+A
A-

تحقيق "البلاد": أمن المياه.. طريق الخروج من الشح إلى الوفرة

  • البحرين‭ ‬ضمن‭ ‬13‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬دون‭ ‬“عتبة‭ ‬شح‭ ‬المياه‭ ‬المطلق”

  • لا‭ ‬مياه‭ ‬جوفية‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب‭.. ‬ومخزون‭ ‬“الطوارئ”‭ ‬يفي‭ ‬باحتياجات‭ ‬3‭ ‬أيام

  • دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬تملك‭ ‬نصف‭ ‬طاقة‭ ‬التحلية‭ ‬العالمية‭.. ‬ولا‭ ‬تمتلك‭ ‬التقنية

  • وليد‭ ‬زباري‭: ‬المياه‭ ‬المعالجة‭.. ‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬المتجدد‭ ‬للمياه‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬

  • سليم‭ ‬زكري‭:‬ الدعم‭ ‬السخي‭ ‬لتعرفة‭ ‬المياه‭ ‬مؤشر‭ ‬هدر‭ ‬لدول‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الندرة

  • شبر‭ ‬الوداعي‭:‬ وسائل‭ ‬الهدر‭ ‬مستمرة‭ ‬بالعيون‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مصدرًا‭ ‬للاستغلال‭ ‬الجائر

  • يحيى‭ ‬العتيبي: ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المياه‭ ‬أحد‭ ‬عوامل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الاستهلاك

  • سيف‭ ‬الشقصي‭:‬ دول‭ ‬المجلس‭ ‬تنتج‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المعالجة

  • علي‭ ‬المكتومي‭: ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬قد‭ ‬تخفض‭ ‬الأمطار‭ ‬بمعدل‭ ‬30‭ % ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة

  • جواد‭ ‬بوحسين: طهارة‭ ‬المياه‭ ‬المعالجة‭ ‬ممكنة‭ ‬بشروط

  • عادل‭ ‬المعاودة: الحكم‭ ‬بتنجس‭ ‬الماء‭ ‬عائد‭ ‬إلى‭ ‬مخالطته‭ ‬النجاسة

  • توجه‭ ‬حكومي‭ ‬لإلزام‭ ‬أصحاب‭ ‬الآبار‭ ‬بتركيب‭ ‬عدادات‭ ‬ذكية

  • لا‭ ‬مسح‭ ‬شامل‭ ‬للآبار‭ ‬منذ‭ ‬43‭ ‬عامًا

  • إنتاج‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬الهواء‭.. ‬تقنية‭ ‬واعدة‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬الشمسية

  • تجاوز‭ ‬ملوحة‭ ‬طبقتي‭ ‬“العلات”‭ ‬و‭ ‬”الخبر”‭ ‬الجوفية‭ ‬المعدلات‭ ‬الطبيعية

 

 كقدر محتوم، فرض واقع المياه المحلاة نفسه على دول المنطقة الواقعة تحت خط الشح المطلق للمياه الطبيعية، حتى غدت تملك نصف طاقة التحلية العالمية. ومع تعاظم تكاليف التحلية، والارتفاع المضطرد في الطلب على الماء، وعدم توافر حلول مستدامة لاسترداد التكلفة، سيغدو الإنفاق على هذا القطاع عبئًا كبيرًا على الموازنات العامة لهذه الدول خلال الفترة المقبلة. 151.2 مليون دينار، هذا ما احتاجته البحرين لإنتاج 201.6 مليون متر مكعب من المياه المحلاة في العام 2022 – بالقياس إلى أن كلفة إنتاج المتر المكعب 750 فلسًا - مقابل 66 مليون دينار أنفقتها المملكة في العام ذاته لدعم فواتير المياه للمواطنين.
 واقع يفرض مجموعة من التساؤلات حول الأمن المائي في المملكة، وما يمكن أن يعترض قطاع تحلية المياه من مخاطر وتحديات، وأوضاع مخزون المياه الطبيعية وقدرتها على الوفاء بالاحتياجات، خصوصًا في أوقات الكوارث والأزمات، والطريق إلى الخروج من الشح إلى الوفرة المائية.


