العدد 5939
الجمعة 17 يناير 2025
السعودية وسنغافورة.. شراكة استراتيجية ترسم ملامح المستقبل
الجمعة 17 يناير 2025

تواصل السعودية تعزيز مكانتها كمركز اقتصادي وسياسي عالمي عبر بناء شراكات استراتيجية مع دول محورية. في هذا الإطار، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي والدكتور فيفيان بالاكريشنان وزير خارجية سنغافورة مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس شراكة استراتيجي، وهذه الخطوة تأتي في سياق رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار من خلال التعاون مع الدول الرائدة عالميًا.

مجلس الشراكة الاستراتيجي يمثل منصة تعاون متعددة الأوجه بين السعودية وسنغافورة، حيث يهدف إلى تعزيز العلاقات في مجالات تشمل الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والثقافة والتعليم، وتُدرك المملكة العربية السعودية أهمية الشراكة مع سنغافورة، والتي تُعتبر واحدة من أكثر الاقتصادات تطورًا وكفاءة عالميًا، لتطبيق أفضل الممارسات في مشاريعها الكبرى مثل نيوم والقدية.. هذا التحالف يتجاوز المصالح الاقتصادية البحتة؛ فهو يجسد التزام البلدين بتبني الابتكار والتنمية المستدامة، وتسعى المملكة للاستفادة من خبرة سنغافورة في تطوير البنية التحتية الذكية ورفع كفاءة الخدمات، بينما ترى سنغافورة في السعودية بوابة مثالية لتوسيع نفوذها الاقتصادي في الشرق الأوسط، خصوصا مع توجه المملكة لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا.

دول أخرى أيضا أقامت شراكات مشابهة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة التي وقعت اتفاقيات تعاون اقتصادي مع كوريا الجنوبية لاستقطاب التقنيات المتقدمة، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين 9.4 مليارات دولار اعتبارًا من عام 2020. كذلك وطدت تركيا علاقتها مع ألمانيا للاستفادة من خبراتها في الطاقة المتجددة والصناعات الثقيلة، حيث يحتل قطاع الطاقة هدفًا مشتركًا في العلاقات التركية الألمانية وسط ارتفاع الحاجة إلى بدائل لمصادر الطاقة بالنسبة لبرلين. 

هذه التجارب تؤكد أن بناء شراكات استراتيجية يعزز القدرة التنافسية ويخلق فرصًا جديدة في الأسواق الدولية.

هذا الاتفاق مع سنغافورة يعكس بعدًا استراتيجيًا، فالمملكة لم تعد تعتمد فقط على مواردها الطبيعية، بل أصبحت محورًا رئيسيًا يجذب الدول الكبرى للتعاون معها في مشاريع مبتكرة. هذه المبادرات، مثل إنشاء مجلس الشراكة، تُبرز أن القيادة السعودية تسعى لأن تصبح نموذجًا عالميًا في التنويع الاقتصادي والاستدامة، وهذه الشراكة ستؤدي إلى نتائج إيجابية تعود بالنفع على البلدين وتؤكد التزام المملكة بمسار التحول نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة، وهي رسالة واضحة بأن المملكة العربية السعودية قوة صاعدة تتبنى الابتكار والتطوير في كافة المجالات.


*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية