بعيدًا عن الخسائر المباشرة في الأرواح والبنية التحتية، والدمار الذي ولدته حرب غزة 2023، هناك التداعيات الاقتصادية التي تولدها مثل تلك الحروب.
وقد تناقلت وكالات الأنباء وقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس شعبة الموازنة بوزارة المالية الإسرائيلية في مطلع شهر نوفمبر 2023، الذي كشف فيه بالأرقام الخسائر التي كبدتها انتفاضة “طوفان الأقصى” للاقتصاد الإسرائيلي.
فحسب ما اعترف به رئيس شعبة الموازنة بالمالية يوغيف غيردوس، أنه “خلال الأسابيع الثلاثة للحرب - بلغت الأضرار التي لحقت بالموازنة 30 مليار دولار موزعة على النحو التالي: 5 مليارات دولار كلفة السلاح والحرب، و2.5 مليار دولار لتمويل إخلاء السكان ودعم السلطات المحلية”، مشيرا إلى أن هذه التكلفة لا تشمل الأضرار المباشرة التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بعد عملية “طوفان الأقصى”.
ووفقًا لتقديرات غيردوس، فإن “نفقات القتال في اليوم الواحد تكلف نحو 250 مليون دولار”. وهذا الإنفاق عرضة للتنامي مع استمرار القتال.
وقدرت وزارة المالية الإسرائيلية، كما اعترف غيرودوس، الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد بنحو 2.5 مليارات دولار، لكل شهر من القتال. وسيؤثر ذلك، بشكل مباشر على سرعة النمو في الاقتصاد فيما تبقى من العام 2023. وعلى نحو مواز، أوردت المحررة في محطة “CNBC” العربية، لمياء نبيل، نقلًا عن صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، تقديرات بأن “الحرب مع حماس ستكلف إسرائيل ما لا يقل عن 6.7 مليار دولار بحسب توقعات بنك (هبوعليم)”، مضيفة أن “الحرب تأتي في وقت مليء بالتحديات بالنسبة للاقتصاد، إضافة إلى أن صندوق النقد الدولي حذر من أن الاقتصاد العالمي يواجه حالة جديدة من عدم اليقين؛ بسبب عوامل منها الحرب بين إسرائيل وحماس”. وتوقعت لمياء أنه “مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، تتزايد التحذيرات اليومية التي تطلقها العديد من التقارير الاقتصادية بشأن تضرر الاقتصاد الإسرائيلي من طول أمد الصراع”.
من جانب آخر، يتوقع موقع فضائية “الحرة” القريبة من مصادر صنع القرار في البيت الأبيض، نقلًا عن صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن “الحرب على غزة أحدثت هزات صادمة في اقتصاد إسرائيل البالغ حجمه 488 مليار دولار، ما أدى إلى تعطيل آلاف الشركات، وإرهاق المالية العامة، وإغراق قطاعات بأكملها في أزمة”.
وكان البنك المركزي، حسبما جاء على الموقع ذاته “قد خفض من توقعاته للنمو، وحذر من التأثير السلبي للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي والأسواق المالية، مشيرًا إلى أن النمو سينخفض إلى معدل سنوي قدره 2.3 % العام الجاري و2.8 % في 2024، مقارنة بمعدل نمو متوقع يبلغ 3 % لكلا العامين، في أغسطس، إذا ظلت الحرب مستمرة في غزة. وانخفض الشيكل الإسرائيلي بالفعل إلى أدنى مستوى له منذ 14 سنة”.
وكما نقل الإعلامي محمد وتد على لسان أليكس زبينسكي كبير الاقتصاديين في شركة الاستثمار “ميتاف”، أنه من المتوقع أن “تصل أضرار الحرب إلى أكثر من 18 مليار دولار، وهو ما يشكل نحو 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي”.
يضاف إلى ذلك، كما جاء في تقرير محمد وتد، 4.25 مليار دولار، هي إجمالي “تكلفة التعويضات لجميع الضحايا والمتضررين من الأفراد والشركات”.
كانت تلك الخسائر المباشرة التي سوف تتكبدها إسرائيل، لكن على المستوى الدولي، حذرت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، في عدده الصادر صباح يوم الجمعة الموافق 17 نوفمبر الجاري، نقلًا عن البنك الدولي من “أن تصاعد الحرب في غزة قد يسفر عن تضرر بالغ للاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل وضعا سيئا”.
وأوردت تصريحًا لـ “كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي، إندرميت غيل”، جاء فيه “أن النزاع بين إسرائيل وحماس يأتي فيما تضغط الحرب الروسية - الأوكرانية على الأسواق، التي أحدثت أكبر صدمة على أسواق السلع الأساسية منذ السبعينات، وكان لذلك تداعيات تسببت في اضطرابات للاقتصاد العالمي، ما تزال قائمة حتى اليوم، مسترسلًا أنه يتعيّن على صانعي القرارات التيقظ، فإذا تصاعد النزاع، فسيواجه الاقتصاد العالمي صدمة طاقة مزدوجة للمرة الأولى منذ عقود، من الحرب في أوكرانيا، والنزاع في الشرق الأوسط”.
وحسب توقعات البنك الدولي التي أوردتها الصحيفة، فإن “التضخم المحتمل سيعتمد على ما سيحدث لأسعار النفط العالمية والصادرات. وفي إطار سيناريو يُعد متفائلاً، يمكن للنفط أن يرتفع بنسبة ما بين 3 و13 %، أي ما بين 93 دولارا و102 دولار للبرميل. ووفق سيناريو وسطي، يمكن أن ترتفع الأسعار إلى 121 دولارا، بينما سيبلغ النفط وفق أسوأ سيناريو، ذروة أسعار تتراوح ما بين 140 و157 دولارا، ليتجاوز أسعارا غير مسبوقة منذ العام 2008”.