المتابع لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي يجد العجب العجاب ويعيش الحيرة؛ من ذلك أن أحدهم ينشر مادة تدعو إلى أن يأخذ حبوب ضغط الدم في الصباح، بينما ينشر آخر مادة تدعوه إلى أخذها في المساء، ولكل مبرراته وطريقته في الشرح والإقناع.

ومن ذلك أن أحدهم ينشر فيديو يجتهد من خلاله في إثبات أن القهوة مضرة بالصحة، وأن عليك أن تتوقف عن شربها فورًا، بينما ينشر آخر فيديو يجتهد من خلاله في إثبات أن القهوة تجعلك أكثر ذكاء وأكثر قدرة على التركيز ويدعوك إلى شربها ثلاث مرات على الأقل في اليوم. ومن ذلك أن يقول أحدهم إن “الدراسات” بالجامعة الفلانية أثبتت أن الضحك المستمر خلال النهار يساعد على النمو العقلي والجسدي والنوم ليلًا، بينما يقول آخر إن “الدراسات” بالجامعة العلانية أثبتت أن الضحك ينبغي ألا يزيد عن مرة أو مرتين خلال اليوم ليطول عمرك! وهكذا في كل موضوع، ولعلّ الأشهر في هذا الخصوص تناول وعدم تناول السكر مع الشاي وممارسة رياضة بعينها في وقت بعينه بطريقة بعينها!

مستغلو وسائل التواصل لم يتركوا حتى النملة في حالها؛ فهذا يقول إن حليبها يماثل حليب الأم وينصح به، وذاك يقول إن حليبها مؤذ وينصح بالابتعاد عنه، وكلاهما يستند في قوله على “دراسات أجريت من قبل علماء متخصصين من كبريات الجامعات في العالم”، وكلاهما لا يخبرك عن المحلات التي يمكنك الحصول فيها على حليب النمل.

مشكلة هذه الأداة العصرية المهمة أن أية جهة في العالم لا تستطيع منع الناس من استخدامها واستغلالها، فهي من دون رقيب، ويمكن للجهلاء أن يقوموا بتوظيفها لنشر الجهل، ولا يمكن منع مستخدميها من نشر “معلومات علمية” أيا كان مقدار الخطأ فيها. الفارق بينها وبين المثل الشعبي “اربط صبعك ألف ينعت لك دوا” هو أنك هنا لست بحاجة لتربط إصبعك فالعلاجات تأتيك من كل حدب وصوب. 

* كاتب بحريني