كثيرا ما نسمع كلمة “فلان مثقف”، حتى كبار السن وأصحاب المهن العادية يطلقون عليهم “المثقفين”، بمجرد أن تكون لديهم معلومات ثرية واطلاع واسع على مجريات الأمور في المجتمع، وقديما ربط الشاعر ت. س. إليوت الثقافة كما ذكر النقاد بما يسمى بالنخبة الممتازة، حتى أنه ليشجب الفكرة التي تقول إن الفقر والموت لا يقضيان على العبقريات، بدعوى أن هناك نخبة وصفوة مختارة هي التي تملك استعدادا خاصا لنشر الثقافة وتحريك المجتمع وتطويره، ولعل في كلمة الشاعر الألماني المعروف جوته “كم تدفن عبقريات وتضيع بسبب الفقر”، ولعل في هذا القول أبلغ رد على من يربط الثقافة بمفهوم النخبة أو الصفوة، ذلك أننا رأينا عباقرة وأفذاذا في شتى فروع المعرفة وحتى في السياسة والبطولات الحربية ممن كانت نشأتهم متواضعة، ومع هذا برزوا وفاقوا غيرهم في ميادين مختلفة وكانوا تعبيرا عن الحافز الحقيقي لتطوير المجتمع الإنساني وتقدمه.
كان جارنا “بوصالح” رحمه الله موسوعة في تاريخ الشركات القديمة التي فتحت لها فروعا في دول الخليج، وكان الجميع يلجأ إليه عند البحث عن أية معلومة، ورغم أنه لم يدخل المدارس إلا أنه كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة عجيبة، مثله مثل بقية “الشياب” من ذلك الجيل الرائع، ووالد زوجتي علي بن حمد الرويعي رحمه الله كان مدرسة في المعلومات السياسية بحق، رغم أنه لم يدخل أية جامعة ولا يملك أية شهادة في السياسة، إنما يمتلك ذاكرة قوية وثقافة عالية.
إذا وكما هو واضح أن مفهوم الثقافة مفهوم مطاط واسع شاسع، وكل شخص ينظر للثقافة من زاويته.