إحدى العبارات الكوميدية الخالدة لعادل إمام في أحد أفلامه الشهيرة تقول: العلم لا يُكال بالبتنجان “الباذنجان”.
تعني العبارة أن للعلم قدره ومكانته وأهميته، هكذا رأينا وشهدنا في الأحداث المتسارعة المدهشة المؤسفة في الأسبوعين الأخيرين، وكيف أن العلم والتقنية هما أهم أدوات العصر في السلم والحرب. دعنا نجنح للسلم، ونذهب حيث البناء والتنمية، ها هي شركة البحر الأحمر العالمية، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، تعلن عن انخفاض تكاليف الإنشاء والتشغيل بنسبة تصل إلى 25 %؛ بفضل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مشروعين ضخمين، الأول في البحر الأحمر، والثاني في مطار الرياض.
هذه التقنية تراقب نحو 13 ألف عامل، وتتابع أكثر من 350 قطعة من المعدات الثقيلة، بالإضافة إلى مراقبة المعدات غير الفعالة في المواقع، ما يتيح تحكما دقيقا في التكاليف مع هدف خفضها لنسب أكبر في المستقبل. الذكاء الاصطناعي يتطوّر بسرعة تفوق حتى سرعة من ابتكروه، وسيأتي يوم قريب جدا نكتشف فيه أننا نعيش في قلب “ثورة الذكاء الاصطناعي”، حيث سنكون في عالم جديد بعد الإنترنت.
هذه الثورة ليست مجرد تغيير في التكنولوجيا، بل هي تحول شامل في الطريقة التي نفكر ونعمل بها، ثمة تحولات جذرية يشهدها العالم بفضل الذكاء الاصطناعي.
خبر آخر يحمل دلالة كبيرة في هذا السياق، هو انتقال البروفيسور تشونج لين وانج، أحد رواد تكنولوجيا النانو وصاحب أكبر عدد من الاستشهادات البحثية في العالم، من الولايات المتحدة إلى الصين للعمل هناك بشكل دائم.
هذا الانتقال ليس مجرد حدث عابر، وإنما حدث يعكس التحول العالمي في المشهد العلمي، حيث لم تعد الصين توفر الإمكانات فحسب، بل أصبحت وجهة جاذبة للعقول العلمية الكبرى مثل وانج.
يبرهن ذلك أن الصين تستعد لتكون لاعبا رئيسا في المستقبل العلمي العالمي، وأن العلماء الكبار يرون في بيئتها البحثية فرصا لا تتوافر في أماكن أخرى.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: متى نستفيق نحن في العالم العربي؟ متى نبدأ في الاستثمار الجاد في البحث العلمي؟ ومتى نوفر بيئة علمية تجذب العقول المبدعة، وليس تحتضن علماءنا المحليين فقط؟
المنافسة العلمية القادمة ستكون شرسة، ويجب أن نكون جزءا منها إذا أردنا أن نغير واقعنا ونضمن لأنفسنا مكانا في المستقبل.
إن نظرة سريعة على ترتيب الدول في الإنفاق على البحث العلمي تكشف لنا أسباب تفوق دول مثل إسرائيل، وكيف فعلت ما فعلته مؤخرا وأثناء عام.
تحتل إسرائيل المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة الإنفاق على البحث والتطوير مقارنة بدخلها القومي، حيث تستثمر أكثر من 5 % من ناتجها القومي في هذا المجال.
إذًا، فالعلم هو الطريق الوحيد للتقدم، ورغم أن الواقع العربي مليء بالتحديات، إلا أن الفرصة مازالت قائمة. الاستثمار في البحث العلمي ليس خيارا، بل ضرورة لضمان مكانتنا في عالم يزداد تنافسية.