لعلّ صورة واحدة مما ينتشر في وسائل الإعلام كافية لنقل الحالة الكارثية لسكان قطاع غزة، بل لعلّ صورة واحدة لطفل يستجدي حساء أبلغ من ألف كلمة عند الحديث عن ممارسات الاحتلال وهو يعاقب الأطفال والنساء والشيوخ وعموم المدنيين في قطاع غزة ممّن قالوا "سلاما" مستخدما سلاح التجويع. لذا أطلق رواد التواصل الاجتماعي وسم "شمال غزة يموت جوعًا" في محاولة لجعل هذه القضية محط أنظار العالم وفي مقدمة اهتمامات صانعي القرار الدولي.
لكن في الوقت الذي انتظر فيه العالم تحركا دوليا لإجبار سلطات الكيان على إدخال المواد الغذائية إلى شمال القطاع، تدهور الوضع في وسط القطاع وجنوبه ليصبح كامل القطاع في مواجهة الموت إما بنيران القصف الإسرائيلي المدمّر، أو تحت وطأة الجوع والنقص الحاد للمواد الغذائية والأدوية. وقد أفاد تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصادر عن الأمم المتحدة مؤخرا، والذي تشارك في إعداده وكالات إنسانية، أنّ "كل قطاع غزة يُصنف بأنه في حالة طوارئ وهي المرحلة الرابعة من التصنيف التي تسبق المجاعة (المرحلة الخامسة)"، وأفاد التقرير بأنّ: "أكثر من 495 ألف شخص (22 % من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصا شديدا للغذاء والتضور جوعا واستنفاد القدرة على المواجهة". وفي الوقت الذي تؤكد فيه هذه التقارير والصور التي تأتي من القطاع الحالة المأساوية لسكان القطاع جرّاء سياسة التجويع الممنهجة، لم تحصل بعدُ الإدارة الأميركية على أدلة قاطعة على استخدام "إسرائيل" للتجويع كسلاح في حربها على قطاع غزة، ولا نستغرب ذلك طالما أنّ هذه الإدارة الراعية للممارسات الإسرائيلية في الشرق الأوسط تمارس هي ذاتها سلاح التجويع في مواجهة الشعوب والحكومات التي تصنّفها "معادية" لها. "المقال كاملا في الموقع الإلكتروني".
في الوقت الذي نكتب فيه هذه الكلمات وتنشر فيه هذه الصور يموت العشرات من نقص الغذاء في شمال غزة، ويكاد اليأس يملأ قلوب الكثيرين من تحرك دولي إنساني كبير لإنقاذ أهل القطاع، لكنّ يقينا ساكنا في قلوبنا أنّ القطاع لن يموت جوعا، وأنّ الله عزّ وجل بقدرته سيسخّر لهم من يطعمهم من جوع ويحميهم من قتل، وإنّ إيمانا راسخا أيضا في قلوب المؤمنين يحدّثهم بأن الله سوف يبدّل عسرهم يسرا. فقل يا ربّ! ولا تقل يا...