من السمات الملاحظة في العديد من دول العالم ما نشهده من تغيرات سياسية مؤثرة وبارزة، فها هو اليمين المتطرف يقف على أعتاب السلطة في فرنسا، بينما يتم تعيين “زعيم حزب العمال” السير كير ستارمر رئيسًا للوزراء في المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية، بعد الفوز الذي حققه حزب العمال الذي ينتمي إلى يسار الوسط بغالبية ساحقة في البرلمان البريطاني، المؤلف من 650 مقعدا مع هزيمة تاريخية للمحافظين، في الوقت الذي يفوز فيه مسعود بزشكيان في انتخابات الرئاسة الإيرانية، ليعزز آمال الإصلاحيين في إيران بعد سنوات من هيمنة المحافظين والمحافظين المتشددين على منصب الرئيس، بينما تتطلع الأنظار إلى مسار ونتائج الصراع والمنافسة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه على رئاسة البيت الأبيض دونالد ترامب.
هذه التغيرات السياسية الكبيرة تعكس تغيرًا لافتًا في توجهات الرأي العام والشارع السياسي، وحالة من عدم الرضا والرغبة في التغيير، وقناعة بأن ما يتم اتخاذه من قرارات من قبل النخبة السياسية لا يلبي تطلعات المجتمع ولا ينسجم وجسامة التحديات وخطورة القضايا التي تواجه دول العالم، وفي مقدمتها تراجع الأداء والمؤشر الاقتصاد الذي يمس حياة الجميع، والحرب الأوكرانية المتواصلة في أحداثها الميدانية وتطوراتها العسكرية والمستمرة أيضًا في تداعيات الاقتصادية والاستراتيجية على المجتمع الدولي، وكذلك حرب غزة والعدوان الإسرائيلي ضدها، دون إصغاء لأصوات الرافضين لهذه الحرب، والتي تتزايد يومًا بعد يوم، لكنها لا تجد صدى ولا تجدي نفعا في ظل استمرار آلة الحرب الإسرائيلية ضد هوادة ضد أبناء قطاع غزة.
الثابت في هذه المتغيرات العاصفة تلك العلاقات الوطيدة التي تمكن ملك البلاد المعظم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، من بنائها وتقويتها وتنميتها مع مختلف دول العالم، دون تأثر بمن يحكم هذه الدول ومن يصنع ويتخذ قرارها، لأنها علاقات نسجت على أسس متينة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والمساعي الجادة والمخلصة في تعزيز المنافع وتحقيق مصالح الجميع، وتجاوز كل سبل الخلاف بنهج حضاري من التعاون البناء، والعمل الدؤوب على ترسيخ التعايش والسلام وتعزيز الاستقرار ومواصلة الرخاء والازدهار.
وفي هذا الإطار، جاءت تهنئة ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إلى السير كير ستارمر على الفوز الذي حققه حزب العمال البريطاني في الانتخابات، وتأكيد ما يربط البلدين الصديقين من علاقات تاريخية، والتطلع إلى تعزيز وتوسيع آفاق التعاون المشترك لما فيه خير الشعبين والبلدين الصديقين، وكذلك تهنئة جلالة الملك المعظم وسمو ولي العهد رئيس الوزراء إلى الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، والتأكيد أن مملكة البحرين تتطلع وتحرص على إقامة علاقات طيبة تقوم على التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعزيز الروابط الوثيقة معها لما فيه خير البلدين وصالح شعبيهما.
جلالة الملك المعظم أرسى ويحرص على سياسة خارجية تتسم بالانفتاح والشفافية، وتستند إلى الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وتهدف إلى نشر التعايش والسلام وتحقيق مصالح الجميع، فاستطاعت هذه السياسة المتميزة أن تواصل دورها وتؤتي ثمارها مهما تغيرت الأحزاب والأنظمة الحاكمة.