هناك لعبة من ألعاب الواقع الافتراضي، يكسب فيها الأكثر لصوصية بمهارات وقدرات سلب واختطاف العملات الافتراضية من الآخرين.
الطفل اللاعب يبدو مسرورًا بالفوز بأكبر قدر من العملات، دون أدنى شعور بالذنب.
ابن صديقي تفاخر أمامنا بمهارته في اقتناص ثروة من العملات الافتراضية، التي سيشتري بها من نفس اللعبة مستويات أعلى، أو يترقى لمكانة أكبر كلاعب مميز، أو يشتري من متجر اللعبة أزياء وإكسسورات فاخرة، سألته: هل لو كنت في لعبة حقيقية، أكنت ستفعل نفس الشيء وتقتنص ما ليس لك، من أجل شراء مكانة أو مستلزمات؟ فكّر قليلًا، ثم هزّ رأسه الصغير بالنفي.
يبدو الأمر جيدًا حتى اللحظة، فابن صديقي لا يزال يدرك أن ما فعله في الواقع الافتراضي بخفّة واستهتار، هو جريمة في الواقع الحقيقي، ولكن إلى أي مدى تصمد قيمنا التي توارثناها كبشر جيلًا عبر جيل، وتراكمت بتعاليم الأديان وفلسفات الفلاسفة وتوجيهات المستنيرين؟
التسول الافتراضي هو أيضًا من تلك الظواهر التي لاحظها صديقي على ابنته، تمارسها دون خجل: تقف رافعة لافتات تطلب بها "عملات افتراضية" من الآخرين، بادعاءات مضللة عن حاجتها للمال.
إلى ذلك، ثمة مخاطر محتملة موجودة في العالم الافتراضي تنتج عن اختلال القيم والمعايير، مثل طلب الغرباء من أبنائنا الصور أو الفيديوهات مقابل المال، أو محاولات الابتزاز.
يظن أبناؤنا أن تصرفاتهم في العالم الافتراضي لا تُحاسب بنفس الطريقة التي تُحاسب بها في العالم الحقيقي.
لن يكون أمر ترسيخ تلك القيم في نفوس أبنائنا سهلًا، لكن مع الحوار المستمر وطرح الأسئلة، سيبدأ أولادنا يفهمون وجهة نظرنا كآباء تربّوا على الحسم في التفريق بين الصواب والخطأ، حتى لو كان الخطأ المرتكب خيالًا، أتذكّر كم كنت أحاسب نفسي صغيرًا بعنف لو حلمت حلمًا أخجل من روايته لأحد.
لابد أن يدرك أبناؤنا أن تصرفاتهم في العالم الافتراضي لها عواقب أخلاقية، تمامًا مثل تصرفاتهم في العالم الحقيقي، فالعالم الافتراضي ليس وهمًا.
إن وراء كل لاعب على الشاشة يوجد إنسان حقيقي لديه مشاعر وأحاسيس، تمامًا كما الواقع الحقيقي، فلو جرت سرقته أو النصب عليه بادعاء الحاجة، سيتألم بالتأكيد.
هنا تتبدى أهمية دور الوالدين في توجيه أبنائهم في عالم الإنترنت، فمن خلال الحوار والمشاركة، يمكننا مساعدتهم على فهم القيم والأخلاق الصحيحة، وكيفية التعامل مع المواقف المختلفة في العالم الافتراضي.
ختامًا، فإننا لا يمكننا تحصين أبنائنا بشكل كامل من مخاطر الإنترنت، لكن يمكننا مساعدتهم على اتخاذ القرارات الصائبة من خلال الحوار والمشاركة.