المخزون الاستراتيجي
 منذ أغسطس من العام 2016، توقفت المملكة عن استخدام المياه الجوفية كليًّا في خلط المياه، وتجري المحافظة عليه كمخزون استراتيجي لاستخدامه في حالات الطوارئ والكوارث فقط.
ويشير أستاذ الموارد المائية بجامعة الخليج العربي وليد زباري إلى أن أفضل المياه العذبة المتوافرة في المملكة لا تقل معدلات ملوحتها عن 2500 ملليجرام في اللتر، بما يتجاوز معدلات الملوحة الآمنة لمياه الشرب التي لا تزيد عن 500 ملليجرام في اللتر.
تقرير الرقابة المالية والإدارية الأخير علق جرس إنذار جديد عندما أشار إلى انخفاض مستوى منسوب المياه الجوفية في طبقتي “العلات” و ”الخبر” المكونتين لطبقة “الدمام” في العام 2021، وبلوغه معدلات تقل عن المعدل الطبيعي لمنسوب مياه هاتين الطبقتين، وسمح بتسرب مياه البحر والمياه الجوفية المالحة من طبقة “أم الرضمة” إليهما، وتجاوزهما معدلات الملوحة الطبيعية.
وكشف التقرير عن عدم قيام الجهة المختصة بإجراء مسح شامل لآبار المياه الجوفية من 43 عامًا - أي منذ صدور قانون تنظيم استعمال المياه الجوفية – فضلًا عن توقفها عن أخذ قراءات عدادات آبار المياه الجوفية الميكانيكية والبالغ عددها 2480 عدادًا، الأمر الذي يحول دون الوقوف على كمية المياه المسحوبة من تلك الآبار.
وكما رصد توقف الوزارة منذ يناير 2020 عن التفتيش على مواقع آبار المياه الجوفية المرخصة، والبالغ عددها 2660 بئرًا، الأمر الذي لا يمكّن الوزارة من رصد أية تجاوزات من شأنها الإضرار بالمياه الجوفية.


مسح الآبار
وزارة شؤون البلديات والزراعة، في تعقيبها على ملاحظات الرقابة، أكدت عملها على اتخاذ عدد من التدابير والإجراءات اللازمة للمحافظة على مستويات منسوب المياه الجوفية في طبقة الدمام.
وأشارت إلى دراستها وضع معدلات سحب آمنة لجميع القطاعات لا تتعدى مستوى التغذية الطبيعية للخزانات المتجددة، وزيادة عدد آبار المراقبة إلى 7 آبار جوفية، وتركيب 75 جهاز استشعار عن بعد لمراقبة مستوى المياه الجوفية، وترقية منصة مراقبة استهلاك المياه الجوفية الحالية لتستوعب مراقبة المستوى والجودة.
 وبيّنت الوزارة أن العمل جار على تنفيذ مشروع المسح الشامل للآبار، وإعداد الأداة القانونية المناسبة لإلزام القطاع الصناعي والتجاري بإرسال تقارير مخبرية معتمدة للمياه الجوفية المستخدمة في المنشأة بصورة دورية، إلى جانب إلزام أصحاب الآبار بتركيب عدادات ذكية، مما يساعد في معرفة كمية الاستهلاك للمحافظة على منسوب المياه الجوفية، وأخذ القراءات بشكل منتظم.


مياه آمنة
أما المجلس الأعلى للبيئة فقد أكد أن المياه الإقليمية لمملكة البحرين آمنة وغير ملوثة عمومًا، وأن خليج توبلي يخضع لبرنامج مراقبة جودة البيئة البحرية والخواص الفيزيائية والكيميائية له؛ نتيجة تعرضه لتصريف مستمر لمياه الصرف الصحي المعالجة جزئيًّا من محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي.
وأشار إلى أن أعمال رقابته على تسرب النفايات الخطرة للمياه الجوفية، والتي تشمل المياه الجوفية المحيطة بمدفن حفيرة للنفايات الخطرة، انتهت إلى عدم وجود تسرب بعد القيام بجمع عينات من البئرين القريبين من المدفن مرتين خلال العام.


الأمن المائي
تعد الدول العربية من أكثر الدول معاناة لشح المياه في العالم، حيث صنّفت منظمة الإسكوا البحرين ودول الخليج العربية كافة ضمن 13 بلدًا عربيًّا دون عتبة شح المياه المطلقة البالغة 500 متر مكعب للفرد في السنة.
 ويقاس خط الفقر المائي من خلال 3 مستويات ترتبط بالاستفادة من إجمالي المياه المتجددة السنوية المتاحة للفرد تمثل في: ظروف الإجهاد المائي التي تقدّر بمعدل 1700 متر مكعب للشخص الواحد في السنة، وشح المياه الذي يقدر بمعدل 1000 متر مكعب للشخص في السنة، والشح المطلق للمياه الذي يقدر بمعدل دون 500 متر مكعب للشخص في السنة.
ويؤكد تقرير الإسكوا على الترابط الوثيق بين الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة، حيث يعد الإنتاج المحلي للأغذية أكبر مستهلك للمياه في المنطقة، إذ يستأثر هذا القطاع بمعدل 84 % من عمليات سحب المياه الجوفية، وعلى الطرف المقابل تستحوذ تحلية المياه على نسبة عالية من استهلاك الطاقة، وفي البحرين تستحوذ تحلية المياه وحدها على 30 % من إجمالي استخدام الطاقة.


تدهور المياه الجوفية
 ينص المقصد الرابع من الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعنية بالمياه على أنه “بحلول العام 2030، زيادة كفاءة استخدام المياه بشكل كبير في جميع القطاعات وضمان السحب والإمداد المستدامين من المياه العذبة لمعالجة ندرة المياه والحد بشكل كبير من عدد الأشخاص الذين يعانون من ندرة المياه”. 
وسجل المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي بموجز إحصاءاته الصادر في العام 2021 سحب البحرين كميات تزيد بحوالي 33 % من كمية التغذية التي تحصل عليها من المياه الجوفية في العام 2018.
علي المكتوميوفي حديثه حول الموارد المائية الطبيعية في دول مجلس التعاون الخليجي يشير الأستاذ المشارك ومدير مركز أبحاث المياه بجامعة السلطان قابوس علي المكتومي إلى أن نصيب الفرد من كمية المياه المتجددة في دول المجلس سجل انخفاضًا بمعدل 31 % ما بين العامين 2015 و2019. 
ولفت إلى أنه من المتوقع أن تنخفض معدلات الأمطار في المنطقة عما هي عليه اليوم بمقدار يتراوح بين 20 إلى 30 %، بفعل التغيرات المناخية، مما سيفاقم من التحديات الحالية وندرة المياه.
 وحول أسباب تدهور كمية ونوعية المياه الجوفية، يشير إلى أنها تعود لعوامل السحب الجائر، وانخفاض المستويات المائية وجفاف العيون والآبار، إلى جانب غزو مياه البحر والمياه العميقة عالية الملوحة للخزانات الجوفية، والتلوث بواسطة الأنشطة السطحية التي تشمل المياه العادمة ومياه الري الراجعة، ومكبات النفايات وغيرها.
ويؤكد المكتومي في الوقت ذاته عدم جدوى التعويل على الأعاصير والعواصف المدارية والحالات المطرية المتطرفة في تعزيز المخزون المائي الجوفي؛ نظرًا لطريقة جريانها السطحي السريع الذي لا يسمح بتغلغل هذه الأمطار لطبقات المياه الجوفية.

وليد زباري من جهته، يقول وليد زباري: إذا نظرنا إلى تاريخ استغلال المياه الجوفية مع الزمن في مملكة البحرين سنجد أن معدلات سحب المياه الجوفية بما يفوق معدلات تغذيتها قد بدأت منذ سبعينات القرن الماضي عندما تجاوزت قيمة هذا المؤشر 100 %.
وتابع: وتدرجت في الزيادة حتى بلغت ذروتها في العام 1999 عندما وصلت قيمة هذا المؤشر إلى 250 % (أي أن معدلات السحب بلغت أكثر من ضعفي معدلات التغذية)، ولقد أدى هذا إلى انخفاض المناسيب المائية وجفاف العيون بشكل نهائي قبل ذلك وتملح أجزاء كبيرة من المياه الجوفية.
وفي هذا الشأن، يقول الباحث في الشأن البيئي ورئيس مجلس بلدي المنطقة الشمالية شبر الوداعي إن نزف الكواكب في المياه البحرية كان يمثل شكلًا من أشكال هدر الموارد المائية، التي كانت بحاجة إلى خطة فنية تحد من الاستنزاف الطبيعي لهذه المياه، إضافة إلى شبر الوداعيتصاعد حفر الآبار الارتوازية للمياه الجوفية دون رقابة.
 وأشار إلى أنه ورغم ذلك تظل وسائل الهدر مستمرة من العيون الموجودة في عدد ليس ببسيط من المواقع، والتي يجري استغلالها دون رقابة لأغراض تجارية، وذلك يتطلب إجراء مسح لمواقع العيون التي لا تزال مصدرًا للاستغلال الجائر للموارد المائية الجوفية.


قيمة المياه
 وبالعودة إلى قياس تكلفة إنتاج مياه التحلية وما تقدمه المملكة من دعم للمواطنين للشريحة المنزلية على وجه الخصوص، يشير أستاذ اقتصاديات الموارد الطبيعية بجامعة السلطان قابوس سليم زكري إلى أن المياه موارد طبيعية لا يمكن تصنيعها، وأن كمية وليد زكريالمياه على وجه الأرض لا تتغير، إنما يمكن تحويلها ومعالجتها، وإن ما يدفعه المواطن للمياه هو فقط مقابل خدمات المياه.
 وأكد زكري أن تكلفة تحلية المياه في الخليج تعد مرتفعة، وأن ما يدفعه المواطن نتيجة لسياسات الدعم يكاد لا يذكر، وهو أحد مؤشرات الهدر بالنسبة لدول تعاني من ندرة المياه.
 ورأى أن السبيل الأمثل لتغيير هذا الواقع يتمثل في إعادة النظر في سعر تعرفة المياه، مع مراعاة فئة ذوي الدخل المحدود من المواطنين لضمان حقها الإنساني في الحصول على المياه، والتشجيع على استعمال التكنولوجيا الحديثة في المنازل والمؤسسات عبر الحساسات، وإعادة تدوير المياه الرمادية لصالح استخدامات الري، فضلًا عن توظيف أنظمة الري الآلي.
وفي هذا السياق، قدّم وليد زباري نموذجًا لتصميم تعرفة تحافظ على حق الفرد في الحصول على الماء، واسترجاع التكلفة، وتحافظ على الموارد الطبيعية وتحمي البيئة وتحقق العدالة الاجتماعية.
ويقوم هذا النموذج على التعرفة الاجتماعية التي تأخذ في الاعتبار حق الإنسان في الماء، والتعرفة المالية التي تأخذ في الاعتبار استرجاع التكلفة، والتعرفة الاقتصادية التي تأخذ في الاعتبار جميع التكاليف التي يتحملها الجهة الموفرة للخدمة.
ويشير إلى أن التعرفة في البحرين ما زالت لا تتناسب مع مستويات الدخل، ولذلك ينبغي إعادة توجيه الدعم بناءً على حجم الاستهلاك وقيمة الدخل. 


التشريعات والأنظمة
وتعود باكورة التشريعات الخاصة بالمياه في مملكة البحرين إلى صدور المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1980 بشأن تنظيم استعمال المياه الجوفية، والذي اشترط الحصول على التراخيص اللازمة لحفر الآبار أو تغييرها أو تعديلها، وتحديد اشتراطاتها وما يترتّب عليها من رسوم.
وفي العام 1982 صدر المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1982 بإنشاء مجلس للموارد المائية يتبع مجلس الوزراء، ويختص برسم السياسات والاستراتيجيات المائية العامة الهادفة إلى حماية وتنمية الموارد المائية بما يكفل حسن استغلال المياه لمختلف الأغراض، ومراقبة تنفيذها للتأكد من سيرها وفق الخطط المرسومة وبما يحقق الأهداف المرجوة.
وتلا ذلك صدور مجموعة من التشريعات الخاصة بالمياه، كقرارات تعرفة استهلاك مياه التحلية، وتوصيل خدمات المياه، وتنظيم العمل في مجال السباكة، والتسجيل للآبار الارتوازية والبرك، وصولًا إلى إصدار كل من قانون البيئة وقانون الصحة العامة، اللذين تضمّنا جملة من الأحكام والجزاءات الخاصة بالمياه والرقابة عليها، إضافة إلى المرسوم بقانون الصادر مؤخرًا بشأن تعديل قانون الصرف الصحي والمياه السطحية. 
إن هذه القوانين والقرارات إلى جانب جملة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية، باتت تشكّل منظومة متقدمة ومتكاملة من التشريعات التي يمكن البناء عليها في إدارة هذا القطاع والنهوض به.
ويرجع شبر الوداعي معوقات تطبيق الأنظمة القانونية إلى ضعف آليات الرقابة وضعف مسؤولية الالتزام بتطبيق القانون، وكذلك ضعف الوعي الفردي والاجتماعي بأهمية الالتزام بقواعد القانون، وأن ذلك ينساق في واقعه على منظومة العلاقة فيما يخص معوقات تطبيق القوانين في شأن إدارة الرقابة القانونية على الهدر المائي.


