العدد 5778
الجمعة 09 أغسطس 2024
banner
مبادئ “يونيدروا” للعقود التجارية الدولية
الجمعة 09 أغسطس 2024

تلعب مبادئ “يونيدروا” دورا هاما في دعم وتنمية التجارة الدولية وتطويرها وفق أسس قانونية سليمة. المعهــد الــدولي لتوحيــد القــانون الخــاص )يونيــدروا (ومقره روما، قام بإصدار المبادئ وهي تأخذ أسمها منه. وبعد إصدار المبادئ تواصل المعهد مع لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (يونسيترال)، التي منحت موافقتها وأقرت مبادئ يونيدروا لعام 2010.

وأفادت لجنة يونيسترال أن الهـدف مـن مبـادئ يونيـدروا ينحصر بصفة أساسية في معالجة بعض المواضيع القانونية التي تهم قطاع الأعمال التجارية الدولية والأوساط القانونيـة. ومن الواضح أن من قام بوضع المبادئ كان يهدف لإعادة روح سيادة القانون وروح الـ “ليكس ميركاتوريا”، المنبثقة من مبادئ القانون الروماني القديم المنظم للأعمال التجارية، ولكن في ثوب جديد وفق الأسس القانونية التي تمكن الأطراف من اختيار القانون الواجب التطبيق في العقود.

ومن أهم ما تتنــاوله هذه المبادئ وضع أحكام قانونية إضافية للعقود التجارية الدولية مثل رد الحــق في حالــة عــدم تنفيــذ العقــد، انتفــاء الــشرعية، الشروط المرتبطة بالعقد، تعدد المتعهدين والمتعهد لهم، حساب المقاصة، سقوط الحق بالتقادم، شروط الالتزام المشترك والمتعدد، قواعد تطبيق العدالة الطبيعية “ايكويتي”، إجراءات المحاكم المحلية بالنسبة لمبادئ يونيدروا، اللجوء للقضاء، اللجوء للتحكيم وموقف القضاء والتحكيم من المبادئ. 

ولا بد من القول إن هذه المبادئ عبارة عن “قانون”، وتشكل ما يشبه قانون جديد للعقود لكن لم يصدر من سلطة تشريعية، لكنها طورت وضعا جديدا في بعض المبادئ السائدة والمعروفة في قانون العقود. ونذكر من هذا مثلا، حالة الظروف الاستثنائية الطارئة “الاستحالة” حيث وضعت المبادئ إجراءات تفصيلية للحفاظ على العقد الي أقصى حد ممكن ومهما كانت ظروف الاستحالة.

وهذا قد يكون مخرج قانوني جديد يضع أطراف العقد أمام مسؤولية التمسك بالعقد وتنفيذه لإبراء الذمة، وكما نعلم فقد دار نقاش قانوني عميق حول الاستحالة والظروف القاهرة بسبب جائحة كورونا. (وقد يرتاح البعض لهذا المخرج القانوني الذي يضع الحل في حالة “الاستحالة” في يدهم دون اللجوء للمحاكم، وعليه ولمن يرغب في هذا المخرج أن يضع في العقد مبادئ يونيدروا لتكون القانون الواجب التطبيق، والأمر كما أوضحنا يعود لأطراف العقد). وكذلك تتناول يونيدروا بعض الأحكام الخاصة بالوكالة ودور “الوكيل” ودور “الأصيل المستتر” الذي لا يملك الحق المباشر في مقاضاة الطرف الثالث، وبصفة عامة هذا أمر جائز وفق الأحكام العامة لعقد الوكالة.

العديد من الجهات والكفاءات القانونية ولجنة يونسيترال، كلها توصي باستخدام المبادئ، وهناك اعتراف دولي بأن مبادئ يونيدروا تضع مجموعة شاملة من القواعد القانونية الخاصة بالعقود التجارية الدولية وبذلك تكون مكملة للعديد من صكوك ووثائق القانون التجاري الدولي، بما في ذلك “اتفاقية الأمم المتحدة لعقود البيع الدولي للبضائع”، نظرا لما بهذه الاتفاقية من فائدة في تيسير التجارة وتكون يونيدروا مكملة لها. وتنص أحكام 2020، علـى أنَ المبادئ تضع قواعد عامة للعقود التجارية الدولية، وأنها تطبق عندما يتفق الطرفان على تطبيقها على العقد المبرم بينهم.

ويجوز تطبيقها عندما يتفق الأطراف على أن إحالة العقد الى مبادئ القانون العامة أو قانون التجارة أو ما شابه ذلك وكذلك عندما لا يختار الأطراف قانون محدد يحكم العقد. وكما يجوز أن تستخدم المبادئ لتفسير الصكوك والوثائق القانونية الدولية الموحدة أو استكمالها، وأن تستخدم لتفسير القانون الداخلي أو استكماله، وأن تكون المبادئ بمثابة نموذج للمشرعين على الصعيدين الوطني والدولي. ومن هذا يتبين، أن نطاق تطبيق يونيدروا واسع مما يقود لفتح المجال أمام العديد من الحالات القانونية، وهكذا تلعب مبادئ يونيدروا في مرمى تطوير ودعم وتقنين عقود التجارة العالمية.

وللتنبيه، فإن دور المبادئ ينحصر في التطبيق على “العقود التجارية” فقط وليس على أنواع العقود الأخرى التي تتعلق بالمستهلكين مثلا أو الإيجاز أو العمل، وكذلك فإنها لا تنطبق عندما يكون أحد الأطراف لا يتعامل بالتجارة ولا يحترف التجارة كمهنة ثابتة.

ومن هذا الواقع نلاحظ بان العدد الأكبر من العقود اليومية يقع خارج الاختصاص. وهذا يعود، الى أن المبادئ تستهدف في الأساس حاجة التجارة الدولية الى حلول قانونية معينة ترضي فكر ومرامي التجارة الدولية ورجال الأعمال والتجار، خاصة في تلك المسائل التي لا تحققها القوانين المحلية لنظرتها الداخلية المحضة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية