على مدى عقدين من الزمن، أثبت “حوار المنامة” مكانته كواحد من أبرز المنصات الدولية للحوار السياسي والاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط والعالم. ومنذ انطلاقه بالعام 2004 تحت رعاية مملكة البحرين وبالتعاون مع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أصبح هذا الحدث السنوي ملتقى يجمع قادة الحكومات، وصناع القرار، والخبراء؛ لمناقشة أبرز القضايا التي تؤثر على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ويعكس حرص مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، على الإسهام بدفع الجهود الدولية نحو تعزيز السلام.
وتميز “حوار المنامة”، الذي يحظى برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، بتوفير بيئة تجمع بين الشرق والغرب، إذ يتيح للقادة وصناع السياسات فرصة للتواصل المباشر وبحث الحلول المشتركة للتحديات المتزايدة. وسواء تعلق الأمر بالأمن الإقليمي، أو قضايا الطاقة، أو التغير المناخي، كان “حوار المنامة” دائما في صدارة النقاشات التي ترسم ملامح المستقبل.
ويعد منتدى الأمن الإقليمي ”حوار المنامة”، فرصة فريدة لمناقشة التوترات الجيوسياسية وآفاق التعاون بين الدول. وعبر الحوارات المفتوحة والجلسات النقاشية المغلقة، يتعمق المشاركون في فهم قضايا معقدة مثل الأمن البحري، والحد من انتشار الأسلحة، والتنمية الاقتصادية المستدامة، ما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة.
في العشرين عاما الماضية، استضاف الحوار شخصيات مرموقة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء دول، ووزراء دفاع، وخبراء أمنيون. وساهم في بناء جسور التعاون وتخفيف التوترات الإقليمية عبر تعزيز التفاهم المتبادل وتشجيع الحوار البنّاء.
ومن أبرز ما يميز “حوار المنامة” هو قدرته على مواكبة القضايا المستجدة، ففي كل دورة يتم تناول موضوعات ذات أهمية حيوية للعالم، مثل الإرهاب، التحولات الجيوسياسية، والأزمات الإنسانية، ما يجعله مرجعا مهما لاستشراف التحديات المستقبلية.
كما أن تطور الحوار ليشمل ورش عمل متخصصة وجلسات موازية، يعكس مرونته واستعداده لتلبية احتياجات المشاركين. هذه الورش والجلسات توفر فرصا إضافية للتعمق في مناقشة القضايا التقنية، مثل الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع، والتغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الغذائي.
ويمثل “حوار المنامة” إرثا فريدا لمملكة البحرين، إذ يعكس التزامها بلعب دور ريادي في تعزيز الأمن والسلام الدوليين. كما يعكس نجاح المملكة في خلق مساحة للحوار المفتوح والمثمر في منطقة تعج بالتحديات.
هذا الإرث لم يقتصر على استضافة الحدث، بل امتد ليشمل تعزيز مكانة البحرين كدولة محورية في مجال الدبلوماسية الدولية. وأصبح “حوار المنامة” رمزا للتعاون متعدد الأطراف، إذ تتبنى مخرجاته العديد من الدول والمنظمات الدولية كمرجعيات في صياغة سياساتها الإقليمية.
وبينما يحتفل “حوار المنامة” بمرور عشرين عاما على انطلاقه، يظل تطلعه نحو المستقبل حاضرا. ومع استمرار التحديات الإقليمية والعالمية، يبقى الحوار منصة أساسية لتعزيز التعاون والعمل المشترك.
وفي السنوات المقبلة، من المتوقع أن يستمر “حوار المنامة” في تطوير أجندته لتشمل قضايا جديدة، مثل الأمن السيبراني، وتحولات الطاقة، والابتكار التكنولوجي. كما ستظل هذه المنصة ملتزمة بجذب أبرز الشخصيات العالمية، ما يضمن استمرار تأثيرها وأهميتها.
بهذا، يظل “حوار المنامة” نموذجا للتميز والريادة في تعزيز الحوار والسلام العالميين، ويمثل نجاحه شهادة حية على أهمية الدبلوماسية الحوارية في عالم يزداد تعقيدا وتشابكا.
مؤنس المردي