أرقام الهيئة
وبالعودة إلى إحصائيات هيئة الكهرباء والماء، فقد سجل العام 2022 ارتفاعًا باستهلاك المياه العام في المملكة بلغ 201.6 مليون متر مكعب، مقابل 353 لترًا في اليوم كمعدل استهلاك الفرد من المياه.
وسجل إجمالي عدد الحسابات الجارية للمشتركين 419 ألفًا و700 حساب، مقابل 248,295 ألف مشترك منهم 199,088 ألف مشترك بحريني و49,207 ألف مشترك غير بحريني.
وأشار تقرير الهيئة السنوي إلى انخفاض معدلات التسرب في العام 2022 بمعدلات بلغت 35633 مترًا مكعبًا باليوم من إجمالي 7782 حالة كشف، مقابل 55243 مترًا مكعبًا باليوم في 2018 شملت 14566 حالة كشف.
وبلغ حجم الاستهلاك المنزلي من إجمالي الاستهلاك السنوي 156.1 مليون متر مكعب، فيما كان نصيب القطاع التجاري 40.2 مليون متر مكعب، وبلغ حجم استهلاك القطاع الصناعي 5.3 مليون متر مكعب. 
يحيى العتيبيويرجع أستاذ التعليم الإرشادي المساعد بكلية علوم الأغذية والزراعية بجامعة الملك سعود، يحيى العتيبي، عوامل زيادة استهلاك المياه إلى الزيادة السكانية، والنمو السريع في القطاع البلدي، إلى جانب مشاكل البنية التحتية، وتحسين مستوى المعيشة، وتغير أنماط الاستهلاك، فضلًا عن تدني أسعار المياه، ومحدودية كفاءة حملات التوعية.


طاقة التحلية
 أمام هذا الواقع، تتضح الأسباب التي دفعت دول المنطقة للاتجاه المتسارع نحو تحلية المياه، إلى درجة باتت تمتلك فيها المنطقة وفق تقرير منظمة الأسكوا 50 % من طاقة التحلية في العالم.
يقول وليد زباري: مع منتصف القرن الماضي دخلت فيه دول الخليج العربية عصر تصنيع المياه من خلال بناء محطات التحلية، فيما شهدت فترة السبعينات طفرة كبيرة في التحلية.
وأشار زباري إلى أنه في العام 2019 صرفت دول الخليج العربي 80 مليار دولار على مشاريع المياه والصرف الصحي، ورغم امتلاكها لنحو نصف طاقة التحلية في العالم، إلا أنها ما زالت لا تمتلك هذه التقنية.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن تشهد العقود القادمة توسعًا في بناء محطات التحلية، مصحوبة بتكاليف باهظة، مالية واقتصادية وبيئية، مع توجه نحو الاعتماد على تقنية الأغشية، لأسباب عدة منها كونها أقل تأثيرًا على البيئة، وإمكانية استخدام الطاقة البديلة لتشغيلها.
سيف الشقصيأما رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للمياه سيف الشقصي فقد عزا تحديات قطاع التحلية إلى التكلفة العالية لإنتاج المياه، والمد الأحمر، وتلوث مياه البحار المؤثرة على مياه التحلية، والقصور في توطين الصناعات الخاصة بمحطات تحلية المياه، إلى جانب عدم كفاية التكامل بين محطات التحلية ومنظومة النقل والتخزين.
 ووفقًا لأرقام هيئة الكهرباء والماء فقد بلغ إنتاج المملكة من المياه المحلاة 60,547 مليون جالون امبراطوري للعام 2022، مقابل قدرة إنتاجية للمحطات الحكومية والخاصة تصل إلى 213.22 مليون جالون امبراطوري في اليوم، موزعة على المحطات الحكومية المتمثلة في محطة رأس أبوجرجور ووحدات التناضح العكسي ومحطة حوار، ومحطات القطاع الخاص المتمثلة في شركة الحد للطاقة، وشركة الدور للطاقة والمياه، وشركة هيا للطاقة والتحلية، وشركة البا.


