرف اليدوية والتقليدية لسلطنة عمان.

وفي لفتة على قيمة وأهمية البعد الثقافي في العلاقات بين البلدين الشقيقين، وفي اليوم الأخير من الزيارة الملكية، قام جلالة الملك المعظم بزيارة الأوبرا السلطانية العمانية، وكنا ضمن الوفد المرافق لجلالته.

هذا المبنى هو بحق صرح ثقافي راق من حيث البناء الذي يجمع في صورة رائعة ثقافات العديد من الدول، ونراها على سبيل المثال في الرخام المزين الإيطالي، والخشب الذي يوجد في الأوبرا بشكل لافت للنظر، ومن النوع الساج البورمي، وتم نقشه وتزيينه بأيادٍ عمانية، ونرى أيضًا المشربيات بتصميم مغربي.

لقد كانت زيارة الدولة التي قام بها جلالة الملك المعظم ناجحة بكل المقاييس، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، كما تضمنت التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم واعدة لمستقبل العلاقات بين البلدين في شتى الميادين، فقد صاحبها شواهد ومشاهد عكست ما بينهما من وشائج قربى وصلات وروابط وثيقة وممتدة ومتواصلة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .