تحل علينا هذه الأيام المباركة وبلادنا تُحيي موسم عاشوراء، أيام لها معنى في التاريخ، وفي الجغرافيا، في الفكر الإنساني والعُرف الإسلامي، في مناقب ومناسك شعوبنا التي تتعلم من تجاربها وتتقن الدروس المستفادة جيدا، إنها حالة وطنية مخلصة تختلط فيها الذكريات مع الأحداث، والحكمة مع العلم، والإيثار مع القناعة التي هي كنز لا يفنى.
لقد تعلمنا من الإمام الحسين الكثير، الصبر عند الشدائد، الدعوة إلى الحق بالتي هي أقوم، بالصلاح والإصلاح اللذين هما ديدن بلادنا، دستور قائدنا وميثاقه الوطني الكبير، التسامح والتعايش مثلما يرى جلالة مليكنا المعظم، السلام والإخاء ووحدة الوطن هو ما يؤرق جلالته، فيشحذ من أجله الهمم والعزائم، ويشد على هداه الأزر والروح والخاطر.
هو ما تجلى في جلسة مجلس الوزراء الماضية التي ترأسها ملك البلاد المعظم وحضرها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عندما قال إن ما يجمعنا من قيم وعادات بحرينية أصيلة مشتركة، تعتبر ثوابت أساسية في تعزيز هويتنا الوطنية، والحفاظ على نسيجنا المجتمعي القائم على التعايش والتآلف والتسامح الإنساني، هذا ما يؤكد التوجيه السامي بتهيئة كافة السبل وتوفير المقومات اللازمة لإنجاح موسم عاشوراء.
في التاريخ الإصلاحي الطويل للبشرية أحداث وتجارب، أمم تبزغ وأخرى تزول، أفكار تأتي وأضغاث أحلام تختفي، إنها سنة الحياة، منذ المشروع الإصلاحي الأول في الكون حتى المشروع الإصلاحي الكبير لملك البلاد المعظم الذي استلهم فيه كل العبر والدروس، وكل المناسك والمناقب والموعظة الحسنة، ليخرج متآلفًا متحالفًا مع الحق، مع الأيام الأجمل التي لم نعشها بعد، ومع الصراط المستقيم الذي نمضي على هديه ونؤمن بسلوكه، ونعزز فيه قيمنا التي هي جزء من قيمة تاريخنا العربي الإسلامي البعيد.
الإصلاح في يوم الإصلاح هو الصلاح بعينه، هو الدين والدنيا عندما يكون العباد في خدمة قضايا البلاد، وعندما تصبح البلاد صورة طبق الأصل من طموحات بنيها، وطموحات وآمال قانطيها.
هذه الأيام المباركة تذكرنا بكل ما يوحد أمتنا ويجمعها على كل الحق، لا أن يفتت ويشتت مشاريعها الوطنية التي تصب في خدمة الوطن والمواطن، إنها الأيام التي ضحى فيها سيد الشهداء بنفسه من أجل إعلاء كلمة العدل والصلاح لأمته، من هنا فإننا ننشد ذكراه ونستقبلها بقلب مفعم بالإيمان، وبروح مطمئنة ونفس راضية، وعقل مفتوح وقلب مِلؤه الرضا وحب الوطن الذي لا يفوقه حب بعد الله عزّ وجل، وكل عام وبلادنا وأمتنا بألف خير.