المياه المعالجة
88 مليون متر مكعب، هذا ما تنتجه البحرين من المياه المعالجة، والمستفيد 430 مزرعة وعدد من الطرق الرئيسية. 
 إن أهمية هذا المورد من المياه جسّدها مؤخرًا استحداث وزارة الأشغال خدمة جديدة لطلب التزود بالمياه المعالجة؛ لإعادة استغلال هذه المياه في أغراض الري والمجالات الأخرى.
في هذا الشأن يقول وليد زباري “إن مياه الصرف الصحي أصبحت مهمة وذات قيمة اقتصادية، وهي المصدر الوحيد المتجدد في دول الخليج العربي، وعدم استخدامها في ظل الندرة المائية يعد خسارة اقتصادية كبيرة من خلال إلقائها في البحر”.
وأشار إلى أن المياه المعالجة تعد منخفضة التكاليف وأن إنتاجها أمر تفرضه الاعتبارات البيئية، فضلًا عن كونها مياه متجددة تزداد مع استهلاك المياه البلدية، وإمكانية استخدامها في التغذية الصناعية للمياه الجوفية.
 وعَزَا زباري محدودية استخدام هذه المياه إلى مجموعة من المعوقات الاجتماعية والصحية والنفسية والاعتقادات الدينية، إلى جانب المعوقات المالية والاقتصادية المتمثلة في عدم القدرة على استرجاع التكاليف في عمليتي المعالجة وإعادة الاستخدام.
ويؤكد زباري أن البحرين من الدول التي بإمكانها الاعتماد على هذه المياه اعتمادًا كليًّا للزراعة ولا تحتاج إلى مياه أخرى، إلا أن ذلك يتطلب توفير جهة محايدة تضمن للمزارعين جودة المياه وصلاحيتها للاستخدام، وتمنحهم الثقة بالمياه وضمان وصولها.
ويشير رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للمياه سيف الشقصي إلى أن دول مجلس التعاون تنتج أكثر من 2 مليار متر مكعب سنويًّا من المياه المعالجة، مشيرًا إلى أنه رقم متدنٍ جدًّا بالمقارنة بحجم صرف شبكات المياه.


عادل المعاودةالرأي الفقهي
حرصنا في هذا التحقيق على استيضاح الموقف الديني من استخدام المياه المعالجة بعد استعادة خواصها كمياه نظيفة، نظرًا لما تمثله المحاذير الدينية كأحد أبرز المعوقات لاستخدام هذه المياه.
يقول عضو مجلس الشورى فضيلة الشيخ عادل المعاودة إن الحكم بتنجس الماء عائد إلى مخالطته النجاسة، وعند فصل النجاسة عن الماء وعودته إلى أصله من الطهورية، ماءً نقيًّا في لونه وطعمه ورائحته وخصائصه كافة، عندها تعود له طهارته كما كان، باعتبار أن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا. 
جواد بوحسينأما عضو مجلس الشورى فضيلة الشيخ جواد بوحسين فيشير إلى أن لتطهير الماء النجس حالات، ومنها كما هو في فرض السؤال، أن يكون الماء المتنجس كثيرًا وغير نابع، فلا يطهر إلا بزوال التغير ونزول المطر، أو اتصاله بكر أي بماء كثير أو بنبع على شريطة أن يصير الماءان واحدًا. 


قطاع مستدام
يطل الأمن المائي برأسه، كأحد الملفات الكبرى التي تواجه مخاطر وتحديات حقيقية.
ومع ظروف الندرة، ما زالت الكثير من عمليات سحب المياه الجوفية تتم خارج نطاق التغطية، ولعلّ أبرزها ما رصده المجلس البلدي الشمالي في العام 2020 من سرقة مياه جوفية لفترة تصل إلى 20 سنة لري مزارع، قدرت قيمتها بنحو 3 ملايين دينار.
وفي قبال المخاطر والتحديات، ثمة فرص وتجارب قادرة على إنعاش هذا القطاع، وتحويله إلى قطاع مستدام، من خلال توسيع الاستفادة من المياه المعالجة، واستغلال الطاقة النظيفة في إنتاج مياه التحلية، ودراسة استخدام التقنيات الحديثة كإنتاج المياه من الهواء باستخدام الطاقة الشمسية، التي تعد من أحدث التقنيات الواعدة، والملائمة جدًّا لمناخ المنطقة.
كما وتقتضي المعالجة العمل على وضع أنظمة تضمن مواكبة مشروعات الصرف الصحي وتيرة النمو العمراني المتسارع، مع رفع مستوى الوعي الاستهلاكي عبر مناهج التعليم ووسائل الإعلام، بما يحافظ على الموارد ويساعد على استرداد تكاليف تحلية ومعالجة المياه والدعم.