فيلم "أخفاء صدام حسين" عمل سينمائي يكذب !
ضمن تظاهرة روائع عربية في مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي في دورته الثالثة 2023 تم عرض فيلم "أخفاء صدام حسين" للمخرج العراقي الكردي النرويجي الجنسية هالكوت مصطفي .
المتن الروائي للفيلم يروي حكاية علاء نامق، المواطن العراقي الذي أخفى الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لـ 235 يومًا في قرية راوه جنوب تكريت، في الوقت الذي كان به كان الرئيس الأسبق ملاحقًا من قبل آلاف الجنود الأمريكيين، بعد التدخل الاميركي .2003
الفيلم يأخذنا الى حكاية علاء نامق الفلاح العراقي الذي استضاف وأخفي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على مدى 235 يوما وسط ظروف ومطاردات (حسب ما جاء في مشهديات الفيلم)، وهذه الاحداث تأتى من وجهة نظر احادية الجانب تنطلق من وجهة نظر ذلك المواطن الذي يعترف في بداية الفيلم بانه لا يعرف ان ( الرئيس ) والتي يكررها في كل جملة يريد بها اسم صدام حسين بانه كان دكتاتورا، او انه قتل الاكراد وغيرها من المغامرات الى خاضها على مدي سنوات حكمة وتسلطه.
فيلم يحاول تلميع صورة صدام حسين وبانه انسان وطيب، حتى انه قام بغسل ظهر علاء نامق بل وتليف !
عمل يظل يسرد كم من الحكايات عن نقل صدام من مكان الى اخر وان صدام ( حلم ) به وبأسرة ( نامق ) للذهاب إليهم واللجوء عندهم . وكم اخر من الحكايات التي تعزف على وتر واحد هو ( تلميع ) صدام حسين . بل ان الجملة الاخيرة التي تأتي على لسان السيد علاء تشير الى ان صدام حسين كان انسانا طيبا رحيما خلوقا وغيرها من الاوصاف وكان صدام حسين لم يرتكب كل تلك الجرائم في العراق من شماله الى جنونه، ثم إيران، ثم دولة الكويت وغيرها من المغامرات التي خلفت الملايين من الشهداء، والقتلى، والمهجرين، والجرحى.
فيلم "أخفاء صدام حسين" يكذب ويزيف الحقائق وهو امر مستغرب من مخرج كردي الاصل حتى وان قال الجملة التالية في الحوار الذي تم بعد نهاية العرض في الصالة فوكس رقم 7 في ريد سي مول حيث قال :
( إنا كردي الأصل ومن المعروف أن صدام حسين قد ارتكب مجازر ضد الأكراد، وإن رؤيته في الفيلم نابعة من كونه نرويجي وليس عراقيًا، وانا صنعت فيلمًا عن الشخص الذي أخفى صدام وليس عن صدام نفسه )
كما وصف الفيلم بقوله: (تجربتي في الفيلم تجربة الصعبة التي لا يتمنى تكرارها مجددا ) .
كيف لمبدع سينمائي بقيمة ومكانه المخرج الكردي هالكوت مصطفي والذي شاهدنا له الفيلم الرائع ( كلاسيكو ) في مهرجان دبي وعدد اخر من المهرجان ان يذهب الى فيلم يتمحور حول شخصية صدام حسين دون ان يعرية ويكشفه ويبرر عدم الذهاب الى تلك الحقائق بانه صنع فيلما عن رجل ( أخفى ) صدام حسين وكأنه صدام حسين شخصية بلا تاريخ او ملامح اجرامية مدمرة .
ورغم كمية المشهديات الوثائقية التي استعان بها الفيلم بالذات حول الممارسات الاميركية تجاهل الفيلم الا من صورتين او ثلاثة عن احداث حلبجة حتى لا يقف حرجا امام الاكراد حول العالم والذين كان صدام حسين سببا مباشرا في عذاباتهم وهجرتهم في الامصار .
بينما ينتهي الفيلم بجملة صريحة وواضحة على لسان السيد علاء نامق بان صدام انسان رائع عاش معه وعرفة في الوقت الذي يكرر اكثر من مرة بانه بان يعود صدام ويخرج سالما من تلك الازمة ليكون أحد مساعديه .
اشتغل المخرج على خطين الاول الحوار مع السيد علاء نامق والثاني التفسير المصور لتلك الحوارات وكأننا امام تعليق مصور على الحوار في مشهديات راحت تتكرر حيث مجموعة جمل للسيد علاء نامق وبعدها مباشرة مشهد بصري يوضح ما قاله، ونشير الى ان هناك مشهديات نفذت بمواصفات انتاجية عالية تم خلالها استخدام الدبابات والجنود والاليات العسكرية وعدد من المواقع وان ظل الموقع الاساسي هو المزرعة .
فيلم "أخفاء صدام حسين" يظل يعتمد على وجهة نظر احادية الجانب تسير في اتجاه واحد لتخلص الى تلك المقولة التي تريد من العالم ان ينسي ما فعلة صدام حسين سواء في العراق او غيرها . لتنتهي وعلى لسان صاحب الرواية السيد علاء نامق بان صدام حسين نموذج للإنسانية يبكي على ابناءه، ويحافظ على شعبه، ويشوي اللحمة للضيوف، ويغسل ظهر الرجل الذي استضافه، هكذا تكون وجهة النظر الاحادية وهكذا يكون الفيلم حينما يجرد المخرج نفسه من القضايا الكبري لعل من بينها هجرته وعذابات اهله بحجة انه ( لم يصنع فيلما عن صدام حسين، بل صنع فيلما عمن اخفاه).
ويبقي ان نقول، فيلم "أخفاء صدام حسين "للمخرج هالكوت مصطفي يزيف الحقائق ويكذب !